المصدر: الانباء الالكترونية
الأحد 13 آب 2023 06:42:42
تُنبئ الأحداث الأمنية المتتالية بإحتمال خروج الأمور عن السيطرة والإنزلاق نحو سيناريو خطير، إلّا أنّ المعطيات المتوافرة تستبعد هذه النظرية، لكن الخوف لا يزال مشروعًا مع تكرار الحوادث الأمنية، فهل نحن فعلاً أمام سيناريو سوداوي في المرحلة المقبلة؟
يستبعد الصحافي والمحلل سياسي نبيل بو منصف "فرضية الصدفة من أحداث عين الحلوة إلى عين إبل إلى الكحالة"، حيث يؤكّد أنّ "مثل هكذا أحداث لا تحدث عن عبث". لكنه يُفضل الحديث بموضوعية، ويقول لجريدة "الأنباء" الإلكترونية: "حادثة الكحالة مع أنها خطيرة وجسيمة وذهب فيها ضحيتان، لكن لم يظهر أنها كانت نتيجة تخطيط ما، ففي الوقائع الشاحنة إنقلبت وانكشفت الحمولة".
ولكن الخطير بحادثة الكحالة وفق بومنصف هو أن "الشاحنة كانت محملة بذخائر لحزب الله وتواكبها سيارة، وحصل الحادث مع أهالي الكحالة، ولكن الحادث بحد ذاته ليس حادثًا مخططًا".
وهنا يرى بومنصف أن "الحادث أضاء من جديد على مسألة سلاح حزب الله، وكيف يتصرف لوجستيا وكيف يتنقل بالبلد ولا أحد يقف بوجهه وكأن ليس هناك من جيش، بدليل أنه هو من أبلغ الجيش عندما انقلبت الشاحنة وطلب منه معالجة الأمر وكأنه أمر شرعي وطبيعي". وإذ يلفت إلى أنّ هذا "التصرف صدم الكثير من المواطنين"، لكنه يذكّر بأن "الحكومات المتعاقبة بالبلاد ببياناتها الوزارية، بكل مرة يضعون الفقرة المتعلقة بمعادلة "الجيش والشعب والمقاومة"، ويسيرون بها ويُشرَّعون لحزب الله أن يقوم بأي تصرف تحت ستار المقاومة، إذًا هو حاصل على شرعيته براحة".
أما حادثة عين إبل وأحداث عين الحلوة، فيعتبر بومنصف أنها "حتمًا لها إرتباط بالواقع الأمني في البلد"، ولا يشك بخطورتهما. لكنه يرى أن "الأمر الاخطر هو مدى قدرة القوى الأمنية بأن تكون جاهزة كل الوقت حتى تتمكن من منع أي إختراق يوصل لمكان خطير" .
إذًا هل نحن أمام إنفجار أمني وشيك؟ يؤكد بو منصف أن "كافة السياسية بلبنان ليس لديها مصلحة بتفجير الوضع الأمني، والذهاب إلى فتن طائفية أو تخريب السلم الأهلي، ولا أحد لديه القدرة على ذلك، بإستثناء حزب الله الذي هو يملك القدرة"، ويضيف: "لكن حتى حزب الله ليس لديه المصلحة في إفتعال أزمة ذات طابع طائفي وتحريك حساسيات الشعب في ظل وضع "متوهج" لهذه الدرجة، لكن لديهم سلوكيات إستعلائية وإستقوائية توصلهم إلى مشاكل كبيرة، وهذا أمر لا يقل خطورة عن أن يكون لديه خطة لتفجير الوضع الأمني، لذا عليهم الإنتباه إلى سلوكياتهم وعلى سياساتهم"، وفق ما يلفت بو منصف.
بو منصف حمِّل "الحزب مسؤولية تعطيل إنتخابات رئيس الجمهورية وأخذ البلد إلى توتر سياسي بهذا المستوى، بما في ذلك تفاقم الفراغات وتفاقم الأزمة المالية، وهم بتصرفاتهم هذه دفعوا فئات كثيرة لمعاداتهم"، لكنه رغم كل هذه "الصورة القاتمة"، لا يرى أننا "على مشارف إنهيار الواقع الأمني في لبنان، وذلك لـ 3 أسباب:
أولًا، ليس هناك من قرار سياسي لدى أحد بأن يقلب الطاولة، فهي إذا إنقلبت ستنقلب على رؤوس الجميع، وهذه المرة ستكون أسوأ من المراحل السابقة، فأي إهتزاز للسلم الأهلي سيكون أخطر من المراحل السابقة التي مررنا بها بالحرب وقبل الحرب.
ثانيًا، ليس هناك أي مناخ خارجي يثير الخوف ويسمح بأن ينهار لبنان أمنيًا، فاليوم أي إنهيار أمني بالداخل لن يبقى محصورًا داخليًا، لا بل سيؤثر على أوضاع الحدود مع إسرائيل، حيث أن الوضع هناك شديد التوتر وخطير، وهذا يثير الخوف أكثر من الموضوع الداخلي. دون أن نُسقط هنا فرضية حصول إضطرابات محدودة وليس أكثر.
ثالثًا، لا زالت القوى الأمنية والجيش وعلى الرغم من كل الملاحظات التي سُجِّلت خلال ما حصل مؤخرًّا، إلّا أنّه ليس مزحة أن الجيش لا زال يستطيع التصدي والقيام بواجبه، حتى رغم الأزمة المالية الهائلة التي تعاني منها المؤسسة العسكرية، فالمؤسسة العسكرية لا زالت لديها القدرة على إحتواء الأخطار وتقوم بالحد الأقصى المُمكن في الحفاظ على الأمن الداخلي من أجل عدم الوصول إلى أماكن أخطر بكثير".
لبنان اذا الذي طالما إعتاد على حوادث مُتكررة لا سيما في الآونة الأخيرة، يبقى أمانة لدى المؤسسة العسكريّة ولكنّ إلى متى؟ لا سيما في ظل الحملات التي تتعرض لها لذلك ليس أمام اللبنانيين المغلوبين على أمرهم إلا التعويل على صموده وعلى إستفاقة الدولة من غيبوبتها!