المصدر: الراي الكويتية
الجمعة 28 أيار 2021 01:23:24
قال وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية سابقاً ديفيد هيل، أن لبنان يعيش أسوأ أيامه منذ نهاية الحرب الأهلية في العام 1991، داعياً السياسيين - خصوصاً حلفاء «حزب الله» منهم - إلى التحلي بالمسؤولية، وتهديد الحزب بانهاء تحالفهم معه في حال اصراره على البقاء خارج الدولة وأنظمتها والنظام العالمي ككل.
كما اعتبر هيل، والذي كلّفته الإدارة حالياً الابتعاد عن العمل الديبلوماسي والإشراف على «مركز ويلسون» للأبحاث، أن بعض المسؤولين الأميركيين تعبوا من لبنان وكثرة مشاكله، وكذلك بعض العواصم الخليجية.
كلام الديبلوماسي الأميركي جاء أثناء جلسة افتتاح مؤتمر عقده «معهد الشرق الأوسط»، الذي يرأسه اللبناني بول سالم، بالتعاون مع شبكات لبنانية أميركية - ناشطة في الولايات المتحدة.
وقال هيل إن علاقته بلبنان بدأت منذ العام 1988، حيث خدم في مواقع ديبلوماسية متعددة معنية بالشأن اللبناني، توجّها بعمله سفيراً لبلاده في بيروت، قبل أن يتولى منصب وكيل وزارة الخارجية، حيث بقي الديبلوماسي الأول المعني بملف لبنان.
وقال: «كان (لبنان) جزءاً كبيراً من حياتي، وفي بعض الأحيان، تلعب الألفة دورها في الابقاء على اهتمامي بهذا البلد وشؤونه».
وأضاف أنه زار لبنان «بداية شهر رمضان بطلب من وزير الخارجية انتوني بلينكن»، ورأى «لبنان في وضع أسوأ مما هو عليه منذ نهاية الحرب الأهلية في 1990».
وقال هيل «دعوتهم (أي المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم) إلى إظهار شعور بدقة الوضع وابداء مرونة».
لكن «لم أرَ أي مرونة منذ 4 آب بعد زيارتي بيروت على أثر انفجار المرفأ».
واعتبر أن قادة لبنان فشلوا «في وضع مصلحة الشعب في المقام الأول»، مشيراً الى أن اللبنانيين خسروا مدخراتهم، وان الخدمات تدهورت والأوضاع ساءت، وهو ما دفع الولايات المتحدة ودولاً أخرى مثل فرنسا إلى الطلب الى الزعماء «إظهار مرونة لتشكيل حكومة»، مشدداً على أن «وقت إجراء إصلاحات شاملة قد حان الآن».
ولفت هيل الى أن انقاذ لبنان هو بأيدي اللبنانيين وحدهم، و«لن تأتي أي دولة لتنتشل لبنان من أزمته المالية والاقتصادية، بل إن دول العام مستعدة أن تساعده على انقاذ نفسه.
لكن حتى يدرك اللبنانيون ذلك، فلا بد من تقديم رزم الدعم الإنساني، التي نعمل على تطويرها على أساس عاجل».
على أن «إحدى النقاط المضيئة المحتملة»، حسب المسؤول الأميركي، هي أن«لبنان قد يكون لديه إمكانية الوصول إلى الغاز البحري».
وفي هذا السياق، قال: «أثناء زيارتي، كان هناك استعداد لبناني للتفاوض مع إسرائيل (حول ترسيم الحدود البحرية بينهما)، تحت مظلة الأمم المتحدة».
وعرّج الديبلوماسي المخضرم في حديثه، على «حزب الله»، فقال إن «دولة لبنان لن تستعيد قوتها، ولن تحقق سيادتها، طالما أن حزب الله يكدس السلاح، ويتعامل بنشاطات غير مشروعة، ويتلقى أوامره من قوى أجنبية» وتوجه الى«حلفاء حزب الله اللبنانيين لاستخدام نفوذهم لديه لتغيير سلوكه، تحت طائلة الانسحاب من التحالف معه».
وعن السياق الاقليمي، ذكر هيل انه يتلقى أسئلة كثيرة عن تأثير محادثات فيينا النووية مع ايران على لبنان، أما اجابته على هذه الأسئلة فمفادها بأن «المحادثات تركز على خطة العمل الشاملة المشتركة» أي الاتفاقية النووية،«لا البعد الإقليمي، ولكن الحقيقة، بالنسبة للاستقرار الإقليمي، علينا كذلك حل مشكلة النشاط الإيراني المزعزع للاستقرار في المنطقة، لكن لا يوجد سبب يدعو اللبنانيين إلى الانتظار والترقب»لما سينجم عن المفاوضات النووية.
وتابع أن «السياسة الأميركية تجاه لبنان لا تتغير من إدارة إلى أخرى»، وفي الوقت نفسه «لا يمكنك فصل السياسة تجاه لبنان عن سياسات المنطقة».
لكن في لبنان، يقول هيل «ستكون سياساتنا أكثر نجاحاً إذا كان لدينا شركاء يمكننا العمل معهم، ومن الضروري أن نقدم دعمنا لأولئك الذين يشاركوننا قيمنا، وأن نتأكد من أننا ندعم أهدافهم، أي ندعم إعادة بناء دولة لبنان، وفي الوقت نفسه محاولة عزل لبنان - ما أمكن - عن الصراعات الإقليمية».
وشدد المسؤول الأميركي على أن لا موارد لدى الحكومة اللبنانية لمواصلة سير الأمور، «خصوصاً في ظل حكومة تصريف الأعمال»، معتبرا أن «الأفضل ألّا تنحاز أميركا إلى جانب بشكل واضح للغاية، لكن على اللبنانيين أن ينحازوا الى جانب المبادئ التي تؤدي الى تقوية دولتهم، أي عليهم أن يجعلوا حزب الله يتمسك بالقيم التي تمكّن الدولة من استعادة سيادتها، ويمكننا استخدام سياسة العصا والجزرة للدفع في الاتجاه نفسه، وفي أوروبا الفكرة نفسها أيضاً».
وختم هيل: «لم أكن لأقضي الكثير من الوقت في لبنان إن لم أكن أؤمن بالشعب اللبناني، لكن إيماننا لا يكفي، وعلى قادته أن يعرفوا أنهم سيخضعون للمساءلة يوما إذا لم يتخذوا الخيارات الصحيحة».
وفي كلمة موجهة الى المستمعين الأميركيين، قال هيل: «لا تهملوا لبنان لأننا سنصحو على أزمة بين أيدينا، لذا علينا أن نحافظ على تركيزنا، وألّا نتوقع صفقة كبيرة، بل تغييرات تدريجية في الاتجاه الأفضل».