هموم اللبنانيين وأولوياتهم ونظرتهم للتغيير المنشود...ماذا تكشف الأرقام؟

سألت شبكة "الباروميتر العربي" البحثية، التابعة لجامعة برينستون الأميركية، أكثر من 1000 مواطن لبناني حول انفجار مرفأ بيروت والنظام السياسي اللبناني. وأظهرت نتائج الاستطلاع أنّ الأزمة الاقتصادية والفقر في لبنان لا يزالان على رأس هموم المواطنين بدرجة تفوق آثار جريمة 4 آب. وعلى المستوى السياسي، تبيّن أنّ اللبنانيين يفضّلون الدولة المدنية نظرياً، إلا أنهم متردّدون في التنازل عن امتيازات طوائفهم.

تظهر نتائج هذه الاستطلاع أنّ انفجار المرفأ من مظاهر فشل النظام السياسي في لبنان، وأنه نظراً للإخفاقات الأخرى العديدة على مدار السنوات الأخيرة، يطالب اللبنانيون بالتغيير. وعلى الرغم من الرغبة بإبرام عقد اجتماعي جديد، تفضّل الأغلبية نظاماً لا يدور حول الهوية الطائفية، مع قلق لدى المواطنين إزاء خسارة الامتيازات الطائفية القائمة في المنظومة.

أولويات معالجة الأزمة

لبنان، البلد المأزوم في ظلّ أزماته السياسية والاقتصادية والمالية المستمرة، أضيف إلى مآسيه آثار جائحة فيروس كورونا العالمية وانفجار المرفأ الذي خلّف مئات الوفيات وآلاف الجرحى والمتضررّين ودماراً هائلاً في بيروت. إلا أنّ نتائج الاستطلاع أظهرت أنه على الرغم من رعب الانفجار، يرى 16% من المستطلعين فقط أنّ أولوية الحكومة الأساسية يجب أن تكون إعادة إعمار بيروت. في حين أنّ  نسبة 37% من المستطلعين اعتبرت أنّ الأولية هي لخفض معدلات الفقر، و32% للتركيز على الإصلاحات المالية. حتى في بيروت، 19% من المستطلعين فقط اعتبروا أنّ قضية إعادة إعمار المدينة هي القضية الأخطر، بينما 48% منهم أشاروا إلى أنّ إصلاح القطاعين المصرفي والمالي ينال الأولوية.

أسباب الانفجار.. والتحقيق

وحول أسباب الانفجار المدمّر في بيروت، لام ثلثا المستطلعين الإهمال والفساد في المنظومة الحاكمة، في حين أنّ 20% يرون أنه ناجم عن عمل إرهابي، بينما لا يعتبر سوى أقل من 5% فقط أنه حادث عرضي وقع نتيجة المصادفة، أو من تدبير جهة محلية أو أجنبية. وفي سياق آخر، يعتقد 41% من اللبنانيين أنّ اللجوء إلى الخبراء الدوليين المستقلين هو الحل الأفضل لفهم أسباب التفجير. أما 28% منهم فيعتبرون أنّ التحقيق يجب أن يجريه الجيش اللبناني، و18% يرون أن الأحزاب اللبنانية عليها الاطلاع على التحقيق. كما يلاحظ وجود اختلافات كبيرة حول هذين السؤالين حسب الهوية الطائفية، إذ بينما يفضّل 21% من الشيعة وجود خبراء دوليين، فإنّ أكثر من نصف المسيحيين والسنة والدروز يفضّلون إجراء التحقيق على يد الخبراء الدوليين. شخص واحد من كل 10 أشخاص، يرى أنّ التحقيق سيكون ببساطة بلا فائدة.

آثار الانفجار

وكما كان متوقعاً، رجّحت الأغلبية أن تكون الآثار الرئيسية للانفجار مقتصرة على بيروت. إجمالاً، تقول نسبة تبلغ أقل من 10% من اللبنانيين إنهم خسروا وظائفهم أو بيوتهم أو أقارب لهم أو أصدقاء في الانفجار. لكن مستوى الدمار اللاحق جراء الانفجار في أوساط سكان بيروت أكبر بكثير. فـ40% من المواطنين في بيروت يقولون إنهم خسروا بيوتهم، 34% خسروا وظائفهم في أعقاب الانفجار، في حين 15% فقدوا قريباً أو صديقاً. وعلى مستوى التحرّكات التي شهدتها بيروت جراء التفجير، اختار 18% من المستطلعين المشاركة في تظاهرة للمطالبة بالتغيير السياسي، كما تطوّع 15% للمساعدة في جهود التنظيف. كما تبرّع 12% منهم بالأموال للضحايا. في بيروت، تطوّع أكثر من نصف المستطلعين، أي 53% للمشاركة في جهود التنظيف، خرج 49% منهم إلى الشوارع للمطالبة بالتغيير السياسي.

التغيير المنشود

ولدى سؤال اللبنانيين عن التغيير المنشود وعن طائفية النظام السياسي، أعرب عُشر اللبنانيين أنهم يفضلون استمرار النظام الطائفي. أما أغلبية 56% فيفضلون النظام المدني أو العلماني في حين  23% يرغبون في نظام اتحادي يحفظ دور الطوائف الدينية المختلفة في لبنان. وتجدر الإشارة إلى أنّ 72% من المستطلعين في الطائفة المسيحية هي الأكثر دعماً للدولة المدنية العلمانية مقاربة بأقل من النصف من السنة والشيعة. ورغم هذه الأرقام، 47% من اللبنانيين أكدوا على عدم استعدادهم للتنازل عن مناصب سياسية مخصصة تاريخياً لأفراد من طائفتهم، مقابل 31% أشاروا إلى استعدادهم لهذا الخيار. في حين اختار 23% من العيّنة الإجابة بـ"ربما" أو "غير متأكد". وتجدر الإشارة هنا أيضاً إلى أنّ 59% من الطائفة الشيعية تحديداً رفضوا التخلّي عن المناصب المخصصة للطائفة، وإن كانت أعداد كبيرة من الطوائف الأخرى أجابت أيضاً بالرفض.