هل من فرصة لإقرار قانون تأخير تقاعد الموظفين والعسكريين؟

قبل نحو أربعة أشهر، تقدم عضو كتلة "اللقاء الديموقراطي" النائب بلال عبد الله إلى الجهات المعنية باقتراحي قانون، يقضي الأول برفع سن التقاعد للعاملين في الإدارات العامة، وفق الأنظمة والقوانين المرعية.

أما الثاني فيتعلق بتأخير سن التقاعد وفق المعمول به للعناصر والرتباء والضباط في الأسلاك العسكرية، بناء على أنظمة قانون الدفاع والأمن الوطنيين.

وعلى رغم مضي تلك الفترة الزمنية، ما زال مصير الاقتراحين مجهولا ويكتنفه الغموض. بمعنى آخر، يقبعان في الأدراج، على رغم أن إقرار كليهما عبر الآليات القانونية المعمول بها، من شأنه أن يساهم في حل مشكلة كبرى تواجه الإدارات العامة منذ أعوام، هي الشغور والفراغ في الملاكات التي تفرض وطأتها وثقلها السلبي على الإدارات العامة الحيوية في الدولة، واستطرادا على قاصدي هذه الإدارات لتخليص معاملاتهم.

يتحدث مقدم اقتراحي القانونين النائب عبدالله إلى "النهار" عن الأسباب التي دفعته إلى الخطوة، على رغم إدراكه المسبق أن الأوضاع متعثرة والأمور متداخلة ومعقدة، وأن إمرارهما ليس سلسا بالقدر الكافي، فيقول: "كلا الاقتراحين ليس جديدا، إذ إنني سبق أن قدمتهما إلى الجهات المعنية قبل أكثر من ثلاثة أعوام، وفق الأصول والمسالك القانونية المرعية، لتلافي ثغر وتعقيدات وسلبيات كنت أراها بجلاء زاحفة إلى جسم الإدارة العامة وملاكاتها، فتفاقم أزماته وتزيد وتيرة عجزه وشيخوخته وقصوره عن القيام بالمهمات الموكلة إليه".

"من المعلوم"، يضيف عبدالله، "أن الحكومات المتعاقبة أوقفت منذ زمن التعيينات في الإدارات والوزارت والملاكات إلا في ما ندر، وذلك بناء على مسوغات وأسانيد معروفة، في مقدمها أن ثمة فائضا وسوء توزيع في الإدارات العامة يوجب ترشيق القطاع العام.

وبما أن فئة واسعة من الكادرات والكفاءات الموجودة في الإدارات العامة قد غادرت تدريجا بفعل بلوغ سن التقاعد، فإننا عاينّا بطء العمل في هذه الإدارات وقصورها البيّن عن أداء مهماتها كما ينبغي، وإنجاز المعاملات المتراكمة، وهو ما فرض أمرا واقعا ترك تأثيرات سلبية على سير العمل في تلك الإدارات وعلى سمعتها من جهة، وأرهق أصحاب المعاملات وقاصدي تلك الدوائر من جهة أخرى، وحرم الخزينة العامة عائدات ورسوما يفترض أن هذه الخزينة كانت تتغذى بقسم كبير منها، وهي في أمس الحاجة إليها بعد الانهيارت الأخيرة في المالية العامة".

ويستطرد: "لأننا نعرف أن التوظيف والتعيين في إدارات الدولة متوقف منذ زمن، وبما أننا ندرك أن الشغور في تلك الإدارات أخذ بالتعاظم والاتساع يوما بعد يوم بفعل الإحالة على التقاعد، فلقد تقدمنا باقتراحي القانونين هذين آملين أن يأخذا طريقهما في أقصر وقت نحو الإقرار".

ويلفت إلى أنه استرد الاقتراحين أخيرا ليدخل على صيغتيهما الأوليين تعديلات، "فأضفت إليهما أنه إجراء لمرة واحدة ولمن يرغب من المعنيين والمشمولين، إذ إنني أريد أن أؤكد أنه ليس ملزما".

وردا على سؤال يجيب عبدالله: "لقد تضمن الاقتراح الأول المتعلق بالعاملين في القطاع العام رفع سن التقاعد لموظفي الفئتين الأولى والثانية للعاملين في هذا القطاع (لم يتبقّ منهم إلا أقل من ستة آلاف موظف) إلى 68 عاما، بينما نص على التمديد للفئات الثالثة والرابعة والخامسة إلى 66 عاما".

ويضيف: "لقد تقصدت أن يكون التمديد لمرة واحدة فقط، لأننا نأمل من كل قلوبنا أن تستقيم الأوضاع في الدولة وإداراتها وتعود إلى طبيعتها، فيعاد العمل بنظام توظيف كوادر جديدة شابة قادرة على العطاء ورفد الإدارة العامة بدم جديد وكفاءات يمكنها إعادة الحياة إليها وبعثها مجددا على نحو يزيل شكوى المواطن العالية واليومية من الشغور والقصور والعجز عن أداء ما هو مطلوب منها، فعندها تنتفي الحاجة تلقائيا إلى العمل بهذين المشروعين ويعاد الاعتبار إلى طريقة التوظيف وفق الآليات القانونية المعمول بها".

وعن أبعاد تقديمه اقتراح قانون تأجيل التسريح في الأسلاك العسكرية، يقول: "ثمة اعتبارات متعددة أملت علينا التقدم به، منها:
- عِلمُنا أن المؤسسة العسكرية في حاجة إلى عناصر جديدة تلتحق بها بعدما توسع نطاق مهماتها، وإدراكنا أن أمر التطويع ليس متاحا أو يسيرا دائما.
- رغبتنا في تلافي مسألة التمديد لهذ القيادي أو ذاك من ذوي الرتب العالية في هرم القيادة.
- باقتراحنا هذا، إنما نحفظ التراتبية العسكرية ونضمن تحقيق عنصر العدالة للجميع، وهذا يتحقق عندما نسمح بتمديد خدمات كل العسكريين الراغبين، من نفر إلى رتبة عماد، لمدة سنتين إضافيتين".

وماذا عن مدى تجاوب المعنيين في الحكومة ومجلس النواب مع هذين لاقتراحين؟ يجيب عبدالله: "لا نبالغ إذا قلنا إنه يصعب علينا أن نستشرف مدى حماسة الجهات المعنية لتبنيهما، والعمل الجاد والعاجل على إقرارهما وفق الآليات القانونية المعمول بها، إذ إن هناك تكتما على الموضوع يجعل مصيرهما غامضا. وفي نهاية المطاف فإن الأمر مرتبط بتوجه حكومة تصريف الأعمال وبمدى تجاوب مجلس النواب، فكلاهما له دور أساسي في التعجيل بالإقرار".