المصدر: نداء الوطن
الكاتب: طوني كرم
الخميس 18 كانون الثاني 2024 07:53:49
يتصدّر الشغور المرتقب في رئاسة النيابة العامة التمييزيّة اهتمام القوى السياسيّة التي تمعن في تكبيل السلطة القضائيّة ودفعها إلى مزيد من التخبّط.
وإن كانت السطور لا تكفي راهناً لعرض المراكز الإدارية والقضائيّة والأمنية التي تدار بالتكليف أو بالإنابة، إلّا أنّ بلوغ القاضي غسان عويدات السنّ القانونية للتقاعد في 21 شباط 2024، يشرّع الباب أمام إثارة الهواجس الطائفيّة التي تفرض نفسها عند كل استحقاق؛ وذلك بالتزامن مع تخبّط القوى السياسيّة في اجتراح الحلول الكفيلة بإعادة الانتظام إلى عمل المؤسسات الدستوريّة.
ويتفادى المعنيّون الكشف عن الآلية التي ستعتمد لملء الشغور في منصب المدعي العام التمييزي في لبنان، مشيرين إلى أنّ إطالة أمد الشغور في سدّة الرئاسة الأولى، يحتّم على حكومة تصريف الأعمال، تحمّل المسؤولية وملء المراكز الشاغرة بموظفين أصيلين وفق الأعراف المتّبعة. ما يضمن في هذا المجال، الإبقاء على تمثيل «المكوّن السنّي» في أعلى المراكز القضائيّة، ويبدّد هواجس «الدروز» وسعيهم الدؤوب إلى تعيين رئيس للأركان في الجيش اللبناني؛ ليشكّل تعيينه مدخلاً لسدّ الشغور في المجلس العسكري (رئيس الأركان، نائب رئيس المجلس، والمدير العام للإدارة والمفتش العام).
وفي هذا السياق، يشدّد المتابعون على وجوب الفصل بين رئاسة الأركان ورئاسة النيابة العامة التمييزية، باعتبار أنّ الأولى غارقة في متاهات الحسابات والابتزازات بين القوى السياسيّة، في حين أنّ الثانية استحقاق لا مفرّ منه، يخوّل القاضية ندى دكروب، ما لم تبادر الحكومة أو السلطة القضائيّة إلى تعيين قاضٍ آخر، إلى الحلول مكان الرئيس غسان عويدات حكماً في 22 شباط 2024، كونها القاضية الأعلى درجة من بين المحامين التمييزيين.
وتقلّل أوساط متابعة من التسريبات التي تشير إلى إمكانية إبداء دكروب عدم رغبتها في تولّي هذا المركز، لتضعها في السياق ذاته الذي سبق إحالة حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة إلى التقاعد وما نقل حينها عن رغبة نائب الحاكم الأول وسام منصوري في عدم تحمّل المسؤولية في حاكميّة المصرف المركزي بالإنابة. وتؤكّد في موازاة ذلك، أنّ البحثّ قائم بين المعنيين لتفادي المزيد من «الخضات» في العدلية، وذلك من خلال التأكيد على أنّ مروحة الخيارات الممكنة تتراوح بين:
1- تحمّل مجلس الوزراء المسؤولية في الدرجة الأولى، واتّخاذ قرار بموافقة ثلثي أعضاء الحكومة لتعيين نائب عام تمييزي.
2- في حال تلكّؤ الحكومة عن تحمل المسؤولية، يعمد كلّ من مجلس القضاء الأعلى ووزير العدل إلى التوافق في ما بينهما على قاضٍ ينتدب إلى هذا المركز.
3- تكليف القاضي الأعلى درجة بين المحامين العامين التمييزيين.
4- قيام رئيس مجلس القضاء الأعلى انطلاقاً من المسؤولية التي توجب عليه تأمين انتظام عمل السلطة القضائية، بتكليف المدعي العام التمييزي من رؤساء غرف التمييز.
وأمام هذا الواقع، لا يغيب التداول أيضاً بإمكانية تكرار عويدات ما سبق وأقدم عليه القاضي عدنان عضوم، بتكليف قاضٍ للحلول مكانه قبل خروجه من العدليّة. وفي هذا السياق، يؤكّد المدّعي العام التمييزي السابق حاتم ماضي لـ»نداء الوطن» أنّ تكليفاً كهذا إذا حصل يسقط مع خروج الرئيس عويدات من العدليّة. وشدّد على أنّ ما يطرح من أفكار يعدّ «هرطقة لا أكثر، وتفسيراً خاطئاً للقانون». ولفت إلى أنّه لا يمكن الركون إلى خطأ سبق ارتكبه المدّعي العام التمييزي السابق عدنان عضوم من خلال انتداب القاضية ربيعة عمّاش للحلول مكانه بُعيد تعيينه وزيراً عام 2004، وقال إنّ الركون إلى اجتهاد خاطئ يعدّ عملاً معزولاً Act isolé.
وفي سياق متصل، علمت «نداء الوطن» أنّ البحث قائم على قدم وساق بين وزير العدل هنري الخوري ورئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود للتوافق على انتداب قاضٍ على رأس النيابات العامة في لبنان من بين سلّة من أسماء كفيلة بنظرهما بضمان انتظام عمل السلطة القضائيّة. وتبقى العبرة في مدى ترفّع السلطة السياسيّة عن حساباتها الضيّقة، واعتماد المعايير الموضوعيّة والقانونية الكفيلة بتحقيق العدالة «المعلّقة» على حبال التشكيلات القضائيّة العامة والجزئيّة.