المصدر: النهار
الخميس 30 كانون الثاني 2025 13:19:45
ما جرى أخيرا من تظاهرات ورفع أعلام وتحديات واستفزازات، ترك علامات استفهام: هل عدنا إلى حقبة الاصطفافات التي كانت سائدة بعد العام 2005 و"تخييم" فريق 8 آذار في وسط بيروت، وصولا إلى القمصان السود وكل ما حصل حتى 7 أيار؟ أم أن ما جرى هو "فشة خلق" بعد انتخاب رئيس للجمهورية خارج إرادة الثنائي الشيعي، ثم تكليف القاضي نواف سلام تأليف حكومة العهد الأولى، وهو ما اعتبره الثنائي انقلاباً بعد انهيار النظام السوري وسقوطه المدوي؟
كل هذه العناوين، ربطاً بالحرب الأخيرة وتداعياتها وما خلفته من اغتيالات قيادات الصف الأول في "حزب الله"، وعلى رأسها أمينه العام السيد حسن نصرالله، ربما أدت إلى هذه التظاهرات التي لم تكن مقبولة على الإطلاق، إذ لولا الوعي والإدراك من الأهالي والأحزاب والتيارات السياسية على اختلافها، والتي لها نفوذ في المناطق حيث جرت هذه التحركات، لكانت الأمور أدت إلى ما لا يحمد عقباه، خصوصاً أن المواطنين على أعصابهم في ظل ظروف ومعاناة صعبة، وبعد صيف ساخن وانهيار الوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي. فهل نحن أمام معادلات جديدة أو اصطفافات مماثلة عن السابق، وإن تكن الظروف تبدلت؟
يقول النائب أشرف ريفي لـ"النهار": "بعد انتخاب رئيس للجمهورية وتكليف القاضي سلام تأليف الحكومة، وانهيار أذرع إيران في المنطقة وسقوط النظام السوري، انتقلنا إلى مرحلة جديدة، وعلى "حزب الله" أن يعي هذه التحولات، فالمكابرة لا تنفع على الإطلاق. لقد كنا صادقين عندما دعوناهم إلى تلقف هذه اللحظة والانخراط في الدولة ومؤسساتها والخروج من الدويلة، وبالتالي القرار للجيش اللبناني والقوى الأمنية الشرعية وليس للمقاومة والدويلة. في الحرب الأخيرة، كنا إلى جانب أهلنا في الجنوب والبقاع والضاحية، وصمتنا تقديراً لهم وشعوراً مع النزوح الكبير واحتراما للشهداء الذين سقطوا ولدماء الجرحى، ولكن أن يقوم الحزب بهذه التظاهرات، فذلك يطرح التساؤلات عما جرى. هل يعتقدون أنهم قادرون على تغيير الواقع؟ قطعاً لا، نقول لهم إن بشار الأسد سقط إلى غير رجعة، وإيران تنتظر الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتحاوره وتنضم إلى المفاوضات، وكل العوامل التي أدت إلى قيام الممانعة لم تعد موجودة، فعلى الحزب أن يعي هذه التحولات ويكون إلى جانب أخوانه في لبنان. آن لنا أن ننعم بالأمان، ونبني دولة ومؤسسات يفتخر بها أبناؤنا وأحفادنا".
ويخلص ريفي: "لا أعتقد أننا أمام اصطفافات جديدة، فالكلمة للناس في الانتخابات النيابية المقبلة التي تحدد الخيارات، ودائماً نحتكم إليهم في كل المحطات والمراحل. ثمة دولة على رأسها العماد جوزف عون، وحكومة، ولا ننسى أن الجنوب مدمر وكذلك الضاحية الجنوبية والبقاع، وبالتالي نحن أمام مرحلة إعادة إعمار، فالأشقاء والأصدقاء إلى جانبنا. بالأمس كان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في لبنان، وعادت المملكة إلى البلد، والخليج برمته، والمجتمع الدولي يترقب وينتظر، فعلينا أن نبني هذه الثقة ونحافظ عليها، لذلك وللمرة الأخيرة نقول للحزب كفى. العودة إلى هذه الحركات غير مقبولة، فللمنازل حرمتها وكذلك الشوارع وكل ما يتصل بالحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. عودوا إلى رشدكم، فقد آن الأوان".
توازياً، تشير المعلومات إلى أن رؤساء الأحزاب المسيحية من "القوات اللبنانية" والكتائب، أوعزوا إلى محازبيهم بضرورة التهدئة وعدم الرد على أي حركات استفزازية، تاركين معالجة الوضع للجيش اللبناني، في حين علم أن أكثر من جهة تولت الاتصال بـ"حزب الله"، ومنهم رئيس مجلس النواب نبيه بري وقيادة حركة "أمل" بعيداً من الإعلام والأضواء، بغية استيعاب الوضع والتهدئة، في ظل أجواء من معظم القوى توحي أن ليس هناك أي اصطفافات في هذه المرحلة، في انتظار ترقب مسيرة العهد الجديد والحكومة ليبنى على الشيء مقتضاه.