هل ينجح الموفد الأميركي في إحياء جهود التهدئة بعد فشل مساعيه مع إسرائيل؟

مع خسارة الحزب الديموقراطي في الانتخابات الرئاسية الأميركية، يطرح التساؤل حول استمرار إدارة الرئيس جو بايدن في دفع جهود التهدئة ووقف إطلاق النار في لبنان. وتأتي هذه التساؤلات وسط تصاعد الحرب الدائرة على الجبهة اللبنانية، حيث يمثل لبنان نقطة حساسة تشهد استقطابات سياسية وعسكرية معقدة، يتداخل فيها المحلي بالإقليمي.

وعبر مصدر وزاري لبناني لـ «الأنباء» عن «المخاوف من التباطؤ في جهود التهدئة، لأن الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة قد تكون خففت من حماسة الإدارة الديموقراطية لدعم وقف إطلاق النار بفعالية كما في السابق، إذ غالبا ما ينشغل الطرف الخاسر في الانتخابات بترتيب انتقال السلطة ومواجهة التحديات الداخلية. وعلى الرغم من أن إدارة بايدن تتبنى موقفا داعما لاستقرار لبنان فإن هذا الموقف قد يتأثر بمتغيرات سياسية تتعلق بانتقال السلطة، ما يترك الباب مفتوحا أمام احتمالية التراجع عن بعض الجهود الحالية أو تعديلها».

وقال المصدر «على الرغم ن ذلك، تبقى واشنطن مدفوعة ببعض المصالح الاستراتيجية، من بينها منع التصعيد في لبنان من التوسع إلى حرب شاملة قد تستقطب أطرافا أخرى. كما ان المرحلة الانتقالية بين الإدارتين في الولايات المتحدة قد تفتح مجالا للتباطؤ في صنع القرار وتنفيذه على الصعيد الخارجي. وفي هذا السياق، قد تتجه الإدارة الحالية إلى استكمال جهودها بشكل أقل حدة، ريثما تتضح معالم سياسة الإدارة الجديدة».

وأوضح المصدر انه «مع تصاعد الحرب الإسرائيلية التدميرية على لبنان، يبقى الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، أحد الشخصيات البارزة في ملف وقف إطلاق النار في لبنان. فقد قام هوكشتاين في الفترة الأخيرة بزيارة إسرائيل، وحاول إقناع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قبول آلية متطورة لتنفيذ القرار الدولي 1701، الذي ينص على وقف الأعمال العدائية ودعم الاستقرار في جنوب لبنان. ومع ذلك لم تكلل جهوده بالنجاح، مما يثير تساؤلات حول إمكانية عودته إلى المنطقة لمحاولة التوصل إلى اتفاق، خصوصا في ظل استمرار الحرب وتصاعدها وعدم وجود رغبة إسرائيلية بوقفها في المدى القريب».

وتناول المصدر «العقبات أمام جهود هوكشتاين في المنطقة»، وأشار إلى ان «فشل هوكشتاين في إقناع القيادة الإسرائيلية بالتزام وقف إطلاق النار يعود إلى عوامل عدة، أبرزها المخاوف الأمنية الإسرائيلية ورفضها لأي شروط قد تحد من حريتها في التحرك العسكري ضد لبنان. كما أن الحكومة الإسرائيلية الحالية بقيادة نتنياهو، تتبنى نهجا أكثر تشددا تجاه الوضع على الحدود اللبنانية، ما يجعل الموقف الإسرائيلي صعب التغيير عبر الوساطة التقليدية».

وأكد المصدر انه «على الرغم من الفشل في إقناع إسرائيل، تستمر الاتصالات الأميركية مع القيادات اللبنانية، حيث يسعى هوكشتاين إلى طمأنة المسؤولين اللبنانيين بشأن نوايا واشنطن في الحفاظ على الاستقرار في المنطقة، مع تركيز الجهود على دعم لبنان عسكريا عبر الجيش اللبناني، وديبلوماسيا لوضع حد للحرب. وتشير بعض المعلومات إلى أن هوكشتاين أجرى اتصالات مع أطراف لبنانية رئيسية لمناقشة خطوات قد تعزز التزام الأطراف بتنفيذ القرار 1701، بما في ذلك تعزيز دور الجيش اللبناني في ضبط الحدود، وإعادة التأكيد على التنسيق مع قوات الأمم المتحدة».

ولفت المصدر إلى ان «هناك توقعات بأن يقوم هوكشتاين بزيارة أخرى إلى المنطقة، مع استمرار التصعيد الحربي الاسرائيلي، وتزايد الدعوات الدولية إلى تدخل الوساطة الأميركية بشكل أكبر. ومن المرجح أن تحمل الزيارة المقبلة ـ إذا تمت ـ ضغطا ديبلوماسيا أكبر على جميع الأطراف للالتزام بتخفيف التصعيد وتهيئة الأجواء للتهدئة، مع إمكانية طرح مقترحات جديدة تعزز دور الأمم المتحدة في مراقبة تنفيذ القرار 1701».