واشنطن تعود الى "اليونسكو"... واعتراض مبدئي من الصين وروسيا وايران

عادت الولايات المتحدة الجمعة إلى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) بعدما انسحبت منها في ظل رئاسة دونالد ترامب، وذلك إثر مؤتمر عام استثنائي للمنظمة التي تتخذ مقراً في باريس، وسط معارضة الصين وروسيا. 

وانسحبت واشنطن من اليونسكو في تشرين الأول/أكتوبر 2017 منددة بـ"تحيزها المستمر ضد إسرائيل". وصار انسحابها وإسرائيل سارياً منذ كانون الأول/ديسمبر 2018.

وأيدت 132 دولة عودة الولايات المتحدة في حين امتنعت 15 عن التصويت وعارضتها عشر دول.

وعلقت سفيرة الولايات المتحدة في فرنسا دينيس باور في تصريح لوكالة "فرانس برس": "نحن سعداء حقاً بهذا الدعم... من المهم جداً بالنسبة الينا أن نكون جزءاً من هذه المنظمة المتعددة الأطراف". 


ورحبت المديرة العامة لليونسكو أودري أزولاي بالقرار قائلة: "إنه يوم عظيم، لحظة تاريخية"، وأشارت إلى "استجابة شديدة الوضوح، أيدها أكثر من 90% من الدول".


معارضة روسية وايرانية

وأعربت دول أبرزها إيران وسوريا والصين وكوريا الشمالية وخصوصا روسيا عن معارضتها المبدئية. وكثّف الوفد الروسي مداخلاته الخميس والجمعة حول نقاط إجرائية وتعديلات من أجل تأخير النقاشات.


وقال دبلوماسي روسي الجمعة: "سنكون على استعداد للترحيب برغبة واشنطن" في العودة إلى اليونسكو، معتبرا أن ذلك "سيجعل من الممكن تقوية منظمتنا". 


لكنه تدارك: "نعتقد أنهم يحاولون نقلنا إلى عالم موازٍ، يتجاوز حقاً كل الأوصاف العجائبية الواردة في كتب لويس كارول"، والمعروف خصوصا بروايته "مغامرات أليس في بلاد العجائب". 


وتابع: "في هذا العالم المشوه، يقودنا أولئك الذين يدافعون عن الديموقراطية وسيادة القانون نحو انتهاك هذه القواعد"، معتبراً أن على الولايات المتحدة دفع متأخراتها بالكامل لليونسكو قبل أن تتمكن من العودة إليها، فيما تقترح واشنطن القيام بذلك بشكل تدريجي.


بدوره، قال دبلوماسي إيراني إن "الطريقة التي طلبت بها الولايات المتحدة العودة غير مقبولة" وهي أقرب إلى "انتهاك روح دستور" هذه المؤسسة.


رفض صيني

منذ منح فلسطين العضوية الكاملة في اليونسكو عام 2011، أوقفت الولايات المتحدة في ظل رئاسة باراك أوباما تمويل المنظمة التابعة للأمم المتحدة، ما مثّل نكسة كبيرة لها، إذ إن مساهمات الولايات المتحدة شكلت 22% من ميزانيتها.


لكن واشنطن اقترحت في رسالة إلى رئاسة المنظمة في مطلع حزيران/يونيو "خطة" للعودة إلى المنظمة "التي ازدادت أهمية مهمتها". 


ويندرج القرار في السياق العام للتنافس المتزايد بين الولايات المتحدة والصين، وتقول واشنطن إن بكين ترغب في تغيير النظام الدولي المتعدد الطرف الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية وانبثقت منه اليونسكو.


في هذا الصدد، اعتبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في آذار/مارس أن الغياب الأميركي سمح للصين بكسب أفضلية على الولايات المتحدة على صعيد قواعد الذكاء الاصطناعي، بعدما أصدرت اليونسكو توصية بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي عام 2021.


وقال بلينكن: "أعتقد حقاً أننا يجب أن نعود إلى اليونسكو، ليس لتقديم هدية لليونسكو، بل لأن الأمور التي تحدث في اليونسكو مهمة". 


ورغم تأكيدها في البداية عدم معارضتها عودة الولايات المتحدة التي تشهد علاقاتها معها تحسناً طفيفاً، صوتت الصين أخيراً ضدها. وقال دبلوماسي صيني بعد التصويت إن على الولايات المتحدة أن "تساهم في التضامن" بدلاً من إحداث "انقسامات". 

وبلغت مستحقات الولايات المتحدة لليونسكو بين عامي 2011 و2018 نحو 619 مليون دولار، أي أكثر من الميزانية السنوية للمنظمة المقدرة بـ534 مليون دولار.


وقالت الحكومة الأميركية إنها طلبت من الكونغرس صرف 150 مليون دولار لصالح المنظمة للسنة المالية 2024، وهو مبلغ سيتم صرفه أيضا في السنوات التالية "إلى أن يتم استيعاب" المتأخرات.

وسبق للولايات المتحدة أن غادرت اليونسكو عام 1984 في ظل رئاسة رونالد ريغان، مشيرة إلى عدم جدواها وإلى تجاوزات مالية مفترضة، قبل أن تعود إليها في تشرين الأول/أكتوبر 2003.


وقال دبلوماسي كوري شمالي ساخراً: "لقد انسحبت الولايات المتحدة مرتين من المنظمة. لا نعرف عدد المرات الإضافية التي سنضطر فيها إلى الترحيب بها"، مشيرا إلى معارضة بلاده استخدام هذه المصطلحات في قرار المنظمة الأممية.