المصدر: النهار
الكاتب: ابراهيم بيرم
الخميس 7 آب 2025 08:09:10
استدعت الاشتباكات المسلحة التي سجلت لساعات منذ ليل الثلثاء الماضي في مخيم برج البراجنة، إلى دائرة الضوء مجددا مسألة مصير سلاح المخيمات التي سحبت من التداول لبعض الوقت إثر إبلاغ السلطة الفلسطينية الدولة اللبنانية عجزها عن الشروع في مساعدتها على إنفاذ قرار اتخذته بيروت وقضى بتجريد المخيمات الفلسطينية من سلاحها.
وتفيد المعلومات أن هذه الاشتباكات التي ترددت أصداؤها في كل الضاحية الجنوبية، كانت بالأصل بين عائلتين من النازحين الفلسطينيين محسوبتين على حركة "فتح"، وهو ما عزز فرضية أن الاشتباك جرى نتيجة انقسام مضمر داخل الحركة، أدرجه عارفون بالشأن الفلسطيني في خانة أمرين:
الأول أنه امتداد لظاهرة التباين التي سجلت حيال قرار الدعم والإسناد الذي قدمه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى الدولة اللبنانية لإنفاذ قرار قضى بتجريد المخيمات من سلاحها، وهو ما أفضى إلى ظهور نوع من التمرد والعصيان في صفوف كوادر الحركة وبيئتها على التزام هذا القرار، على رغم أن السلطة بادرت إلى إرسال وفد رفيع إلى بيروت برئاسة القيادي المخضرم عزام الأحمد، وبذل جهودا حثيثة لدفع "الفتحاويين" إلى التجاوب مع قرار عباس نزع سلاح المخيمات.
وعلى الأثر بادرت سلطة رام الله إلى اتخاذ جملة تدابير تنظيمية أفضت إلى إبعاد السفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور عن المنصب الذي يتولاه منذ أكثر من عشرة أعوام، وأتت بصف قيادي جديد لـ"فتح"- لبنان.
أما الأمر الثاني فهو أن اشتباكات مخيم البرج التي أدت إلى سقوط ضحايا، يمكن أن تنتج منها تداعيات داخل المخيم الواقع في قلب الضاحية الجنوبية وفي مخيمات أخرى، وهو ما أعاد الاعتبار إلى قرار تجريد المخيمات، انطلاقا من أن الاشتباكات عينها هي دليل إضافي على أن السلاح قد انحرف عن مهمته الأصلية وبات سلاح فتنة، واستحال عبئا على المخيمات وقاطنيها، بما يزيد المعاناة.
ومن المعلوم أن السلطة الفلسطينية كانت أبلغت إلى السلطة اللبنانية أنها لن تتراجع عن دعم قرار التجريد المتخذ منذ أشهر، وكان يفترض أن يبدأ تنفيذ مرحلته الأولى في 15 حزيران/يونيو الماضي، وأن المسالة سيعاد تحريكها مجددا بعد انتهاء رحلة التبديل والتغيير الواسعة وإعادة شد العصب التنظيمي التي بدأتها رام الله في الساحة الفلسطينية في لبنان.
بناء على كل هذه الوقائع والتعهدات، سرت في الأيام الماضية وخصوصا بعد الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء والطلب إلى قيادة الجيش وضع خطة لحصر السلاح بيد الدولة بما فيه سلاح الحزب، مناخات مفادها أن وقت تجريد المخيمات من سلاحها قد اقترب. إلا أن قياديا فلسطينيا أبلغ إلى "النهار" أن موضوع تجريد المخيمات من سلاحها ما زال مجمدا، وليس هناك مؤشرات عاجلة لتحريكه كما أشيع أخيرا. وقال: "نحن القوى الفلسطينية المعنية بهذا الموضوع سبق لنا أن تفاهمنا مبدئيا على أمرين في هذا الخصوص، الأول أن يكون هناك اجتماع لـ"هيئة العمل الوطني الفلسطيني"، أي الإطار الذي يضم ممثلين لكل الفصائل والقوى الفلسطينية في لبنان لبحث هذا الأمر واتخاذ ما يلزم، على أن تكون هذه القرارات ذات صفة مرجعية وملزمة للجميع. وليس خافيا أن الهيئة لم تتمكن من الاجتماع حتى الآن، والسبب الأساسي هو التجاذب داخل "فتح" وما تلاه من تبديلات وتغييرات في قيادة التنظيم، لذا فأي جديد في هذا الشأن سيكون في انتظار اجتماع الهيئة. أما الأمر الآخر فهو أن الفصائل تفضل استخدام مصطلح تنظيم السلاح في المخيمات، وليس أي مصطلح آخر".
وخلص القيادي إلى القول: "في كل الأحوال نحن لم نتهرب من المسؤولية، لذا نجدد التأكيد أننا منفتحون تماما على مناقشة الأمر مع الدولة وفق مصلحة الشعبين الشقيقين".