المصدر: الديار
الكاتب: أميمة شمس الدين
الخميس 9 أيار 2024 08:21:31
كثيرة هي القوانين التي تقر في مجلس النواب دون أن تجد طريقها إلى التطبيق ومعظمها يبقى حبراً على ورق.
فبعد حوالى خمسة أشهر على إقرار قانون نظام التقاعد والحماية الاجتماعية ينتظر الموظفون ان يصبح هذا القانون حيز التنفيذ فهل سيطول الانتظار؟
وبعد انتظار دام 20 عاماً، أقر مجلس النواب في لبنان أخيراً قانون "إنشاء نظام التقاعد والحماية الاجتماعية" مع تعديل بعض أحكام قانون الضمان الاجتماعي، فيما اعتبر أبرز القوانين المنتظرة في البلاد.
وتعتبر هذه الخطوة إنجازاً حقيقياً ونقلة نوعية في مجال الحماية الاجتماعية في البلاد، وفي الواقع هو إنجاز للدولة والمواطن على حد سواء، إذ أتى ليؤمن مظلة حماية اجتماعية في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة فيحل محل نظام تعويض نهاية الخدمة، وبينما يتفاءل المجتمع اللبناني والمعنيون كافة بهذه الخطوة الإيجابية، تطرح تساؤلات حول موعد تطبيقه.
من جهة أخرى يوجد في أدراج المجلس قانون مكرّر معجّل تقدم به النائب بلال عبدالله يهدف إلى تعديل المادة 68 من المرسوم الاشتراعي لنظام الموظفين، ويقضي برفع سن التقاعد للموظفين المدنيين من الفئات الأولى والثانية والثالثة من 64 إلى 68 عاماً، فلماذا لم يُقر هذا القانون بالرغم من أهميته للدولة وللموظفين في ظل ارتفاع نسبة الشغور التي وصلت إلى ٧٣% مع قرار بوقف التوظيف؟
في هذا الإطار رأى عضو كتلة اللقاء الديموقراطي النائب الدكتور بلال عبدالله في حديث للديار أن نظام التقاعد و الحماية الإجتماعية الذي أقر بقانون في مجلس النواب مؤخراً يشكل نقلة نوعية جدية في إطار تأمين الأمن الاجتماعي للمواطنين اللبنانيين، بعد طول انتظار للانتقال من نظام تعويض نهاية الخدمة الذي كان يجب أن يتغير في الستينيات، إلى نظام التقاعد والحماية الاجتماعية الذي يؤمن الطمأنينة والعيش الكريم لكل العمال من أجراء وموظفين ومحدودي الدخل .
وإذ تمنى عبدالله أن يبصر نظام التقاعد والحماية الاجتماعي النور قريباً أشار إلى أن مجلس النواب انكب على مدى سنتين وأكثر على العمل على هذا القانون بمساعدة منظمة العمل الدولية وبإشراف وزارة العمل ووزراء العمل المتلاحقين، وبشكل أساسي بمشاركة أصحاب العقد الاجتماعي أي الاتحاد العمالي العام والهيئتات الاقتصادية وحكماً الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، معنبراً ان ما إنجز خطوة نوعية سباقة في إطار تأمين الحد الأدنى من كرامة الإنسان العامل في لبنان.
و يقول عبدالله اعتمدنا في نظام التقاعد والحماية الاجتماعية الذي أقر النظام المشترك بين مبدأ الرسملة الذي يُعتمد عادةً في الدول الغنية والقادرة والدول التي لديها أجراء وعمال ذوي دخل عالِ ( الرسملة يعتمد بالكامل على تراكم الأموال للحساب الفردي للشخص) وبين مبدأ التوزيع الذي يعتمد على الدولة في إطار تأمين كفالة هذا النظام ( وهذا عادةً تستخدكه الدول ذات النظم الاشتراكية أو الاشتراكية الديموقراطية أو الاشتراكية الإنسانية عندما تكون الدولة قادرة أن تؤمن هذا الموضوع).
ويشرح عبدالله اعتمدنا في لبنان نظاما مشتركا أي الدولة تكفل الحد الأدنى من التقاعد والحماية الاجتماعية ويبقى الحساب الافتراضي الشخصي لكل شخص مرتبط بحساباته المتراكمة ( وهذا ما يسمى نظاما مشتركا بين التوزيع والرسملة).
ويؤكد عبدالله انه من الطبيعي أن يكون هناك دراسة متأنية جداً حول كيفية إدارة هذا النظام الذي يرتبط بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وأخذ هامشاً واسعاً في حركة الاستثمار لافتاً أنه تم تثبيت معايير دقيقة جداً في موضوع الاستثمار ولجنة الاستثمار التي ستتولى استثمار أموال الضمان في لبنان وخارجه، ضمن المعايير الدولية كما هو معمول في كل صناديق التقاعد العالمية، بعدما كانت الحكومات المتلاحقة تفرض على الضمان الاستثمار بسندات خزينة .
وتحدث عبدالله عن النقلة النوعية في إطار ترشيق إدارة هذا الصندوق عبر تصغير حجم مجلس الإدارة ووضع معايير لممثلي الأقطاب الثلاثة في مجلس إدارة الضمان، أي الدولة والحركة العمالية والهيئات الاقتصادية .
ووفقاً لعبدالله نظام التقاعد والحماية الاجتماعية يحاكي المعايير العالمية سيما في آليات عمله والحفاظ على أموال المضمونين وكيفية إحتساب الراتب التقاعدي وكيفية احتساب تقاعد الورثة، معتبراً أن الأهمية القصوى لهذا النظام تكمن في انه سيكون مفتوحاً حتى لأصحاب العمل وللبنانيين في الخارج الراغبين في الانضمام الى هذا النظام .
وكشف عبدالله أن وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم بدأ العمل على تحضير المراسيم المطلوبة من أجل وضع هذا النظام على السكة الصحيحة ،" ربما نكون بحاجة إلى سنتين لاستكمال هذه المراسيم وتحضير الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لمواكبة هذا الملف لأنه يتطلب مكننة كاملة لكل معاملات وأوراق وحسابات الصندوق لكي نستطيع أن نؤمن الحساب الافتراضي للمضمون ويكون مؤهلاً لاستمرارية خدماته ومتابعته لتحقيق الأمن الاجتماعي للمواطنين".
وفي حال كان هناك هفوات أو ثغر صغيرة في القانون يؤكد عبدالله على العمل مع الوزير السابق نقولا نحاس الذي كان رئيس اللجنة الفرعية الني أقرت هذا القانون ونائب رئيس مجلس النواب الياس أبو صعب " الذي ساعدنا في اللجان المشتركة " ومع مكتب منظمة العمل الدولية لتصويب هذه النقاط عبر اقتراح قانون نعمل عليه.
و رداً على سؤال حول اقتراح القانون الذي تقدم به في شأن تمديد سن التقاعد إلى ٦٨ سنة قال عبدالله هذا اقتراح قانون معجل مكرر ما زال موجوداً في بريد مجلس النواب وكل مرة يوضع على جدول أعمال الهيئة العامة ولكن لا نصل إلى مناقشته.
ورأى عبدالله أن إقرار هذا القانون ضرورة قصوى للإدارات في لبنان " وأنا مصر عليه " لافتاً إلى أن الشغور كبير جداً في الفئات الأولى والثانية والثالثة في الدولة وهناك قرار بمنع التوظيف ويتم ملء الشواغر بالتكليف بالوكالة " وفي الوقت نفسه نستفيد من كفاءة هؤلاء والوضع الاقتصادي والاجتماعي يفرض عليهم الاستمرار في وظائفهم سيما أن التقاعد لا يؤمن حياة كريمة للموظف".