هل من مخفيّ في الورقة الأميركية ينسف المفاوضات؟

ما سُرّب من نقاط في المسوّدة الأميركية لنص الاتفاق حول وقف إطلاق النار التي تسلمها رئيس مجلس النواب نبيه بري، يوحي بأنها تندرج كلها ضمن القرار 1701، حتى في ما يتعلق بتشكيل لجنة دولية لمراقبة تطبيقه، لا تشكل عائقاً أمام الموافقة على المسودة المطروحة. هنا يكمن الغموض ويشي بوجود بنود مخفية ضمن ما بات يُعرف بالنقاط الـ13 وما تتضمنه من تفاصيل حول شروط إسرائيلية كان قد أُعلن عنها أو جرى تسريبها سابقاً حول المنطقة العازلة وإخراج "حزب الله" إلى شمالي الليطاني وسحب السلاح غير الشرعي وصولاً إلى حق الدفاع والتحرك الذي يجيز للجيش الإسرائيلي مواجهة ما يعتبره تهديداً محتملاً.

إذا صحت المعلومات حول النقاط المعلنة والتي يتعاطى معها بري بإيجابية، فلا عائق أمام لبنان لإعلان موافقته على ما هو مقترح ما دام يتمحور حول تطبيق الـ1701، أما "حزب الله"، فلا مصلحة له في أن يعارض الاتفاق. لكن ما يجري في الميدان على أرض الجنوب من تصعيد إسرائيلي يتصل بالمرحلة الثانية من الهجوم البري مدفوعاً بغارات هي الأعنف منذ بدء القتال، يوحي بأن المطروح هو أكثر من المعلن في الورقة الأميركية، ويشير إلى أن الميدان هو عنوان للتفاوض والهدف فرض أمر واقع لترجمته سياسياً في أي اتفاق تحدده موازين القوى على الأرض.

لا يرفض لبنان بالمطلق تشكيل لجنة مراقبة دولية لتطبيق القرار 1701، لكنه يتحفظ على توسيعها، ووفق مصدر ديبلوماسي إن النقطة العالقة التي قد تطيح المفاوضات، هي المتعلقة بالسلاح وما تتضمنه النقطة المتعلقة بسيطرة الجيش اللبناني على المعابر الحدودية لمنع إدخال الأسلحة. ويشير المصدر إلى أن المفاوضات التي جرت بين إسرائيل والولايات المتحدة تمحورت حول الضمانات الأمنية لتل أبيب. فالمفاوض الإسرائيلي أبلغ الأميركيين أن الظروف في الداخل لا تزال مؤاتية لاستمرار الحرب ضد "حزب الله" ولا يمكن أن تتوقف من دون تحقيق أهداف تمنع العودة إلى ما قبل 8 تشرين الأول 2023. ويشير المصدر إلى أن المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين سيأتي إلى لبنان إذا تأكد من إمكان نجاح مهمته لبدء مفاوضات وقف النار، وهو نال موافقة من الرئيس المنتخب دونالد ترامب لاستئناف مهمته.

لكن التعقيدات لا تزال ماثلة، إذ إن إسرائيل تتمسك بشروط قاسية وهي تحاول اللعب على بنود الورقة التي قدمت للبنان وتفسير نقاطها لمصلحتها وصولاً إلى فرض حرية الحركة والرقابة، وهي شروط لا يوافق عليها "حزب الله"، ولذا يمكن فهم التصعيد الإسرائيلي بالتوازي مع المفاوضات السياسية.

وتكشف مصادر سياسية مطلعة أن "حزب الله"، في الوقت الذي يراهن فيه على إلحاق خسائر بالإسرائيليين في الميدان لدفعهم إلى إعادة النظر في حربهم، فإنه يوافق على إحدى النقاط من ضمن حل شامل وهي عدم ظهوره عسكرياً في الجنوب، لكنه يرفض لجنة المراقبة وحرية الحركة الإسرائيلية.

وفي المقابل تسعى الولايات المتحدة إلى الحصول على موافقة لبنان على الورقة المقدمة، وهي أبلغت المسؤولين أنها الفرصة الوحيدة ويجب على لبنان إنجاز اتفاق وفقها من دون الربط مع غزة. وإلى حين التوصّل إلى تفاهمات عبر المفاوضات، تكثف إسرائيل عملياتها لتعزيز شروطها انطلاقاً من الميدان والتحكم بكل مجريات الحياة في لبنان.