المصدر: النهار
الكاتب: منال شعيا
الأربعاء 24 نيسان 2024 06:47:56
من الآخِر، ستوفر كتلة "اللقاء الديموقراطي" و"تكتل لبنان القوي" النصاب للجلسة العامة المخصصة للتمديد للبلديات. فاذا تم استثناء كتلتي "الوفاء للمقاومة" و"التنمية والتحرير"، اللتين "خططتا" منذ البداية للتمديد، فان حضورهما الجلسة سيكون بديهيا وطبيعيا. واذا استُثنيت ايضا كتل نواب المعارضة كالكتائب و"القوات اللبنانية" و"تحالف التغيير"، التي رفضت التمديد منذ البداية، فان عدم حضور هذه الكتل الجلسة سيكون ايضا بديهيا ومبررا.
وبين المنزلتين، تبقى كتلتا "اللقاء الديموقراطي" و"التيار الوطني الحر" اللتان أمّنتا بحضورهما النصاب القانوني لانعقاد الجلسة.
هكذا، سيمر التمديد الثالث للبلديات تحت حجة "الوضع الامني" جنوبا، وسنكون امام "مهزلة" التشريع في غياب رئيس الجمهورية وفي ظل مجلس نواب، يفترض دستوريا وقانونيا، ان يكون هيئة ناخبة لا هيئة تشريعية، لتكتمل فصول "المهزلة" باقرار التمديد للبلديات والذي يرجح ان يكون لسنة كاملة.
واذا كانت المدة الزمنية لم تُحسم بعد، فان النقاشات داخل الجلسة ستتمحور حول مهلة الستة اشهر وصولا الى سنة كاملة.
وفي الشكل ايضا، ان "المهزلة" بدأت منذ ان وقّع وزير الداخلية بسام مولوي قرار دعوة الهيئات الناخبة في 4 آذار الفائت، وكأن الطبقة المتحالفة يضحك بعضها على بعض، لئلا نقول تضحك على الرأي العام.
ففي الفترة التي سبقت توقيع مولوي قرار دعوة الهيئات الناخبة، كانت اقتراحات قوانين التمديد "تُطبخ" في الكواليس، بعلم مولوي نفسه الذي كان على مسافة قريبة من عين التينة.
ثم أتت فترة الاعياد و"نضج" معها اقتراح القانون الذي قدمه رئيس لجنة الدفاع والداخلية والبلديات النائب جهاد الصمد، والذي سجله في الامانة العامة للمجلس.
هكذا، كان الجميع يعلمون بالتمديد ولا يعلنونه، حتى بات العمل الروتيني – الاداري – الرسمي من دعوة الهيئات ومثيلاتها مجرد حبر على ورق، وكأنها لزوم ما لا يلزم، فيما هي اسس العمل الديموقراطي – الانتخابي – الدستوري.
الى هذه الدرجة فرغت الدولة من اسسها، وأصابها الترهل.
وكانت المفارقة الكبرى حين استبق رئيس #مجلس النواب نبيه بري اجتماع هيئة مكتب المجلس، واعلن ان التمديد سيتم.
وفي كل ذلك، تُعتبر "مسرحية" البلديات ضربة اضافية للدولة ومؤسساتها.
بين المنحلّة والانحلال
اما في المضمون، فان الحجة الامنية هي المادة التي سيتذرع بها النواب لاقرار التمديد الثالث. وسيكون امامهم اقتراح الصمد الذي يقول: "ستُجرى #الانتخابات البلدية خلال عام كحدّ أقصى. والاهم من كل ذلك، العمل على زيادة واردات البلديات كي تتمكن من تأمين الحدّ الأدنى من الخدمات المطلوبة منها".
امام واقع التمديد الذي يبدو ان لا خلاف حوله، بمعزل عن رفض نواب المعارضة له ومقاطعتهم الجلسة، فان ثمة واقعا بات اكثر من ضاغط وملحّ، وهو واقع البلديات المنحلة نتيجة الاستقالات التي كثرت في الآونة الاخيرة.
ومن ضمن لعبة المخارج والتسويات، اقترح الصمد "امكان اعطاء فرصة للمستقيلين في هذه البلديات للعودة عن استقالاتهم".
الصمد لم يقل المزيد، تاركا الامر للنقاشات التي ستدور خلال الجلسة لحسم هذه النقطة.
والسؤال: هل يجوز دستوريا وقانونيا اقرار هذا البند، لاسيما ان للعودة عن الاستقالة اطرها المحددة ومهلها الزمنية ايضا. وفي الحالة الراهنة، تم تجاوز هذه المهل في العديد من البلديات المنحلة، فكيف السبيل لهذه المخارج؟ وهل لها اصلا مبرراتها الدستورية؟
يجيب الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك قائلا: "من الثابت انه لا يمكن الكلام عن اي تعديل يمكن ان يطرأ على قانون البلديات او اي تشريع يمكن ان يضاف في هذا الشأن، قبل الاطلاع على نص الاقتراح وقبل النقاشات التي ستجري في الهيئة العامة لمجلس النواب، لتتكشف كل نقاطه ومبرراته. انما اذا كان هذا التعديل او هذا التشريع مخالفا للمبادىء الاساسية والدستورية، فانه بلا شك سيكون معرضا للطعن امام المجلس الدستوري".
ويسأل: "هل هناك اليوم من امكان لاعادة فتح الباب امام عودة من سبق له ان استقال؟ والسؤال الاهم هل سيعود هؤلاء، وخصوصا بعد سوء الاحوال والاوضاع التي وصلت اليها الامور، على الصعيد المالي والاداري، فهل لديهم النية اصلا بالعودة؟ بالتالي، لا يمكن النقاش بهذا الامر قبل صدور اي قانون رسمي عن مجلس النواب، حتى يبنى على الشيء مقتضاه".
من هنا، سيرى الخبراء ما اذا كانت ثمة نوافذ يمكن الدخول من خلالها لتقديم طعن في هذا المجال، وما اذا كان ممكنا عمليا العودة عن الاستقالة، لا فقط الاكتفاء بذكر هذا الامر في متن القانون.
كل هذه المخارج تدفع الى ضرب هيبة البلديات ومبدأ التداول الانتخابي - الديموقراطي الذي قامت عليه اسس النظام اللبناني.
وبالارقام، ثمة 126 بلدية منحلة وعدد لا يمكن رصده، وفق "الدولية للمعلومات" عن البلديات المشلولة، اي التي لا تعتبر منحلّة قانونا، انما غير ناشطة عمليا.
وبين القانوني والعملي، فان جلسة الخميس ستشرّع المخالف، ومجددا لن "يغص" النواب بالتمديد الثالث للبلديات، وهم قاب قوسين من العام الثاني للفراغ الرئاسي!