المصدر: المدن
الكاتب: عزة الحاج حسن
السبت 14 كانون الاول 2024 19:52:48
الليرة السورية التي انهارت وفقدت أكثر من 96 في المئة من قيمتها، ودخلت بذلك مساراً مجهول المصير لجهة عجزها عن مواجهة الدولار من جهة وحمل بعض فئاتها صور آل الأسد من بقايا عهد سوريا السابق. فما مصير العملة الورقية وكيف يمكن للسوريين التخلّص منها واستحداث عملة جديدة تمثّل سوريا البلد لا سوريا الأفراد؟
تغيير العملة ضرورة ولكن..
يصعب الحديث اليوم عن تغيير العملات النقدية في سوريا، البلد الذي أسقط مواطنوه رئيسهم وأغلقوا معه حقبة امتدت لأكثر من 50 عاماً من حكم آل الأسد. وعلى الرغم من استياء السوريين من وجود صور آل الأسد على عملاتهم غير أن قرار استبدال العملة ليس سهلاً ولا متاحاً اليوم، فهيكلية وشكل السلطة السياسية في سوريا لم تتبلور حتى اللحظة بانتظار إطلاق عجلة الإصلاح السياسي والاقتصادي والنقدي. حينها فقط يمكن البحث بآلية تغيير العملة وشكلها الجديد.
وعلى الرغم من دقة الوضع الحالي، يعرب الكثير من السوريين عن تلهّفهم لتغيير شكل العملة، وهو ما دفع المصرف المركزي السوري إلى إصدار بيان عقب سقوط النظام السوري، أكد فيه أن العملة المعتمدة في التداول في سوريا هي الليرة السورية بكافة فئاتها، قاطعاً الطريق على الشائعات التي تحدّثت عن سحب بعض الفئات النقدية من التداول لحملها صور آل الأسد. من جهته وزير التجارة السوري وحماية المستهلك لؤي المنجد، أكد في تصريحات إعلامية منذ أيام بأن قرار تغيير العملة هو مسألة سياسية، موضحاً أن التعامل الحالي يشمل الليرة السورية، الليرة التركية، والدولار الأميركي.
في المقابل ثمة مخاوف من هروب السوريين من استخدام الليرة السورية إلى التركية والدولار الأميركي ما يمكن أن يرتد سلباً على العملة المحلية ويخفض من قيمتها المنخفضة أصلاً. وقد عبّر مصدر مصرفي، وهو مدير أحد المصارف السورية، في حديث إلى "المدن" عن قلقه حيال التعامل مع الفئات النقدية الورقية التي تحمل صورتي بشار وحافظ الأسد، وقال هناك ضرورة لتغيير العملات الورقية التي تحمل صور آل الاسد ولكن ليس في الوقت الحاضر، فالمرحلة الراهنة غير مناسبة على الإطلاق لتغيير العملة كرد فعل عاطفي، فالوضع الاقتصادي والنقدي لا يسمح بذلك خصوصاً في ظل ضبابية الصورة لجهة السلطات النقدية وأهمية القيام بهكذا إجراء دقيق.
آلية تغيير العملة
إذا المرحلة الأولى تستلزم تشكيل السلطتين السياسية والنقدية تمهيداً لاتخاذ قرار سياسي ونقدي، أما المرحلة الثانية فتطرح تساؤلات عن صلاحية قرار تغيير العملة الوطنية هل تعود للمصرف المركزي أو مجلس الوزراء.
يسترجع المحامي الدكتور المتخصص بالرقابة على المصارف المركزية باسكال ضاهر، نظام قانون النقد الأساسي الصادر عن مجلس الشعب السوري تحت الرقم 23 لعام 2002 كيفية إصدار العملة وتحديد شكلها وعلاماتها الفارقة ورسوماتها كما وآلية سحب الأوراق من التداول. ويقول في حديثه إلى "المدن" حُدد تنظيم كل ذلك في الفصل الأول من هذا القانون المساق تحت عنوان "إصدار الأوراق النقدية وتداولها وسحبها" والوارد تحت القسم الثاني المعنون "الأوراق النقدية" ميشراً إلى أن هذا القانون أكد على أن الدولة السورية هي صاحبة امتياز إصدار العملة الذي ينحصر بها على أن يمارس المصرف المركزي السوري هذا الامتياز وفق أحكام القانون، أي أن الدولة لم تمنح امتياز الإصدار للمصرف المركزي بل سمحت له بممارسته فقط.
وقد حددت الفقرة الأولى من المادة 16 فئات الأوراق النقدية وفصلتها على أن تحمل توقيعي وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية وحاكم مصرف سورية المركزي.
أما الفقرة الاولى من المادة 17 فقد حددت قياسات الأوراق النقدية ورسومها وألوانها وجميع أوصافها الأخرى وتصدر هذه القياسات والرسومات بقرار يحمل توقيع وزير الاقتصاد والتجارة السورية بناء على اقتراح يصدر عن مصرف سوريا المركزي.
علماً أن هذا القانون جرى تعديله بموجب المرسوم الإشتراعي الرقم 21 لعام 2011 وبموجبه قد حل رئيس مجلس الوزراء مكان وزير الاقتصاد الذي اسُتبدل مكانه أينما ورد في النص الأساسي، كما وجرى تعديل على التعديل بموجب مرسوم اشتراعي آخر صادر بالرقم 48 لعام 2013.
بالمحصلة وبصرف النظر عن طبيعة المراسيم التشريعية التي تبقى تتمتع بمكانتها الإدارية طالما لم يتبناها المجلس النيابي، يقول ضاهر "بحسب النصوص المرعية الإجراء في الجمهورية العربية السورية، يقتضي لتعديل العملات الورقية ورسوماتها وعلاماتها الفارقة أن يرسل المصرف المركزي بدايةً اقتراحاً بذلك لرئيس مجلس الوزراء وبعد درسه يصدر به القرار، كما ويتم وضع الأوراق النقدية الجديدة في التداول بقرار يصدر أيضا عن رئيس الوزراء بناء على اقتراح لجنة إدارة مصرف سوريا المركزي على ان تحمل الأوراق النقدية الحديثة توقيع كل من رئيس الوزراء وحاكم مصرف سورية المركزي، وحينها يبدأ المركزي السوري بسحب الأوراق القديمة بالتزامن مع ضخ العملة الجديدة".
العملة تاريخياً
وتعود إحدى العملات التي تحمل صور آل الاسد إلى العام 2015 مع تدهور العملة الوطنية السورية بفعل الحرب التي كانت واقعة منذ عام 2011، فقام البنك المركزي السوري حينها بإصدار ورقة نقدية جديدة بقيمة 2000 ليرة حملت صورة الرئيس المخلوع بشار الأسد، ذلك بعد أن كانت الورقة النقدية القديمة من فئة 1000 ليرة تحمل صورة والده الرئيس السابق حافظ الأسد.