موقف السعودية وبكركي "مبدئيٌّ دستوريّ" درءاً لفراغ الجيش

عزَّز الموقف المؤَكَّد عليه في كواليس زيارة السفير السعودي وليد البخاري إلى الصرح البطريركي "البُنية اللبنانية" الهادفة تجنيب البلاد "قحولة الشغور" على مستوى قيادة المؤسسة العسكرية، وسط إبداء قلقٍ صريح أعربت عنه قراءة ديبلوماسية في ذروة لحظة بالغة الدقّة على "مفترق مصير" إحدى أبرز مؤسسات الدولة الصامدة في أعتى الأعاصير المواجهة للكيان. وإذ استُنْتِج من أوج اللقاء "الاستثنائيّ التوقيت" والمثني على المواقف السيادية للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي استدلالاً أساسيّاً فحواه رفض الفراغ في الجيش اللبناني، فإنّه عبّر عن موقف صريح للمملكة العربيّة السعوديّة في دعم المؤسسة العسكرية اللبنانية وضرورة توحيد الجهود وتغليب المصلحة الوطنية درءاً للفراغ في "برج القيادة". ولم تُغْفل توصيات البخاري أيضاً، بحسب ما انبثق عن "المداولات الحثيثة" في بكركي، أهمية التزام المندرجات الدستورية بما في ذلك انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

وإذا كانت حذافير القراءة السعودية تخشى تبعات التدحرج المؤسّساتيّ نحو الفراغ الذي يشهده لبنان مع "فوضى مبعثرة" بعيداً عن انتهاج ما يقوله الكتاب، فإنّ المعطيات والأجواء التي استندت إليها زيارة البخاري إلى بكركي تؤكّد انطلاقاً من تأكيدات النائب العام البطريركي المطران سمير مظلوم، "تبلور تقاطع الموقف السعودي مع بكركي على أساس المبادئ والدستور وليس الأشخاص في اعتبار أنّ القضية ليست متوقّفة عند من يشغل المنصب القيادي على مستوى الجيش اللبناني، بل إنّ المسألة أشمل وأكبر وتعتبر بمثابة قضية مبدأ ودستور ودولة منهارة وضرورة الخروج من أزمة خانقة يعانيها الشعب اللبناني. وكذلك، إنها قضية انهيار دولة مع تأكيد ضرورة الوعي والاستعداد للتضحية في المصالح الخاصة ملاقاةً للمصلحة العامة للدولة والعمل عليها".

واستناداً إلى مضامين ما يؤكّده المطران المظلوم لـ"النهار"، إنّ "القضية لا تُعتبر ذات أبعاد شخصية بالنسبة إلى الصرح البطريركيّ أو الموقف السعوديّ على السواء، مع التأكيد على الاحترام الذي تبديه بكركي لشخص قائد الجيش، بل إنّها بمثابة قضية مبدئية دستورية بحتة تنطلق منها الدول الصديقة المتحدثة من منطلق مبدئيّ ودستوريّ، في وقت توضع المحاولات الحاصلة لعرقلة مسار المؤسسة العسكرية في إطار استكمال الالتفاف على القانون والدستور وتفتيت المواقع المارونية في مؤسسات الدولة بدءاً من الشغور المستمرّ في موقع رئاسة الجمهورية". وإذ تتلاقى انطباعات سفارة المملكة السعودية مع البطريركية المارونية الواضحة إزاء ضرورة صون مؤسسات الدولة، فإنّ "المعيار الأساسي يتمثّل في أهمية الاستماع إلى الأصوات المنطقية المنادية بضرورة تجنيب المؤسسة العسكرية الفراغ". وإذ يتمثل السؤال في كيفية التصدّي للاتجاه الحاصل إلى واقع التسويف في التمديد ثمّ الفراغ الذي يمكن أن تنحو إليه المؤسسة العسكريّة، فإنّ بكركي "لن تحكم على النيّات بل على الوقائع، فيما أدّى ما حصل حتى اللحظة إلى هدم ما يقارب 85 في المئة من مؤسسات الدولة. وتستمرّ البطريركية المارونية في المواجهة ومحاولة توعية الضمائر والتذكير في المبادئ الدستورية الأساسية وليأخذ كلّ شخص مسؤوليته".

في غضون ذلك، تطمئن التكتلات السيادية المؤيدة التمديد لقائد الجيش أن المواقف الداعمة منهج استمرار المؤسسات، مع رضاها على الأداء المقوّي مطلب تمديد ولاية قائد الجيش الذي وضعته "أولوية الأولويات" بعيداً عن المحاولات السياسية التي يُراد منها الانتقال إلى الشغور المؤسساتي في الجيش. وتنوّه في ما تضمّنه الموقف السعودي على مستوى الاستحقاقات الاستراتيجية المؤثرة على أوضاع البلاد، مع الإشارة إلى أهمية تشكيل المجتمع الدوليّ الجزء الأساسي من دعامة البلد ودستوره، خصوصاً مع تشكيل لبنان شريكاً هاماً للمجتمع الدولي وضرورة البناء على العلاقات والمصلحة اللبنانية العامة. وهناك تعويل واضح على الدور التفاعليّ الدولي مع اعتبار منطلقات الموقف السعودي عروبية التوجّه انطلاقاً من موقعه في جامعة الدول العربية والريادة العربية الإسلامية بعيداً من منطق الإملاءات، بل حرصاً على الدستور خصوصاً مع اعتبار لبنان من المؤسّسين للمنظمات العربية والدولية. وثمّة ملاحظات جلية حول الخروقات الدستورية المتمادية التي تشجبها المقاربة العربية والدولية بما في ذلك السعودية حرصاً على ما يتماشى مع الدستور اللبناني والميثاق الوطني والقوانين وحفظ صلابة دور المؤسسات الشرعية الرسمية وفي مقدّمها الجيش اللبناني بدلاً من وضع القوى "الممانعة" في مواجهة القوى السيادية.