هجوم طرابلسي على موازنة إنكار ميقاتي لواقع بيئته المأسوي... هل يتم تطييرها إلى مجلس ما بعد الإنتخابات؟

كان واضحا حجم الإرباك الذي ظهر على وجه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمس بعد خروجه من جلسة إقرار موازنة 2022. وعلى رغم محاولات "التنقيب" عن العبارات التي من شأنها أن "تطيب" خاطر الشعب وتشد على "يده المكسورة" لكن الشعب الصارخ في برية الفقر والظلام والبطالة والفساد أدرك أن البنود الإشكالية المطبوعة على 1200 صفحة، من شأنها أن تقطع يده وما تبقى من أنفاسه بدل أن تجَبِّرها!

 

وفي حين افترض البعض أن حال الإرباك التي ظهرت على ميقاتي ناتجة عن إدراكه حجم النقمة الشعبية التي سترتد على شخصه كونه إبن بيئة طرابلس التي ينام ثلث أطفالها من دون عشاء وعلى حكومته التي على ما يبدو تعيش حالا من الإنكار الهستيري، إلا أنه قالها بالمباشر: "ما بقى نقدر نعطي كهربا ببلاش وإتصالات ببلاش لأن ما بقا في مصاري" وإذا قال المواطن "أموالي في المصارف" سنقول له "معك حق بس بدنا نتحمل بعضنا". صحيح لكن كان الأجدى التوضيح عن الفئة القادرة بعد على تحمل الضرائب المباشرة وغير المباشرة الواردة في الموازنة ولماذا يجب على المواطن المغلوب على أمره أن يتحمل أعباء سرقة ونهب وفساد المنظومة التي يجلس بعضها على كرسيه ويشقع الأرقام فيعميها بدل أن يكحلها!

 

أولى ردود الفعل على الموازنة جاءت على صفحات التواصل الإجتماعي الطرابلسي الذي صوب هجماته على رئيس الحكومة بصفته إبن البيئة الحاضنة للفقر والجوع والحرمان. بالتوازي كان صوت العقلاء الذين يقفون على تماس مباشر ومتواصل مع أبناء طرابلس."

 

اللواء أشرف ريفي اعتبر أن "قدرة الشعب اللبناني عموما وأبناء طرابلس والمناطق المحرومة باتت معدومة وتوجه إلى المعنيين "القاطنين في أبراجهم العالية" عبر "المركزية" بالنصيحة التالية: "إذا صحت دعوة رئيس الحكومة بتقاسم الشعب معهم المعاناة، فالأجدى بهم أولا أن يعملوا على دعم الأفراد والمؤسسات كما الحال في الدول التي تحترم نفسها وشعبها خصوصا في ظل أزمة كورونا والإفلاس الذي يعانيه البلد وما يخلفه من بطالة وهجرة وإقفال مؤسسات تجارية".

 

وذكر ريفي المسؤولين بالخطط والمقررات التي وُضعت لمساندة ودعم اللبنانيين منها إعطاء مساعدة بقيمة 300 دولار للأفراد الذين يقل دخلهم عن 1000 دولار وسواها من المطالب التي رفعت لحفظ كرامة الناس". ويسأل "كيف يمكن لرب عائلة عاطل عن العمل أو يقبض راتبا لا يتخطى الـ60 دولارا أن يتقاسم أنفاسه الأخيرة مع منظومة الفساد التي امتصت كل مقدرات الدولة؟ وبأي حق يطلبون من ابناء البيئة المحرومة من أبسط حقوق العيش الكريم تسديد فاتورة الكهرباء والإتصالات والماء بعد رفع قيمتها وفق الموازنة الجديدة، وينتقون لهم عبارات "مكللة" بالدموع والتوصيفات فقط بهدف "إقناعهم" بوزنات الموازنة، في حين أن ثلث أبناء طرابلس وغالبية اللبنانيين يعجزون عن شراء علبة دواء أو حليب لأولادهم، هذا ولم نتكلم بعد عن الوضع الإستشفائي بحيث بات يستحيل على أي لبناني الدخول إلى مستشفى لإجراء عملية جراحية؟ ويقولون بعد، بدكن تتحملوا معنا؟!... فعلا إنها موازنة من كوكب آخر"!.

 

حتى اللحظة لا يزال ريفي على قناعة بأن الموازنة التي خرجت من "كوكب" الحكومة لن تمر في مجلس النواب" فنحن على أبواب انتخابات نيابية ولن يجرؤ نائب يفترض أن يكون إبن بيئته وناسه أن يوقّع ويصوّت على هذه الموازنة لأنه بذلك يكون قد وقع على ورقة إعدامه سياسيا".

ماذا لو تم تمريرها، هل سيحتضن الشارع نقمة الناس؟ "الناس مخدرة وهي على قناعة بأن لا مناص من التغيير مع هذه الطبقة الحاكمة والبديل سيكون عبر صوت العقلاء". ويختم ريفي: "الكلام الفعلي اليوم هو داخل مجلس النواب وليس من خارجه عدا ذلك فهو يصب في إطار الشعبوية. فإما أن يرفضوا التوقيع على الموازنة وإلا يكونوا حكموا على أنفسهم وعلى الشعب بالإعدام".

 

قد تصح هذه المعادلة إذا افترضنا أنه ستتم مناقشة الموازنة أمام المجلس الحالي. لكن بحسب تقديرات النائب السابق مصباح الأحدب "سيتم تأجيل مناقشة الموازنة داخل مجلس النواب إلى ما بعد الإنتخابات لأن أحدا من النواب الحاليين لن يجرؤ على التصويت عليها حفاظا على شعبويته ومقعده النيابي. وستقر مع المجلس الجديد عندها يكون "اللي ضرب ضرب والي هرب هرب".