نسبة الإصابة بالسرطان ترتفع... وملوّثات الغذاء من أبرز الأسباب

في ظل غياب الرقابة من قبل أجهزة الدولة ومؤسساتها على كافة القطاعات والمجالات الحياتية والصحية، وعدم ممارسة دورها في حماية المواطن، من اجل ضمان توفير الحد الأدنى من غذاء سليم ومياه نظيفة او دواء غير مقلد او منتهي الصلاحية أو مأكولات تكتنز جراثيم خطرة مثل السالمونيلا والليستيريا، وفي مجال الغذاء تحديدا، كشفت دراسة حديثة ان الالبان والاجبان من أكثر الأصناف تلوثا في لبنان.

تتعمّق لا مبالاة المسؤولين بهذا الواقع الصحي الرديء، الذي تخطى الخطوط الحمراء ووصل الى لقمة عيش الناس، وأضحى من المألوف ان تجد البانا واجبانا ولحوما غير مطابقة للشروط الصحية. والأوضاع تتفاقم بحيث باتت قوالب «كيك» متعفنة بالكامل وصلاحيتها منتهية منذ أشهر. الا انه وعن سابق إصرار وترصد، يتم استبدال تاريخ الإنتاج القديم بآخر جديد كأن شيئا لم يكن، والطامة الكبرى ان متاجر صنع هذه المنتجات ذات بصمة مشهورة ومصنّفة ضمن الفئة (أ). وعلى مقلب آخر، باتت السلع الهجينة المصدر تكتسح السوق، ومعظمها لا يتطابق والمواصفات الصحية.

هذه التفاصيل اصبحت تهدد الصحة العامة، مع اضمحلال الدولة وأجهزتها ومؤسساتها الفاعلة على الأرض، لتقوم بما هو واجب عليها من إجراءات الردع والمحاسبة وصولا الى الغرامات التي قد توجع البعض، لتقييد وتقليص منابع الغش التي باتت الشغل الشاغل للتجار والفاسدين.

طعام فاسد.. ماذا يعني!

يصاب الأشخاص بما يسمى التسمم الغذائي، عن طريق تناول أطعمة او سوائل تختزن جراثيم وملوثات ضارة، مما يؤدي الى اضطرب في المعدة واسهال وقيء وحمى وصداع. وقد يؤثر في الجهاز العصبي، ويسبب الإصابة بأمراض عديدة مثل ظهور اعراض متعلقة بالجهاز الهضمي، وتغييرات في التفكير والسلوك على البالغين والأطفال والرضع، نتيجة الطفيليات التي يمكن ان تعيش في الأمعاء، والبكتيريا والفطريات التي تصنع السموم.

الجزء المتعفن في الرغيف لا يعني

ان اجزاءه المتبقية صالحة للأكل

وفقا لصحيفة «صن» البريطانية، تنصح دائرة سلامة الأغذية والتفتيش التابعة لوزارة الزراعة الأميركية، بالتخلص من رغيف الخبز بالكامل في حال كان العفن ظاهرا عليه في مكان محدد، حتى وان كان منتشرا على الأطراف، لان بعض أنواع العفن قد تسبب حساسية ومشاكل في الجهاز التنفسي. الامر الذي يدل على ان عدم رؤية العفن على الأطراف الأخرى من الشطيرة، لا يعني انها صالحة للأكل.

بالتوازي، تقول منظمة الصحة العالمية ان السموم الفطرية «العفن»، يمكن ان تؤدي الى زمرة متفاوتة من الآثار الصحية الضارة، وتشكل خطرا جسيما على صحة الانسان، كالإصابة بمرض الفشل الكبدي او الكلوي او حتى الوفاة.

بالموازاة، لا يجب تخزين الخبز في الثلاجة، الا في حال عدم الاحتياج اليه لفترة، لذا يجب تقسيمه ومن ثم وضعه في الثلاجة، والأفضل ان يحفظ في سلة او صندوق. وبحسب إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، فان التبريد يبطئ نمو البكتيريا التي تنتشر في درجة حرارة اعلى من 4 مئوية، وتتنامى بمقدار الضعف خلال 20 دقيقة، لذا تنصح لسلامة الغذاء «ان تكون درجة الحرارة دائما اقل من 4 مئوية في الثلاجة، و17 مئوية (سلبية) في المجمد.

 

خطوات يجب اتباعها

وفي سياق متصل، نصح الدكتور والأستاذ الباحث في سلامة تصنيع الغذاء في جامعة (LAU) حسين حسن المواطنين «بتجنب شراء المنتوجات «الحرة»، او تلك التي تكون غير «مكيّسة» او خارج عبوة مغلقة. كما يفضل ابتياع الأنواع المعروفة المصدر ومختومة بالنيلون من جهة الفتحة العلوية، وهذا يُطبق على الأرز والاجبان والبهارات والسكر وغيرها من المواد، لأنها إذا كانت تعود الى علامة تجارية معروفة، فإن أصحابها سيولون أهمية إضافية لجهة المسؤولية للحفاظ على اسمهم وسمعتهم في السوق». وقال لـ «الديار»: «إذا كانت مختومة فهذا سيعزلها عن الملوثات التي من الممكن ان تصلها عن طريق الهواء. لذا انصح بانتقاء الماركات المعروفة، وقد لا تكون خالية من المشاكل، لكن مالكيها سيحافظون على هامش معين من الانتباه والالتزام والواجب».

 

طرق سليمة للتخزين

واشار الى ان «اللجوء الى هذه الطرق السليمة للتخزين في المنزل لدى شراء أي نوع من الأطعمة، بحيث ان هناك أنواعا تحتاج الى التوضيب في البراد وأخرى في الثلاجة، وفي حال كانت الكهرباء غير متو فرة فيجب شراء سلعة تكفي ليوم واحد».

وأضاف «الدواجن واللحوم يجب ان تبقى في «الفريزر»، ويجب الانتباه الى التخزين الخاطئ تفاديا لفقدان القيمة الغذائية لبعض الأصناف او لتكاثر البكتيريا والفيروسات، ويجب التيقّظ الى «الجلدة» في باب البراد للحفاظ على البرودة داخله، والتي تكون غير مستقرة غالبا بسبب كثرة الفتح والغلق، وينبغي الحرص على ان تكون جميع العبوات المستعملة لحفظ الأطعمة آمنة ومحكمة الاقفال».

وتابع: «يمكن تثليج عبوات من المياه في «الفريزر» تمهيدا لاستخدامها عندما تنقطع الكهرباء، بحيث يتم توزيعها على كل رف داخل البراد ليظل مبرّدا، لأنه كحد اقصى لا يجب تركه بلا كهرباء لفترة تتعدى الـ 4 ساعات على مدار اليوم».

 

التخزين الجاف

وعن التخزين الجاف أوضح حسن: «من المهم حفظ هذه الأنواع في قوارير موصدة الغلق، بعيدة عن الحرارة ولا تصلها أي رطوبة، وانصح بإضافة الملح الذي يمتص الرطوبة وورق الغار، لاحتوائه على مواد حافظة داخل «مرطبان» الأرز والحمص والعدس». وطالب المواطنين «بان يحسّنوا مناعتهم في ظل عدم توافر الغذاء السليم بسبب الازمة الاقتصادية الراهنة، من خلال النوم لفترة لا تقل عن 8 ساعات، والابتعاد عن التدخين، والقيام بمجهود بدني يومي كالمشي لحوالى الساعة او الساعتين». وأشار الى انه عندما تتحسن المناعة، فان تعرضنا للإصابة بالأمراض، بما فيها المنقولة، غذائيا سيتراجع».

وقال: على المواطنين شراء عبوات صغيرة، لان استهلاكها يكون أقصر من تلك الكبيرة والتي غالبا تخضع لحسومات، وتكون عرضة أكبر للتعرض الى الملوثات من خلال الهواء والاستعمال المتكرر لها».

 

تاريخ الصلاحية يحدد كل شيء

ودعا «الى ضرورة مراقبة تواريخ المواد المخزّنة في البيوت، قبل الذهاب لشراء أخرى جديدة قد تكون أيضا قريبة، وهذا عادة يشمل السلع التي تكون معروضة بسعر اقل في المتجر بهدف التخلص منها. لذا من السليم استخدام هذه المواد المحفوظة قبل فوات أوانها، ولا يجب الانتظار حتى تاريخ انتهاء الصلاحية، لان استهلاكها سيتسبب بمشاكل صحية».

 

المنتوجات الملوّثة

وعن المنتوجات الملوّثة قال «يوجد نتائج آنية وأخرى تحصل على المدى الطويل، فالأولى تتمثل بعوارض بسيطة كالرشح والاسهال والتقيؤ ووجع في البطن وحرارة.

وعن تلك التي تظهر في الأمد البعيد قال: «تكون أخطر إذا تعرضنا للمعادن السامة التي نستهلكها، ليس حصرا عن طريق الطعام وانما من خلال الهواء، موتورات الكهرباء الموجودة في مداخل الأبنية والتلوث، فجميعها تؤثر في الجهاز العصبي، وهناك السموم الفطرية القائمة في الحبوب والفواكه المجففة، بما في ذلك الحليب والاجبان التي تؤثر في صحتنا مع مرور الوقت، وتؤدي الى الإصابة بمرض السرطان، وخاصة إذا كان لدى الشخص استعداد جيني».

وختم حسن «عندما نتحدث عن سلامة الغذاء، لا نتطرق الى النتائج الآنية، وانما نتناول تلك البعيدة الأمد، ولذا نرى ان نسبة الإصابة بمرض السرطان تتضاعف، واحد أسباب هذه الزيادة هو احتكاكنا المستمر بالملوثات، سواء من خلال الهواء او الماء او الغذاء».