المصدر: وكالة أخبار اليوم
الاثنين 30 تشرين الثاني 2020 16:49:59
فيما تستمرّ إيران ببثّ أجواء الرّعب من زلازل وبراكين مدمِّرَة للأعداء، على المستوى الكلامي، نظراً الى أنّها تُدرِك جيّداً أن أي تحرُّك ميداني من جانبها في الوقت الراهن سيشكّل الحجّة المُناسِبَة لإطلاق النّيران الأميركية - الإسرائيلية على أراضيها مباشرة، وليس فقط على مستوى دول انتشارها في الشرق الأوسط، بدَت موافقة البرلمان الإيراني أمس على مشروع قانون يُلزِم هيئة الطاقة الذرية الوطنية برفع تخصيب اليورانيوم في محطة "فوردو" النووية إلى 20 في المئة، والحديث عن العمل على إعادة التصميم القديم لمفاعل "أراك" النووي الذي يعمل بالماء الثقيل، والإعلان عن أن النواب بحثوا إمكانية وقف الإلتزام بالبروتوكول الإضافي لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، (بَدَت) مثل من يُطلِق النار على رأسه، خصوصاً أن آفاق تحدّي طهران للمجتمع الدولي في كلّ ما يتعلّق بأنشطتها النووية المشكوك بها، تبقى محدودة.
صدمة
رأى مدير "المنتدى الإقليمي للدراسات والإستشارات"، العميد الركن خالد حماده، أن "الإجراءات الإيرانية المتعلّقة بزيادة تخصيب اليورانيوم في محطة "فوردو" النووية إلى 20 في المئة، وبحث إمكانية وقف الإلتزام بالبروتوكول الإضافي لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، هي للردّ على عملية اغتيال العالِم النووي محسن فخري زاده، بعدما بدا واضحاً لغاية الآن، عدم القدرة على القيام بأي إجراء ميداني".
ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "القرار السياسي والعسكري الإيراني لا يزال حتى الساعة تحت وطأة صدمة اغتيال العالِم النووي، وذلك تماماً مثلما أنه لا يزال تحت وطأة صدمة اغتيال قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري" قاسم سليماني، خصوصاً أن طهران لم تتمكّن من تسديد ضربة مُوازِيَة لواشنطن وتل أبيب بسبب اغتياله. وأقصى ما قامت به (طهران) اقتصر على بعض العمليات الحوثية ضدّ السعودية، أو بعض التحرّكات في الجولان، بالإضافة الى بعض القصف العشوائي على المنطقة الخضراء في بغداد، أحياناً. وهذه كلّها ليست بمستوى اهتزاز صورة وهيبة إيران أمام العالم".
غير مدروس
وشدّد حماده على أن "زيادة التخصيب هو قرار متسرّع، وغير مدروس، ولن يدخل حيّز التنفيذ. فهو يعني أنّ إيران تُعلِن خروجها من "الإتفاق النووي" بشكل رسمي وشرعي، وبقرار مركزي. وهي بذلك، تُحبِط كل الجهود الأوروبية التي قد تحاول مُحاوَرَة الإدارة الأميركية، حول العودة الى هذا الإتّفاق من جديد مستقبلاً، ربما ببعض الشروط الجديدة".
وأضاف:"أما القول إن طهران تتّخذ قرارات مماثلة لإدخالها في التفاوُض مستقبلاً، فهذا صعب المنال، لأن الولايات المتحدة لم تظهر أنها بحاجة الى وسيط للتفاوُض مع إيران".
وقال:"الإدارة الأميركية اتّخذت قرارها بمنع إيران من امتلاك قدرات نووية، وهذا كان واضحاً قبل توقيع "الإتّفاق النووي" في عام 2015، وذلك من خلال الإغتيالات التي نُفِّذَت سابقاً، والتي سقط ضحيتها أربعة علماء نوويين إيرانيّين".
100 ضربة
وأشار حمادة الى أن "الولايات المتحدة وإسرائيل استعادتا زمام المبادرة ضدّ إيران، باغتيال العالِم النووي. وهذا يعني أننا أمام مرحلة جديدة، تُعقّد إمكانية توظيف الإجراءات الإيرانية حول زيادة التخصيب، في المفاوضات مستقبلاً".
وأوضح:"تُدرِك إيران جيّداً أن الخطوات الأميركية ضدّ أنشطتها ونفوذها لم تبدأ مع اغتيال العالِم النووي، بل في العراق مع تشكيل حكومة مصطفى الكاظمي، ومع اتّخاذه اجراءات كبيرة ضدّ الفصائل المسلّحة الخارجة عن الدستور والشرعية هناك. كما في الضربات الإسرائيلية النوعية في العُمق السوري، والتي بلغت نحو 100 ضربة خلال عام واحد، دون أن تتمكن طهران من الردّ. فضلاً عن أنه يُمكن اعتبار انفجار مرفأ بيروت رسالة أميركية - إسرائيلية الى "حزب الله" في لبنان، نظراً الى ما لهذا الانفجار من تداعيات على اقتصاد "الحزب"، وعلى تهميش وتخفيف قدرته وقدرة إيران على الردّ".
تصعيد؟
ورجّح حماده أن "تشهد الأيام القادمة تصعيداً، إذا لم يتطوّر الموقف الديبلوماسي الإيراني باتّجاه التنازُل، بعد مقتل العالِم النووي. وربما تكون كل المسارح مفتوحة، حيث تتواجد إيران أو الميليشيات الحليفة لها، والبنية التحتية لـ "الحرس الثوري".
وتابع:"هذه المسارح، وفي أي دولة عربية وُجِدَت، ستكون عُرضَة لضربات، إذ يظهر أن القرار الأميركي مُتَّخَذ بذلك، وهو لا يتعلّق بإدارة أميركية جديدة أو قديمة".
وختم:"لا يمكن العودة الى ما قبل التطبيع العربي - الإسرائيلي، والى ما قبل الحَذَر الأميركي الذي تسبّبت به الوثائق التي صادرها الموساد الإسرائيلي في عام 2018، والتي كانت السّبب الرئيسي في تعديل موقف واشنطن من الملف النووي الإيراني. فالولايات المتحدة شعرت بأنها خُدِعَت، وهي بالتالي ضمن مسار تقليص نفوذ إيران".