هجوم الربيع.. كييف تختبر الروس وموسكو تنصب أسنان التنين

على الرغم من أن كييف أعلنت منذ أشهر تحضيرها لهجوم مضاد، يهدف إلى استعادة الأراضي التي احتلتها روسيا، لكن لا أحد يستطيع معرفة ما إذا كان قد بدأ فعلاً.

ففيما يتوقع العديد من الدول الغربية أن تأخذ كييف زمام المبادرة عسكرياً، بعد فشل الهجوم الروسي خلال الشتاء، وغرق الروس في وحول مدينة باخموت شرقا، حيث ما زالوا يقاتلون ضد القوات الأوكرانية، لا يزال الغموض يلف تاريخ انطلاق هذا الهجوم أو ما إذا كان قد انطلق بالفعل في محيط باخموت.

وتعليقا على هذا التساؤل، قال إيفان كليش، الباحث في المركز الدولي للدفاع والأمن (ICDS) في إستونيا "أميل إلى فرضيّة أن أوكرانيا تحاول تثبيت القوات الروسية في باخموت لإجبارها على البقاء في نقطة معينة من الجبهة، بينما تختار العديد من المناطق لمهاجمتها".

كما اعتبر أن "القوات الروسية عاشت مؤخراً حالة من الذعر بسبب تحرك أوكراني مزعوم نحو مواقع في الأراضي التي تسيطر عليها روسيا" بحسب ما نقلت فرانس برس.

اختبار الروس

لكن قد يكون الأوكرانيون بدأوا بالفعل فترة من الاختبارات لقياس فعالية الدفاعات الروسية.

فقد رأى لوكاس ويبر، أحد مؤسسي موقع البحث المتخصص "ميليتانت واير" أن "الأوكرانيين شنوا هجمات مضادة متواضعة في باخموت وحولها لتقييم دفاعات الروس".

كما أشار إلى أن "هذه هي الحال أيضا في مناطق أخرى من الجبهة"، موضحا أنه "من الصعب القول ما إذا كان الهجوم المضاد قد بدأ، لكن تلك الإجراءات تشير إلى أن أوكرانيا تحضّر لشيء أكبر بكثير".

خنادق وأسنان التنين

في المقابل، اتّخذت القوات الروسية قبل أسابيع وضعا دفاعيا مع توسيع دفاعاتها على مساحة تزيد عن 800 كيلومتر، وأحيانا بعمق ثلاثة خطوط ونشرت عددا كبيرا من الجنود لحماية المواقع.

كما شملت خطتها حفر خنادق مضادة للدبابات ونشر حواجز وخطوط دفاع مسبقة الصنع مثل التحصينات المسماة أسنان التنين (وهي أهرام إسمنتية صغيرة مضادة للدبابات) وخنادق للعسكر.

وبالتالي، سيكون الهجوم المضاد الأوكراني مميتا ومكلفا من حيث المعدات بالنسبة إلى جيش كييف.

ولعل هذا ما ألمح إليه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حين أقر قبل أسبوع أن الهجوم تأجل حالياً، خشية الخسائر البشرية الفادحة رغم استعادات الجيش.

احتمالات كثيرة

وبانتظار اتخاذ القرار رسميا، يصعّب طول الجبهة معرفة المنطقة أو الأماكن التي ستختارها كييف لبدء هذا الهجوم المضاد.

فقد تكون باخموت، علماً أنها لا تمثل بالضرورة أهمية استراتيجية كافية. رغم أن ويبر اعتبر أن هجوما مضادا هناك "سيكون محرجا للكرملين ومجموع فاغنر اللذين سيطرا على المدينة بشكل شبه كامل، ومن شأن نجاح أوكرانيا في المنطقة أن يحبط روسيا ويشكّل انتكاسة كبيرة لجهود موسكو الحربية".

كما قد ينطلق الهجوم من محطة الطاقة النووية في زابوريجيا (جنوب شرق) لمحاولة تحريرها من القوات الروسية.

فيما يرى محلّلون غربيون آخرون أن الأوكرانيين قد ينتقلون إلى مناطق أخرى في جنوب الجبهة أو ربما إلى سيفيرودونيتسك، وهي مدينة في الشرق احتلتها روسيا.

إلهاء ومناورة

وقال بيار رازو المدير الأكاديمي لمؤسسة البحر الأبيض المتوسط للدراسات الاستراتيجية (FMES) "ربما يحاول كل طرف إقناع الآخر بالهجوم حيث يبدو في الظاهر أنه الأضعف، فهذا من كلاسيكيات الحرب".

كما اعتبر أن "المراحل التحضيرية لتحرك سري والإلهاء والمناورة يبدو أنها بدأت بشكل جيد من كلا الجانبين". وأضاف أن ذلك "يتجلى في عمليات التخريب المتزايدة على الأراضي الروسية الواقعة قرب الجبهة والضربات الروسية على مستودعات أسلحة وذخيرة أوكرانية والرسائل التي تشير إلى ضعف الأوكرانيين والتي ربما كان الغرض منها تهدئة مخاوف الروس".

كذلك، تجري محاولات لزعزعة الاستقرار من الجانبين، ونشر الشائعات.

فقبل يومين نشرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية أن رئيس فاغنر يفغيني بريغوجين عرض مرارا على الاستخبارات الأوكرانية تزويدها معلومات عن مواقع وحدات في الجيش الروسي مقابل انسحاب قوات كييف من باخموت، وذلك استنادا إلى الوثائق الأميركية السرية التي سرّبت الشهر الماضي.

في حين وصف بريغوجين تلك المعلومات بـ "المضحكة"، رغم تصاعد الخلافات بينه وبين هيئة الأركان العامة الروسية.