المصدر: المدن
الثلاثاء 26 أيلول 2023 15:15:20
ويقول لودريان في مقابلته: "إن شعوري، في المقام الأول، هو أن التوقعات الحيوية للبنان أصبحت في خطر، ولكن اللاعبين السياسيين، الذي يتحملون المسؤولية، ما زالوا في حالة إنكار. لم يعد هناك رئيس للجمهورية منذ عام، ولا يوجد رئيس وزراء منذ ثمانية عشر شهراً، والبرلمان لا يجتمع، ورئيس البنك المركزي السابق يخضع لملاحقات دولية. وخلال هذه الفترة، يتدهور الوضع الاقتصادي ويعيش البعض في وهم أن الشتات (المغتربين) أو موارد الغاز المستقبلية التي لا يُعرف عنها سوى القليل في الوقت الحالي، ستجعل من الممكن سد الوضع المالي. البؤس موجود ونحن مستمرون في التفكير في الاعتبارات التكتيكية الدائمة. وهذا أمر لا يطاق حقًا.
لا خلاف بين الدول الخمس
وأضاف لودريان أن "المهمة التي أوكلها إليّ رئيس الجمهورية (ماكرون) هي مهمة وساطة تهدف إلى ضمان وصول الفاعلين إلى الحل. لكن إذا كانوا لا يريدون إيجاد الحل، فلا أستطيع أن أفرضه عليهم. قائلاً: "يمكنني أن أؤكد لكم أنه لا يوجد اختلاف، ولا حتى فارق بسيط، بين الدول الخمس. وأولئك الذين أشاروا إلى العكس هم مروجو الأوهام التي تهدف إلى الحفاظ على الارتباك لاعتبارات تكتيكية. فالخمسة يتحدثون مع بعضهم البعض طوال الوقت. ولا بد أن يعلم المسؤولون اللبنانيون أن اللقاء الأخير للخماسية اتسم بالغضب من إنكارهم وعدم قدرتهم على التغلب على تناقضاتهم. ويتساءل الخمسة إلى متى سيستمر تقديم المساعدة للبنان.
ولدى سؤاله عن رهان القوى الداخلية على اتفاق إقليمي دولي، ينعكس على الداخل اللبناني اجاب لودريان: "هذا ما يسمى اللامسؤولية والهروب. في رأي الدول الخمس، على اللبنانيين أن يتحملوا مسؤوليتهم. وإذا لم ينجحوا بذلك، فسيكون ذلك خطأهم، وعليهم تحمل المسؤولية". مؤكداً أن الانسداد داخلي، "أعتقد أن المواجهة بين كتلتي جلسة 14 حزيران الانتخابية، أي كتلة تؤيد جهاد أزعور وكتلة أخرى تؤيد سليمان فرنجية، لن تقدم أي حل. والبقاء في هذا الصراع يؤدي إلى الفشل. لذلك، يجب على الجهات الفاعلة اللبنانية أن تبحث عن طريق ثالث. يعلم الجميع أن هذه هي الطريقة التي يجب أن تنتهي بها الأمور. وعلينا أن ننتهي في أسرع وقت ممكن لأن حالات الطوارئ لا تنتظر".
طريق طويل
ورداً على سؤال، حول زيارته الأخيرة (إلى بيروت) وإذا شعر بوجود فرصة للبحث عن هذا الطريق الثالث؟ أجاب: "عندما أقول هذه الأشياء، لا أحد يناقضني، وهذا هو التقدم. ولكن لا يزال هناك طريق طويل قبل الانتهاء منه، لذلك أنوي العودة مرة أخرى على الأقل". أما عندما سئل حول الموقف السعودي فقال: "لاحظت باهتمام أن السعودية تعود إلى اللعبة، وترى أن الفراغ اللبناني يمكن أن يعاقب المنطقة برمتها من الناحية الأمنية والاقتصادية، ولذلك يجب علينا التعبئة لكسر الجمود. وهم الآن يعلنون ذلك".
أما عن مستقبل مهمته فقال: "يتمثل دوري كميسّر في إخبار كل ممثل بما يعتقده الآخرون، حيث أنهم لا يتحدثون مع بعضهم البعض. أعطاني البعض ملاحظاتهم كتابيًا، والبعض الآخر شفويًا. وسوف أدعو الجميع للحضور وعقد لقاءات، ورؤية نقاط الالتقاء، وبعد ذلك ستكون هناك حاجة إلى سلسلة من المشاورات. لم أعد أستخدم مصطلح الحوار لأنني أرى أنه مسموم في لبنان، نظراً لما يحمله هذا المصطلح من شحنة تاريخية مثيرة للانقسام. وبعد المشاورات، آمل أن يدعو الرئيس برّي إلى عقد جلسات برلمانية متتالية ومفتوحة، كما تعهد بذلك علناً. كل هذا يجب أن يتم في الأسابيع المقبلة".
النبذ والعواقب
وماذا لو لم تسمح المشاورات بالاتفاق على طريق ثالث؟ هنا يقول لودريان: "سيكون على المسؤولين اللبنانيين تحمل المسؤولية عن ذلك. آمل أن يدرك المسؤولون أنه يجب علينا إيجاد مخرج، وإلا فسيتم نبذهم من قبل المجتمع الدولي. لن يرغب أحد في رؤيتهم بعد الآن، ولن يكون من المفيد طلب الدعم من هنا أو هناك. كوسيط، أعتقد أنه يمكننا إيجاد حل وفق المسار الثالث. ومن ثم يتم تناقل الأسماء والقرار يعود إلى اللبنانيين. ويمكن استخدام فترة التشاور لتحقيق ذلك. وعلى المسؤولين أن يتحملوا عواقب عدم قيامهم بواجباتهم، وأعتقد أنهم سيفهمون ما يعنيه ذلك".
كيف تفسر أن فرنسا دعمت منذ فترة طويلة معادلة سليمان فرنجية-نواف سلام؟ هل تم طي هذه الصفحة بالتأكيد؟ يجيب لودريان: "لا يبدو أن أيًا من التطبيقين الحاليين سيحل المشكلة. وأنا أقول هذا كمبعوث شخصي لرئيس الجمهورية". أما حول الاتهامات التي وجهت لباريس بأنها تخدم مصالح حزب الله في لبنان والمنطقة، فسأل لودريان "ما هي هذه المصالح؟ فرنسا تريد أن ينهض لبنان ويبدأ بتنفيذ الإصلاحات الضرورية لبقائه. إن هدف فرنسا واحد فقط، وهو أن يكون هناك لبنان يحافظ على وحدة أراضيه ويستعيد الديناميكية والقوة للقيام بالإصلاحات الأساسية".
أما لدى سؤاله عن إصرار فرنسا على الحوار والتسوية، وإذا كان يعتبر ذلك خطأ ترتكبه باريس مع حزب الله، كما كان الخطأ الذي ارتكبته مع موسكو، يشير لودريان إلى أن "ميزان القوى أدى إلى اختفاء الدولة اللبنانية. وعلينا أن نتجاوز هذا الأمر ونجد حلا يسمح للقوى اللبنانية أن تتعايش مع بعضها البعض، ومن بين القوى التي تمثل هذه الطوائف، هناك أيضاً حزب الله". وأمل لودريان أن يتم الوصول إلى رئيس خلال الفترة المقبلة، معتقداً أن هذا الأمر ممكن مع حفاظ ماء وجه الجميع، فهناك وعي بأن الأساسيات هي الآن على المحك، وأن الموضوع لم يعد انتخاب رئيس، بل وجود لبنان نفسه.