موقف دياب اللافت بشأن التعيينات.... مدعوم من حزب الله؟

قلبَ رئيس الحكومة حسان دياب طاولة المحاصصة على تعيينات نواب حاكم مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف وهيئة الاسواق المالية في وجه القوى السياسية المُتحاصصة، بسَحب هذه التعيينات من جدول اعمال مجلس الوزراء لعدم مراعاتها الكفاية والاختصاص، و استتبع دياب خطوته هذه بقرار مجلس الوزراء الطلب من وزير المال «مراسلة حاكم مصرف لبنان بهدف البحث في إمكانية خفض الرواتب والمخصّصات في المصرف وفي هيئة الرقابة على المصارف وهيئة الاسواق المالية»، في الوقت الذي تساءل المراقبون عمّا استند اليه دياب حتى يتخذ هذا الموقف في مواجهة الطبقة السياسية التي تحاصصت وتقاسمت مغانم البلد على مرّ السنين، وهل انه سيتصدى لجمعية المصارف التي تمارس الاذلال و»الهيركات» المقنّع ضدّ المودعين والموظفين الذين تحتجز أموالهم، في الوقت الذي تمرّدت المصارف على قرار مجلس الوزراء يوم إعلان التعبئة العامة لدرء خطر كورونا بالاقفال وتطيل معيشة المواطنين في تَحدّ سافر للسلطة التنفيذية ساهم في تعميق الازمة اكثر فأكثر، خصوصاً في خطر كورونا الذي يتهدد اللبنانيين جميعاً.

ولكن بَدا من بعض المواقف انّ دياب ربما يكون قد استند في قراره الى دعم قوى وكتل سياسية ونيابية، اذ كان الملفت صَمت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال الجلسة وعدم تعليقه على كلمته ما اعتبره البعض علامة رضى، في الوقت الذي كانت كتلة «الوفاء للمقاومة»، التي تجمع نواب «حزب الله» مع حلفائه، تؤكد انّ «على الحكومة، ازاء ملف التعيينات المالية المطروحة، ان تجهد لاعتماد آلية نوعية من اجل اختيار اصحاب الكفاءة والخبرة والنزاهة بعيداً عن المحاصصة المعتادة، وذلك لضمان رقابة دقيقة على أداء المؤسسات النقدية والمصرفية في البلاد».

كذلك ربما يكون دياب قد استند في موقفه ايضاً الى كتاب تلقّاه من لجنة الادارة والعدل، جاء فيه «انّ اللجنة تدرس اقتراح القانون الذي تقدمت به لإقرار آلية علمية للتعيينات الادارية تراعي الكفاءة والشفافية بعيداً عن منطق المحاصصة. وانّ المطلوب عدم إجراء اي تعيينات قبل إقرار القانون والسهر على تطبيقه».

وينتظر ان يتفاعل موقف دياب من اليوم، ما يعني انّ كل الترشيحات المطروحة للمراكز المالية على جدول أعمال مجلس الوزراء باتت في خبر كان او ربما ستخضع لغربلة دقيقة لجهة اختيار اصحاب الكفاءة بعيداً عن اي محاصصة.

الى ذلك قالت مصادر وزارية محايدة لـ»الجمهورية» انّ خطوة دياب بسحب التعيينات كانت انطلاقاً من ثلاثة أسباب:

ـ الاول، انه شعر انه سيدخل في مواجهة سنية عنيفة بعد موقف 4 رؤساء حكومة سابقين ودار الافتاء والرئيس سعد الحريري.

الثاني، خوفه من عودة تحرّك الشارع رافضاً مبدأ المحاصصة في هذه التعيينات كما كان يحصل في السابق.

ـ ثالثاً، لا يريد للحكومة ان تتصدّع بانسحاب تيار «المردة»، أحد مكوناتها المسيحية الاساسية، فيما يغيب عنها أصلاً اطراف مسيحيون آخرون منهم «القوات اللبنانية» وحزب الكتائب. ففضّلَ الهروب من المواجهة بالاحتماء وراء مشروع قانون يعلم صعوبة إقراره حالياً في ظل هذه الظروف.

وقال مرجع سياسي متابع لـ»الجمهورية» انّ دياب «بدأ يشعر بسخونة اللعبة السياسية الكبرى وبكبر حجمها، إذ في خلال أقل من اسبوع هَدّد مكونان داخل حكومته بالانسحاب منها، ما شَكّل نذير شؤم لها وهي لا تزال في اول ايامها وعلى كتفيها ملفات ثقيلة وأطلقت على نفسها عنوان «حكومة مواجهة التحديات»، والمقصود اولاً مواجهة ما كان يحصل في السابق والنهج السياسي الذي كان متّبعاً في السابق».

وعَزا المرجع الاسباب ايضاً الى كون دياب «مُحاط بمجموعة خبراء عددهم كبير، ولكن خبرتهم قليلة في ادارة اللعبة السياسية المعقّدة باستثاء الوزير دميانوس قطار، الذي يحاول مراراً التدخّل قبل الانزلاق الذي يجرّه اليه رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل في ادارة الملفات السياسية الداخلية».