هزات ارتداديّة لموازنة العام 2024.. سعر ربطة الخبز قد يصبح 80 الفاً

اقر مجلس النواب موازنة العام 2024 بعد ادخال تعديلات عليها، لكن مشروع القانون أغفل تضمين الإصلاحات النافذة والصارمة، التي من شأنها ان تساعد الاقتصاد اللبناني على النهوض من قعر الانهيار النقدي الذي اهلك القطاع العام منذ ما يقرب 5 السنوات. الى جانب ذلك، توقعت حكومة تصريف الاعمال التي قدمت الموازنة، زيادة كبيرة في عوائد الدولة المكتسبة ليس عبر المشاريع الإنمائية، وانما من خلال ضريبة القيمة المضافة والرسوم الجمركية.

صحيح ان الموازنة تضمنت اتخاذ إجراءات حاسمة تستهدف أولئك الذين حققوا مكاسب غير مشروعة تقدر بمليارات الدولارات ابان الازمة المالية التي بدأت في العام 2019، وقتذاك كانت السلطة الحاكمة تغض الطرف عن هؤلاء، الذين استغلوا الأوضاع المادية والمعيشية المزرية للمواطنين، وقاموا برفع الأسعار وتخزين المواد الضرورية بهدف الاحتكار ومضاعفة الأرباح. لذلك غُرّمت الشركات التي انتفعت بشكل غير عادل من منصة صرف العملات السابقة لمصرف لبنان، والتجار الذين استفادوا من دعم "المركزي" للواردات لتحقيق مكاسب خيالية.


الحكومة تتعامى عن قصد!

الليرة اللبنانية فقدت حوالى 95% من قيمتها، وأصبح أكثر من 90 في المئة من اللبنانيين تحت خط الفقر. هذا الواقع المرير قُوبِل بتجاهل حكومة تصريف الاعمال الإصلاحات الرئيسية التي طلبها صندوق النقد الدولي، لتقديم قائمة مساعدات بقيمة 3 مليارات دولار. وكان حضّ صندوق النقد المسؤولين بالعمل على حلّ الازمة المصرفية وتوحيد أسعار الصرف وزيادة الانفاق الاجتماعي ، الذي يهدف الى حماية الفئات الأكثر ضعفاً. إشارة الى ان صندوق النقد قال: "ان لبنان سيغرق في ازمة لن تنتهي ابدا"، لكن رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي قال اثناء جلسة مناقشة الموازنة "استطعنا وقف الانهيار وبدأنا بالتعافي الجاد". والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا لم يلحظ صندوق النقد الدولي هذا "التعافي الجاد" بعد؟

كلام غير مسؤول!

وفي الإطار، مصدر وزاري أكد لـ "الديار" ان "هذا الكلام منفصل كليا عن الواقع، لان الموازنة تتضمن عجزا محسوبا بنسبة صفر في المئة مع تعادل النفقات تماما مع الإيرادات، أي المبالغ المالية التي تدخل الى الخزينة مقابل صفر خدمات. فالمواطن لا يحصل على الكهرباء ومياه الدولة، ناهيكم بالاتصالات الرديئة والباهظة والطرقات المهترئة التي تحصد يوميا عشرات الأرواح البشرية، اما النافعة فهي "غير نافعة" والخدمات الأساسية شبه منعدمة".

اضاف المصدر"مشروع الموازنة يؤدي الى اثقال كاهل العائلات ذات الدخل المتوسط والمنخفض بشكل غير متوافق مقارنة بالأسر المترفة، من خلال تقليص حد دفع ضريبة القيمة المضافة بالنسبة للمؤسسات، الى جانب تقديم إعفاءات ضريبية للشركات الكبرى. لذلك تعتبر هذه الموازنة ليست حتى موازنة أفضل الممكن، كونها تعد فاشلة ولا تخدم أي مجال اقتصادي او انمائي، وتفتقد رؤية معينة تتعدى معاودة الانزلاق المضطرب للمجتمع والدولة والاقتصاد".

"تجمّع المطاحن" يستنفر

بالموازاة، رأى "تجمع المطاحن" أن الاقتراح بفرض غرامة أو ضريبة استثنائية على الشركات التي استوردت سلعا مدعومة باعتبارها استفادت منه ليس في محله، ولم تعرف الغاية من طرحه في المرحلة الراهنة من خارج مشروع الموازنة، الذي أعدته لجنة المال في المجلس النيابي".

أضاف: "أما بالنسبة للمطاحن فقد بدأ تطبيق سياسة الدعم، عندما بدأت اسعار الدولار تتقلب بصورة حادة، مما دفع بالحكومة آنذاك الى اعتماد سياسة دعم الرغيف وثبتت سعر الطحين على هذا الاساس، وتحملت المطاحن وزر هذا القرار حيث منيت بخسائر كبيرة، وهي لم تستفد من الدعم لأن دورها كان "الوسيط"، بل تعرضت الى مصادرة القمح المخزن لديها لمصلحة الدولة وبيعه بالسعر المدعوم".

 

وتابع: "المعلوم ان وزارة الاقتصاد والتجارة حددت كلفة الطحن وسعر الطحين وربطة الخبز ووزنها، بحيث اعطت هامشا بخسا من الربح للمطاحن والافران، وهناك اختلاف في الرأي حول العناصر المعتمدة في كلفة الطحن. كما اجبرت الدولة المطاحن على استيراد القمح لحسابها وفق برنامج تم وضعه بين مصرف لبنان ووزارة الاقتصاد والتجارة – المديرية العامة للحبوب والشمندر السكري، وجميع الملفات والمستندات العائدة لكل العمليات موجودة في الوزارة تثبت الواقع، وهناك ملفات كثيرة لم تعالج بعد، على الرغم من توقف البرنامج المذكور اعلاه".


وسأل: "هل المطلوب تدمير قطاع المطاحن، الذي يعتبر الركيزة الاساسية للوضع التمويني الغذائي؟ أم المطلوب احداث ازمة قمح وطحين ورغيف في المرحلة الراهنة ونحن بغنى عنها"؟

واعتبر أنّ "القانون المطروح هو صك براءة للمهربين المحظوظين، الذين استفادوا بملايين الدولارات على حساب من طبّق القانون والنظام". ووفقا لـ "التجمع" لا يجوز مطلقا تعريض المطاحن لمشكلة كبرى من جراء تطبيق ضريبة رأى البعض فيها موردا ماليا ضخما".

لا سقف لارتفاع سعر "الربطة"

في شأن متصل بزيادة سعر ربطة الخبز، كشف رئيس نقابة الافران والمخابز العربية ناصر سرور لـ "الديار" عن "لقاء حصل مع وزير المال، وتمت مناقشة موضوع الـ Tva، لان الافران لا تسترد هذه الضريبة، ناهيكم بتضخم أسعار المحروقات ومضاعفة كلفة النقل، التي تشمل المازوت الذي زاد 40 دولارا ، الى جانب غيار الزيت والصيانة وربح الموزع، إضافة الى اهلاك السيارة واشتراكات الضمان التي ارتفعت أيضا مؤخرا". واشار الى "ان الأمور لا تزال على حالها حتى اليوم، لذلك سنلتقي الوزير مجددا. اما بالنسبة للضمان فنحن بصدد عقد اجتماع قريب للاتفاق على الفروقات، وهذه الأمور الثلاثة تساوي حوالى الـ 4000 آلاف ليرة لبنانية عن كل ربطة خبز".

أضاف: "لكن إذا انتهى الدعم عن الطحين المخصص لمساعدة الخبز في الشهر السادس من العام الجاري، لأن قرض البنك الدولي البالغ حوالى (١٥٠مليون دولار) ينقضي في حزيران ٢٠٢٤، فساعتئذ يصبح سعر ربطة الخبز 80 ألف ليرة لبنانية. لذلك المطلوب من الحكومة ووزارة الاقتصاد الإسراع بإقرار واصدار البطاقة التمويلية الخاصة بالخبز لمن يستحقها، كيلا يواجه اصحاب الدخل المحدود او العاطلين من العمل مشكلة كبرى في هذا المجال، لان ارتفاع سعر الخبز لن يؤثر في الأغنياء بالقدر الذي قد يؤذي العائلات المحتاجة، باعتباره حاجة ماسة للفقراء وعامة الشعب".