هل حرائق كاليفورنيا مفتعلة؟

في عصرنا هذا، أصبحت لقصة أو خبر ملحقات تشمل القصة أو الخبر، ونظرية المؤامرة، والفبركة الإعلامية، والصور التي تنشأ بالذكاء الاصطناعي. لم يعد الوصول إلى الحقيقة مهمة سهلة. فالحرائق التي اندلعت في ولاية كاليفورنيا الأميركية لا تزال تثير جدلاً واسعاً وتطرح استفسارات متعددة، وتجلب معها ردات فعل متفاوتة. 

"سلاح الطاقة المباشر" و"بي ديدي" وشركات التأمين جميعهم متهمون من أصحاب نظريات المؤامرة على الإنترنت بإشعال حرائق  الغابات في كاليفورنيا. وعلى الرغم من غياب أي أدلة تدعم هذه الادعاءات التي لا أساس لها من الصحة، فإن حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي  تؤجج نيران المعلومات المضللة، في الوقت الذي ترفع فيه شركات التواصل الاجتماعي قيودها عن المحتوى الكاذب.

تحدثت صحيفة "آي بيبر" الوطنية البريطانية عن أربع نظريات مؤامرة:

"مدن الـ 15 دقيقة"
أثارت الحرائق ادعاءً مفاده أن هجوماً بـ"سلاح الطاقة المباشر" قد شُنّ لتنفيذ ما يسمى "مدن الـ15 دقيقة". وقد اكتسبت النظرية زخماً بعد ظهور مقطع فيديو يظهر جسماً يحلق في السماء في أثناء حرائق الغابات. 

أصبح مفهوم "مدينة الـ 15 دقيقة" - وهي فكرة تخطيط حضري حيث تكون الضروريات والخدمات اليومية، مثل العمل والتسوق والرعاية الصحية، على بعد 15 دقيقة - شعاراً لمنظري المؤامرة في السنوات الأخيرة، في حين أن لمدينة لوس أنجليس خططاً متاحة للعامة لتصبح "مدينة ذكية" بحلول عام 2028، إلا أن هذه التطورات لا علاقة لها بالحرائق.

وهناك ادعاء سائد يشير إلى أن الحرائق قد أشعِلت عمداً لجعل الأرض غير صالحة للسكن، ما يمهد الطريق لـ "مدن الـ 15 دقيقة".

أشجار النخيل
مع اشتعال الحرائق، أشار أصحاب نظريات المؤامرة إلى حقيقة أن العديد من أشجار النخيل تُركت قائمة بينما احترقت السيارات والمنازل من حولها، زاعمين أن هذا دليل مفترض على نظريتهم بأن "هجوماً حرارياً" استهدف عمداً أرزاق الناس.

في الواقع، ينجو العديد من الأشجار من حرائق الغابات بسبب التكيفات التطورية. وتشمل هذه التكيفات اللحاء السميك الذي يعزل طبقاتها الداخلية والخشب الذي يحتوي على نسبة رطوبة عالية، وفقًا للمؤسسة الوطنية للغابات. بالإضافة إلى ذلك، تحدث معظم الحرارة الناتجة عن حرائق الغابات على مستوى الأرض ولا تصل إلى مظلة الأشجار. مع ذلك، تُظهر اللقطات المصورة آلاف الأشجار التي تضررت بشدة.

"شركات التأمين"
انتشرت شائعات تفيد بأن القرار الأخير الذي اتخذته شركات التأمين بإسقاط تغطية حرائق الغابات عن العديد من مواطني لوس أنجليس كان بسبب أن هذه الحرائق كانت مخططاً لها أو أن شركات التأمين علمت بطريقة ما أنها وشيكة.

صحيح أن بعض شركات التأمين رفض تجديد التغطية، إلا أن لا دليل يشير إلى أن الحرائق مفتعلة من قبل هذه الشركات. بدلاً من ذلك، يعكس هذا الاتجاه تفاقم آثار أزمة المناخ. فمع ازدياد تواتر الكوارث الناجمة عن المناخ وشدتها، ترفع شركات التأمين أقساط التأمين أو ترفض توفير التغطية في المناطق عالية المخاطر.

"شون 'ديدي' كومبس"
اكتسبت النظرية القائلة إن حريق باليسيدس قد اندلع عمداً - وسيستمر - لتدمير الأدلة المتعلقة بقضية شون "ديدي" كومز رواجاً على الإنترنت. وزعم آخرون أن الأضرار التي لحقت بالعديد من منازل المشاهير تشير إلى أن "هوليوود" تحاول حماية أكبر نجومها.

في أواخر عام 2023، قام كومز بتسوية دعوى قضائية تتعلق بالاعتداء الجنسي رفعتها شريكته السابقة كاسي فينتورا. وفي الأشهر التالية، ظهرت دعاوى قضائية إضافية ضده تتعلق بالفترة بين عامي 1991 و2009.

"هل يريدون أن تكون الولاية فارغة؟"
روّج الممثل ميل غيبسون لنظريات مؤامرة حول الحرائق متسائلاً عمّا إذا كان هناك "هدف ما" وراء حرائق كاليفورنيا. قال: "إنه أمر جنوني أن نفكر في ذلك. ولكن يبدأ المرء في التفكير في ما إذا كان هناك هدف ما. ماذا يمكن أن يكون؟ هل يريدون أن تكون الولاية فارغة؟ لا أدري.".

وأسهب في شرح نظريته، قائلاً إن المسؤولين "يعبثون بالمياه" ويتركون الاحتياطيات في كاليفورنيا. أضاف: "يمكنني اختلاق جميع أنواع النظريات الفظيعة في رأسي، لكن بدا لي أنه من الملائم بعض الشيء عدم وجود مياه".

وأشار الممثل إلى وجود أشخاص "مستعدين وراغبين وقادرين على إشعال الحرائق"، متسائلًا عما إذا كانوا "مكلفين بذلك أو يتصرفون بمحض إرادتهم." وكان قصر ماليبو الذي يملكه غيبسون الذي تبلغ قيمته 11.5 مليون دولار من بين الممتلكات التي دُمرت في الحرائق المروعة.

غضب... وكارما 
لم يتردد أحدهم في نشر فيديو للحرائق قائلاً: "لقد ساعدنا أوكرانيا وإسرائيل فأين هما الآن من مساعدتنا؟"، بينما نشر آخر صورة للحرائق وكتب: "عندما تذهب أموال الضرائب لحرق الناس أحياء في غزة، لا يمكننا أن ننصدم من مشهد النار تلتهم بيوتنا اليوم". 

وعلّق آخر على مقاطع الفيديو المنتشرة قائلاً: "لم يكن بوسعهم تأمين الحماية ضد الحرائق في كاليفورنيا ولكن بطريقة ما وجدوا 30 مليار دولار أميركي من الضرائب لقتل الأطفال في غزة".

كثر ربطوا بين ما يحصل اليوم من حرائق وبين ما حل بمدينة غزة منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، فكتب أحدهم: "هكذا شعرَت غزة على مدى عام"، بينما علّق آخر: "اليوم فقط شعرت بألم الغزاويين". 

وقالت مواطنة مقيمة في الولايات المتحدة: "نحن مسؤولون عن هذه الحرائق. هذه من صنع الإنسان. وما حدث في غزة من صنع الإنسان. رمي آلاف القنابل في غزة يؤدي بشكل مباشر إلى هذه الحرائق، ويوجد صلة بين الأمرين. يجب أن نستيقظ. أرسلوا ملايين الدولارات لفعل ما فعلوه في غزة ولكنهم لا يملكون المال لإنقاذنا من الحرائق". 

ونشر أحدهم صورتين، واحدة لغزة وأخرى لكاليفورنيا قائلاً: "ما حدث في غزة خلال سنة تكرر في يوم واحد في كاليفورنيا". 

ووسط نظريات المؤامرة، لم يتوقف الناس عن التفاعل مع الحدث، ولم تتوقف النيران أيضاً.