هوكشتاين لم "يفرض" عون على بري و"كان مهذباً"

سبقت لقاءات الموفد الأميركي آموس هوكشتاين عاصفة من التأويلات والتحذيرات حيال ملف انتخابات الرئاسة، أوحت كأن الرجل يحمل معه "أمر عمليات" من البيت الأبيض. أما هو فقد طرح مواصفات ولم يقل إنها تنطبق فقط على العماد جوزف عون.

لم يكن الرئيس نبيه بري قلقا قبيل استقباله هوكشتاين، إذ خبر طويلا مقاربات لأمور من هذا النوع بعد تجربة له مع الديبلوماسيين الأميركيين. وعندما عرضا واقع ما يحصل في الجنوب وتشديد لبنان على انسحاب إسرائيل من البلدات المحتلة قبل 27 من الجاري، وضرورة منع تل أبيب من مواصلة خروقها، انتقل هوكشتاين بسلاسة ديبلوماسية إلى الملف الرئاسي في معرض تناوله ملف إعمار البلدات المدمرة في الجنوب ومناطق أخرى، معتبرا أن المرحلة تقتضي وجود شخصية في الرئاسة تكون على تواصل مع الجميع ومحل ثقة عند المجتمع الدولي والبلدان المعنية بلبنان، قاصدا قائد الجيش من دون تسميته.

ولم يتأخر بري في تقديم جوابه المعروف بأن انتخاب عون يحتاج إلى تعديل دستوري، والأمر غير متاح الآن في غياب رئيس للجمهورية ومع حكومة تصرّف الأعمال. وكان هوكشتاين قد تلقى هذا الجواب غير المفاجئ الذي سمعه من بري قبل اجتماعهما، طبقا لما أوردته "النهار" ووسائل إعلامية أخرى.

ويقول مواكبون للجلسة بين الجانبين في آخر لقاء رسمي لهما إن "هوكشتاين كان مهذبا جدا" في تقديم رؤيته حيال الرئاسة، ولم يتخطّ أبسط القواعد الديبلوماسية. وختم كلامه بأن واشنطن تريد كل الخير للبنان وانتخاب رئيس وإطلاق عجلة المؤسسات. وما يتعلق بملف الرئاسة وجلسة الخميس ستتم متابعته مع السفيرة ليزا جونسون.

وتناول موضوع الإعمار بعد الحرب، مشيرا إلى أنه يتطلب الكثير من المال، وأن لبنان يحتاج إلى هذا الدعم من الخارج. فكرر بري على مسمعه أن البرلمان يتجه إلى انتخاب رئيس للجمهورية "ولسنا مستعجلين للإعمار". ولم يدل بجملته الأخيرة إلا من زاوية عدم ربط التعديل الدستوري لقائد الجيش بإعمار الوحدات السكنية التي دُمّرت، باعتبار أن الأولوية يجب أن تكون لانتخاب رئيس وتشكيل الحكومة ثم التوجه إلى معالجة كل الملفات.

ولوحظ أن الموفد السعودي يزيد بن فرحان كان أكثر وضوحا في تأييده عون، وقد أظهر ذلك مباشرة بقوله إنه يلقى قبولا لدى المملكة أكثر من الأسماء المطروحة.

وفي معلومات لـ"النهار" أن هوكشتاين التقى سفيرا من المجموعة الخماسية لمس منه أن واشنطن لا تتمسك بقائد. وبعدما شاع أن الدوحة تتبنى مرشحا وتخوض معركته في وجه الآخرين، أبلغ ديبلوماسي قطري أكثر من كتلة نيابية أن دولته لا تتبنى أي اسم، وأنها ستتعاون مع الرئيس الذي ينتخبه النواب وستدعم الحكومة المقبلة "مع الاستمرار في الوقوف إلى جانب اللبنانيين".

إذاً، اكتفى هوكشتاين بتقديم المواصفات التي يجب أن تتوافر في شخص الرئيس، وخاطب النواب الذين التقاهم عند النائب فؤاد مخزومي: "أنتم في النهاية الذين تختارون رئيس بلدكم وليست أميركا التي لن تترك لبنان".

وعمل أكثر من نائب هنا على الإشادة بقائد الجيش، ليبلغ الأمر اليرزة.

وفي زحمة الحديث عن ممارسة واشنطن ضغوطا على بري بالتوجه لانتخاب عون، تردد كلام أنه ليس مضطرا إلى تلبية رغبة إدارة لم يبق لها إلا  أيام قليلة في السلطة. ولا شك في أن هذه المسألة كانت محل تدقيق عند بري ومعارضي انتخاب عون، وهم في ساعة الحقيقية يقولون إن انتخابه يحتاج إلى تعديل دستوري، لكنهم في الواقع لا يريدونه في الأصل. وما ينطق به النائب جبران باسيل لا يقوله الآخرون، بدءا من "حزب الله" الذي لا مصلحة له للخوض في نزاع مع الرجل، فيما يجهد لتطبيق اتفاق وقف النار والـ1701 في جنوب الليطاني.