نصف عودة سياسية للحريري و"تيار المستقبل"... ورسائل ناعمة لـ"حزب الله" والطائفة الشيعية

قال سعد الحريري كلمته  في الذكرى العشرين لإغتيال والده الرئيس رفيق الحريري معلناً عودة تياره إلى العمل السياسي ومشاركته في الاستحقاقات المقبلة بعد تعليقه مدة 3 سنوات.

بعيدا عن الكلام الوجداني والعاطفي لم يخرج خطاب الحريري عن المتوقع، او ما بات معروفاً منذ مدة، حتى المشهدية الشعبية التي رافقته لم تكن مفاجئة او غير متوقعة،  فأنصار الحريري لم يخذلوا يوما هذه الذكرى وتواجدوا دوماً على الارض في هذا التاريخ، وعلى الرغم من  تعليق العمل السياسي، نزل العام الماضي الناس بالالاف والزيادة هذا العام كانت نتيجة عدد من العوامل الموضوعية، أهمها  تسرب اخبار عن امكان عودته السياسية، يضاف الى ذلك حال الشرذمة التي استفحلت في السنوات الاخيرة، والفراغ الذي لم تستطيع اي كان ملأه، وتنامي شعور  الناس بالحاجة الى مرجعية.

حتى في  قرار عودة "تيار المستقبل" الى العمل، أبقى الاعلان مبهماً،  ولم يدخل في تفاصيله وخصوصاً ان الاستحقاق الأول وهو الانتخابات البلدية من المتوقع ان يدخل به لبنان في اواخر اذار، بعد انقضاء شهر رمضان، و"التيار" معني أقله في 3 مدن كبرى، اي بيروت وصيدا وطرابلس، بعيدا عن حسابات القرى والزواريب.

ابتعد الحريري عن  الدخول في الزواريب السياسية الداخلية، وتحدث عن  عدالة إلهية في تلميح عن القتلة والمرتكبين في جريمة والده ولم يسمّ أي جهة، ووجه رسالتين الى "حزب الله" ومن خلفه الطائفة الشيعية، في الأولى أن السلاح  احتكار للجيش اللبناني والقوى الامنية "الشرعية" وليس لأي قوة اخرى، اما الثانية فهي مناشدتهم لكسر أي انطباع من السابق بأنهم قوة تعطيل واستقواء وسلاح، وبأن عليهم الاستفادة من فرصة الاهتمام الدولي بلبنان، ودعاهم إلى فتح جسور العلاقة مع العرب الذين سيكونون شركاء في إعادة الإعمار.

اعطى الحريري جرعة دعم وأمّن تغطية سنية للحكومة الحالية برئاسة نواف سلام عندما ابدى دعمه لها، وذلك عقب الاعتراضات التي ارتفعت من الطائفة على طريقة تمثيل الطائفة في الحكومة وتهديد العدد الأكبر من النواب  بحجب الثقة عنها وبالتالي تجريدها الغطاء النيابي السني.

وفي خطابه ايضاً اكد الحريري دعم العهد ورئيس الجمهورية جوزف عون ورأى فيه فرصة رافضاً الالتفاف عليها وذلك رداً على الهجومات التي تعرض لها  الرئيس والعهد في الأيام الأخيرة.

حتى في حديثه عن سوريا لم يذهب الحريري في تمجيد القيادة الجديدة، ولم يذهب بعيدا في المديح بل اعتمد خطاباً واقعياً تحدث فيه عن افضل العلاقات تقوم على الندية بين البلدين.

 

في المقابل ابقى  على الغموض في عدد من القضايا  اهمها بقاءه في لبنان وما هي الصيغة الجديدة التي تحدث عنها بالنسبة إلى "تيار المستقبل"، وتمسك بخطاب الحريرية السياسية بالنسبة للاعتدال والاقتصاد الحر والوحدة الوطنية.

في المحصلة يمكن اعتبار كلام الحريري بمثابة نصف عودة سياسية يلفها بعض الغموض، لكنها من دون شك اذا اكتملت ستقلب المعادلات السياسية في البلاد وسيكون لها التأثير الكبير في مختلف الاستحقاقات المقبلة.