المصدر: Kataeb.org
الكاتب: شادي هيلانة
الخميس 27 تشرين الثاني 2025 15:03:27
تُطرح علامات استفهام كبرى حول تداعيات توقيع لبنان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع قبرص، بعد الموقف التركي الصارم الذي صدر صباح اليوم عن وزارة الخارجية التركية، والتي اعتبرت أن الاتفاق يمس بشكل مباشر الحقوق والمصالح المتساوية للقبارصة الأتراك في الجزيرة، فهذا التصريح، الذي اتسم بلهجة حادة وواضحة، يعكس مقاربة تركية ثابتة مفادها أن أي تفاهمات بحرية في شرق المتوسط لا يمكن أن تُبرم من دون إشراك الشطر الشمالي من قبرص، الذي لا تعترف أنقرة بشرعية استبعاده من أي ترتيبات تخصّ الجزيرة.
ويؤكد مصدر دبلوماسي بارز لموقع kataeb.org أنّ الاتفاق الجديد، رغم منحه لبنان فرصة الشروع في أعمال الاستكشاف ضمن مياهه الإقليمية وتطوير قطاع الطاقة بوصفه حاجة وطنية ملحة، يُقارب إقليميًا بقدر أكبر من التعقيد، لأن بالنسبة إلى تركيا، لا تختصر المسألة بترسيم خطوط بحرية أو تحديد نقاط جغرافية، بل ترتبط بمعادلة سياسية واستراتيجية تمتد إلى ما يتجاوز قبرص، وتلامس مجمل توازنات شرق المتوسط.
ويضيف المصدر أن أنقرة ترى في التفاهم اللبناني-القبرصي تقاطعًا مع شبكة تفاهمات بحرية تبلورت بين دول المنطقة، ولا سيما اليونان ومصر وإسرائيل وقبرص، بما يضع تركيا خارج معادلة الطاقة الناشئة ويحد من قدرتها على التأثير في مساراتها.
ويتابع: على الرغم من أن اتفاق 2007 بين لبنان وقبرص بقي غير مُبرم بالكامل، فإن تركيا سجلت اعتراضًا رسميًا عليه أمام الأمم المتحدة عام 2011، معتبرة أن الخط المعتمد لا يراعي حدود الجمهورية التركية لشمال قبرص، أما اليوم، وبعد إعادة تفعيل الاتفاق وتوقيعه، فترى أنقرة أن أي خطوة من هذا النوع لا يمكن أن تتم من دون مراجعتها أو التشاور معها، لأن تجاهل موقعها الجيوسياسي ينعكس، وفق مقاربتها، على حقوق القبارصة الأتراك وعلى مصالحها الاستراتيجية في البحر المتوسط.
في المقابل، وبحسب المصدر نفسه، ينظر لبنان إلى الاتفاق بوصفه خطوة ضرورية لاستكمال تثبيت حقوقه البحرية وتنشيط عملية التنقيب عن الغاز والنفط، وبالتالي فإن قبرص ستؤمن للبنان أكثر من فرصة للتعاون في هذا المجال، لا سيما في ظل أزمته الاقتصادية الحادة وحاجته إلى فتح أبواب جديدة للاستثمارات، إلا أن خطوة من هذا النوع، على أهميتها، قد تضعه أمام موقف تركي حاد قد يتحول إلى عنصر توتر بين البلدين إذا لم يُحتوَ دبلوماسيًا.
ويشير المصدر إلى أنه لا بد من التواصل مع تركيا في هذا الشأن من الجانب اللبناني، معتبرًا أن التعامل مع أنقرة بات ضرورة وليس خيارًا، نظرًا لتداخل المصالح وتعقد واقع شرق المتوسط.
في الخلاصة، يتبين أن الاعتراض التركي على الاتفاق يضع لبنان أمام معادلة شديدة الحساسية، مفادها: كيف يمكنه تثبيت حقه في تطوير ثرواته البحرية، من دون أن يتحوّل توقيعه مع قبرص إلى شرارة أزمة دبلوماسية جديدة مع أنقرة، في ظرف إقليمي بالغ التعقيد؟