المصدر: Kataeb.org
الكاتب: شادي هيلانة
الجمعة 26 كانون الاول 2025 14:17:08
تتوالى علامات الاستفهام الثقيلة حول الكيفية التي تمكن فيها صحافي إسرائيلي يُدعى إسحاق هوروفيتس، ويعمل في مجلة حريدية تصدر داخل إسرائيل، من دخول لبنان والتجوّل في قلب الضاحية الجنوبية، إحدى أكثر البيئات حساسية أمنيًا، برفقة دليل لبناني، وفق ما أوردته تقارير صحافية إسرائيلية متطابقة.
رحلة بدأت من مطار بيروت الدولي، مرورًا بحواجز الدولة وأجهزتها، وصولًا إلى مناطق يُفترض أنها تخضع لرقابة مشددة، وانتهت عند مرقد الراحل حسن نصرالله، حيث جرى توثيق الزيارة بالصور، بما في ذلك الوقوف إلى جانب القبر نفسه.
الواقعة، إذا ما ثبتت تفاصيلها كما وردت، تفتح بابًا واسعًا للنقاش حول حقيقة الجهوزية الأمنية في معقل يُقدم دائمًا على أنه محصن ومغلق بإحكام، بالتالي دخول صحافي إسرائيلي إلى موقع يُفترض أنه تحت حماية مباشرة، يطرح أكثر من علامة تعجب حول فعالية الإجراءات المعتمدة، ومدى التدقيق في هويات الزائرين، لا سيما أن التحرك لم يكن عابرًا أو خاطفًا، بل شمل جولة موثقة داخل نطاق بالغ الحساسية.
الأخطر في المسألة لا يقتصر على الوصول إلى المرقد فحسب، بل في ما يكمن خلفه من احتمالات، فإذا كان صحافي، بصفته المدنية، قد استطاع التنقّل بهذه السهولة، فما الذي يمنع أن يكون قد دخل، أو غيره، إلى مواقع أخرى لا تقل أهمية أو خطورة داخل الضاحية؟ من هنا، لا يُطرح السؤال بدافع التهويل، بل انطلاقًا من واقع يُظهر تكرار اختراقات من هذا النوع، بما يوحي بأن الادعاءات المتكررة حول إعادة تنظيم الصفوف وإحكام القبضة الأمنية لا تعكس الصورة كاملة على الأرض.
هذا الواقع يعيد تسليط الضوء على دور الدولة ومسؤولياتها، فالأمن، مهما تعدّدت مسمّياته أو راياته، يبقى من صلب صلاحيات المؤسسات الشرعية، لا سيما حين يتبيّن أن مناطق بكاملها باتت مكشوفة أمام اختراقات يصعب تبريرها، وبالتالي، فإن السكوت عن ذلك لا يعد خيارًا، لأن أي خلل في هذه البيئات لا يرتدّ على جهة واحدة، بل يصيب الاستقرار العام برمّته.
في هذا السياق، تتساءل مصادر أمنية عبر موقع kataeb.org عن مصير الجهاز الذي أطلق عليه حزب الله تسمية "أمن المقاومة"، والذي حظي، بحسب تلك المصادر، بدعم إيراني مباشر شمل التدريب وتبادل الخبرات، وقد قُسم هذا الجهاز إلى وحدات واختصاصات، من بينها الأمن والمعلومات، وأُنيط الإشراف على هذه الوحدة بقيادات بارزة، من ضمنها إبراهيم عقيل، الذي قُتل في 20 أيلول 2024، وكان يُنظر إليه على أنه أحد العقول الأمنية المدربة جيدًا.
وتخلص المصادر إلى أن غياب أي أثر فعلي لهذا الجهاز في واقعة بهذا المستوى، يكشف أن المنظومة الأمنية للحزب لم تعد تعمل بالوتيرة والقدرة اللتين يُسوّق لهما، وأن الضاحية أضحت أكثر انكشافًا مما يُعلن رسميًا.
وأمام هذه المعطيات، يبرز واقع لا يمكن تجاهله أو الالتفاف عليه بإجابات نمطية، ولا سيما في مرحلة بالغة الدقة لا تحتمل أي هامش إضافي للخلل، ففي لحظة كهذه، يبدو الحزب عاجزًا، بفعل أزمة أجنحته الداخلية المتشعبة، حيث يغيب القرار الموحد والقيادي الجامع، في ظل تنازع الرؤوس وسعي كل طرف إلى الإمساك بالدفة.
وعليه، لا يقتصر العجز على تحصين الذات فحسب، بل يتعداه إلى الإخفاق في تأمين الحد الأدنى من الحماية لبيئته المباشرة.