نحن في قلب عاصفة التوتّرات… ماذا في خطّة الحكومة للاستجابة إذا اندلعت الحرب في لبنان؟

دخل لبنان قلب عاصفة التوترات التي تضعه أمام سيناريوهات مفتوحة، أسوأها الحرب. ففيما تشهد الجبهة الجنوبية اشتباكات ميدانية على الحدود، أوصت دول عديدة رعاياها بمغادرة لبنان وعدم لسفر إليه، وتتحضّر الهيئات مثل الصليب الأحمر والصليب الأحمر الدولي وتتزوّد بالموارد والتجهيزات تحسّباً لأيّ هجوم. في هذا الإطار، وفي خطوة احترازية، تعمل الحكومة حالياً على وضع خطة طوارئ للاستجابة، في حال أيّ هجوم إسرائيلي على لبنان.

‏في هذا السياق ‏كلّف رئيس حكومة تصريف الأعمال ‏وزير البيئة ناصر ياسين التنسيق بين مجلس الوزراء والمنظمات الدولية وبين هيئة إدارة الأزمات والكوارث، لتسهيل الخطط التي وُضعت والعمل على تنظيمها وتحسين جهوزيتها إذا ما حصل أيّ عدوان على لبنان.

وانطلقت خطة الحكومة الاستباقية للاستعداد لسيناريو الحرب المطروح، على نوع من المحاكاة مع حرب تموز 2006 وهي الحرب الأخيرة التي شنّتها إسرائيل على لبنان.

ويشرح ياسين في حديث لـ"النهار"، أنّ هناك أربعة أمور أساسية ترتكز عليها الحكومة في خطتها:

– أولاً، الصحّة، سواء للمصابين والجرحى، أو للمرضى. وفي إطار هذه الخطة، أكثر الوزارات التي ستكون على خط الاستجابة هي وزارة الصحّة.

– ثانياً، الإيواء، ومناطق تحضيره وتجهيزه، بالتنسيق بين وزارة الشؤون الاجتماعية والشباب والرياضة والداخلية.

‏– ثالثاً، الغذاء، وتأمينه لعدد هائل من النازحين، وهناك تنسيق بين برنامج الأغذية العالمي ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الزراعة لتأمين الغذاء ولا سيما إذا ما طال العدوان.

– رابعاً، المياه والنظافة، وهنا تضع اليونيسيف جزءاً من مواردها في هذا الإطار.

‏هذه الأمور أساسية يجب استيعابها بالدرجة الأولى، وتأتي بعدها الأمور الأخرى كتأمين الاتصالات والكهرباء وغيرها.

على مستوى نقاط الإيواء والصحة، وتأمين سلامة النازحين من المناطق التي قد تشهد عدواناً، والتكفّل بجميع احتياجاتهم، يوضح ياسين أنّه قُسّمت المناطق جغرافياً بناءً على مستوى الخطر الذي قد تحمله، لإيواء الناس. أولاً، المناطق الأكثر عرضة للعدوان التي تختلف استجابتها عن باقي المناطق، وهي كما بات معلوماً جنوب لبنان والضاحية الجنوبية وبعلبك. ثانياً، المناطق التي ستتحوّل إلى خط دفاع أول لناحية استقبال النازحين من الحرب، وتكون مناطق الإغاثة، وهي الأقرب إلى المناطق المقصوفة، مثل مدينة صور وبيروت وصيدا وزحلة، والبقاع الغربي. أمّا المناطق الأخرى على امتداد لبنان، فهي تكون مناطق إيواء، ونتحدّث عن جبل لبنان والشمال.

وقد وُضعت لكل منطقة آليّة خاصة للاستجابة وكيفية التعاطي في كل منها، كما وُضع تنسيق مفصّل على القطاعات والمناطق الجغرافية لتشمل عمليات إنقاذ المصابين، بالتنسيق مع الدفاع المدني والصليب بالأحمر والجيش ووزارة الداخلية.

‏وفيما يجري الحديث منذ أسبوع حول تنسيق الخطة، وبعد الاجتماع الذي عقدته الحكومة مع المنظمات الدولية اليوم، اتُفق على إنشاء آلية معيّنة للبدء بالتنسيق على المستوى الكلي لخطّة الاستجابة، وعلى مستوى كل مكوِّن أو جزء من القطاعات. وهنا يتحدّث ياسين عن آلية التنسيق ما بين الوزارات والمنظمات الدولية لتبلغ كل وزارة عن احتياجاتها. 

‏كذلك تسعى الحكومة لتعزيز مواردها. وإذا أظهرت أرقام الأمم المتحدة أنّ عدد النازحين من جراء عدوان تموز 2006 من المناطق التي تعرّضت للاعتداء كان 800 ألف، تأخذ الحكومة حالياً في الاعتبار ازدياد عدد السكان منذ هذا التاريخ حتى اليوم. وحينها، 80 في المئة من السكان نزحوا إلى أقاربهم أو إلى منازل استأجروها، والـ20 في المئة الباقون لجأوا إلى المدارس الرسمية.

لذلك، تعمل الخطة حالياً على حدّ أقصى من النازحين بعدد يحاكي المليون ونصف مليون. بالتالي، هذا العدد يحتاج إلى مراكز إيواء أكبر. وفيما جميع هذه الخطط تبقى نظرية، قد تتغيّر أمور كثيرة ميدانياً، لكن أقلّه أن نكون جاهزين للضربات الأولى في حال وقوعها.

‏وقد أكّدت هيئة إدارة الكوارث التابعة لاتحاد بلديات قضاء صور، أنّ حوالي 4600 نازح حتى اليوم نزحوا من القرى الحدودية إلى المدارس الرسمية، منذ بداية التوترات الراهنة.

ويوضح ياسين أنّه في إطار التنسيق مع المنظمات الدولية والجهات المانحة، تعمل المنظمات حالياً على تغيير وجهة مواردها تماشياً مع خطة الطوارئ التي تضعها الحكومة، وتعمل على تحويل قنوات استخدامها، لكن من المؤكّد أنّنا سنطلب مساعدات إضافية. 

‏كذلك، يذكر ياسين أنّ خطة الحكومة الحالية تشمل أيضاً النازحين السوريين، فيما تعمل UNHCR على التنسيق على هذا المستوى جغرافياً وصحياً. ‏وفي ما يتعلق بالشق الصحي للنازحين السوريين، تتولى المفوضية، كما في العادة هذا الملف، وهي على تنسيق مع وزارة الصحة حول تنفيذ هذه الآلية خلال الهجوم.