هل يختتمها هوكشتاين بالاتفاق الحدودي؟

خلال الزيارات الأربع التي قام بها الموفد الأميركي آموس هوكشتاين لبيروت منذ عملية "طوفان الاقصى" التي نفذتها حركة "حماس" ضد إسرائيل وتوّجها بزيارته الخامسة قبل يومين، كرر أن هناك حاجة إلى حل ديبلوماسي لاستعادة الهدوء في المناطق الحدودية لكل من إسرائيل ولبنان.

ومع أن هوكشتاين لا يحمل صفة ديبلوماسية بالمعنى العملاني للكلمة، فإنه انتُدب اصلاً لمهمة ديبلوماسية حين عُيّن وسيطًا في المحادثات التي رعتها الولايات المتحدة بين إسرائيل ولبنان في عام 2021 والتي أسفرت عن اتفاق حدودي بحري نادر بين البلدين في تشرين الأول 2022، ما أعطى زخماً للمهمة التي انتُدب إليها لاحقاً حول تهدئة الجبهة بين إسرائيل و"حزب الله" المصنف من الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية، فيما هو ليس طرفاً مباشراً في المحادثات التي يقودها هوكشتاين.

يشعر المسؤولون الأميركيون بالقلق من رد انتقامي للحزب على قتل أحد قيادييه #فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية واحتمال اتساعه على نطاق لم تشهده المنطقة منذ 2006، فيما يخشون أيضاً من أن تخطط إسرائيل لعملية عسكرية في لبنان إذا فشلت الجهود الديبلوماسية في دفع "حزب الله" بعيداً عن الحدود الشمالية مع إسرائيل. ولم يدخل هوكشتاين علناً على الأقل في التفاصيل التي تردّد أنها تضمّنت مطالبة إسرائيل "حزب الله" بانسحاب عناصره لمسافة 10 كيلومترات من حدودها شرطاً لوقف هجماتها في لبنان وفقاً لقرار مجلس الأمن الرقم 1701، الذي أنهى الحرب التي خاضتها إسرائيل و"حزب الله" في عام 2006.

رفض الحزب هذه المطالب خلال كل الزيارات السابقة عبر اشتراط وقف النار في غزة أولاً من دون أن يدخل في التفاصيل هو أيضاً بينما المسؤولون اللبنانيون الذين يأتمنهم الحزب على مطالبه تحصّنوا بالمطالبة بتنفيذ القرار 1701 كاملاً على رغم ما تثيره هذه المطالبة تحديداً من تساؤلات غير واضحة حول ما يوافق عليه الحزب أو من يتحدثون باسمه، إذ إن التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس حول القرار 1701 حدّد القضايا الإضافية للانتهاكات المختلفة للقرار 1701 مثل تبادل إطلاق النار عبر الخط الأزرق، واحتفاظ "حزب الله" والجماعات المسلحة الأخرى بأسلحة خارج سيطرة الدولة اللبنانية في المنطقة الواقعة بين نهر الليطاني والخط الأزرق، واستمرار احتلال الجيش الإسرائيلي قرية الغجر الشمالية التي تقع على جانبي الخط الأزرق، و"المنطقة المجاورة" لها شمالي هذا الخط، وانتهاكات المجال الجوي والسيادة اللبنانية والإسرائيلية. كما أشار التقرير إلى أنه إذا تم تأكيد عمليات نقل الأسلحة المزعومة إلى جهات مسلحة غير تابعة للدولة في لبنان، فإنها تشكل أيضاً انتهاكاً للقرار 1701(!)

الأهم في الزيارة الأخيرة لهوكشتاين "النفحة الإيجابية" التي عمّمها رئيس مجلس النواب #نبيه بري المفاوض باسم الحزب فيما كانت حملة إعلامية من أوساط هذا الأخير على الموفد الأميركي أثارت تساؤلات إزاء إمكان عودته أو نتيجة قطع الآمال بمواصلة مهمته أو أيضاً نتيجة الحاجة الملحّة لعدم ترك الولايات المتحدة الجبهة اللبنانية بعيداً من اهتماماتها، ما يمكن أن يضعف الأوراق التي تُستثمر على هذا الصعيد.

ومن غير المحتمل وغير الوارد أن يعترف "حزب الله" بأنه أُنهك في الحرب التي تكاد تشارف شهرها الحادي عشر كما هي الحال بالنسبة الى حركة "حماس" أو حتى بالنسبة الى إسرائيل كذلك. لكن الواقع مغاير كلياً وفقاً لمعطيات ديبلوماسية على خلفية أن التغييرات باتت كثيرة في ساحة المعركة الأساسية في غزة وكذلك على جبهة الجنوب اللبنانية وصولاً الى اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" إسماعيل هنية في قلب طهران، ما حفز بقوة إعادة إحياء محادثات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، فيما بدت المنطقة تتجه الى حافة هاوية حرب يمكن أن تتسع نتيجة خطأ في التقدير أو الحسابات.

والتعويل أنه في حال الإعلان عن وقف إطلاق النار في ظل المفاوضات المتجددة في الدوحة، فإن زيارة هوكشتاين هذه المرة تتصل باحتمال وقف احتمال توسّع الحرب بالإضافة الى بدء مسار التهدئة وإعادة الاستقرار الى الجنوب وفق الأطر المتفق عليها.

والتفاؤل النسبي يعود الى أن الظروف تغيّرت بحيث بات الجميع يدركون أن الوقت لم يعد يعمل لصالحهم وأن الإنجازات العسكرية بالنسبة الى إسرائيل في قطاع غزة باتت ضئيلة وفق ما عبّرت عن ذلك الإدارة الأميركية بالذات من خلال الإعلان أن استعادة الرهائن صعبة عبر العمليات العسكرية والعمل هو للديبلوماسية. فيما تراجعت الإنجازات بالنسبة إلى خصومها.
فهل يختتم هوكشتاين انتدابه قبل نهاية ولاية الرئيس جو بايدن بإنجاز الاتفاق على الحدود الجنوبية؟