وزير العدل يكشف التفاصيل: آليات قانونية تحكم الملف اللبناني السوري ويجب الفصل بين المحكومين والملاحقين

تعرّض وزير العدل عادل نصّار لحملة تداخلت فيها الاعتبارات التقنية بالسياسية، وجرى تصويره على أنّه يعرقل التوصّل إلى تسوية سريعة مع السلطات السورية، وهو ما نفاه نصّار، مؤكداً لـ"الأخبار" أنّه، خلافاً لكل ما يُقال، "إيجابي ومنفتح على التعاون مع السلطات الجديدة في دمشق"، وواصفاً اجتماعاته مع المسؤولين السوريين بأنّها كانت جيدة.

وأضاف: "الجميع يعرف موقفي من النظام السابق، وأفهم خلفية بعض المطالبات السورية، لكن المسألة تتعلّق بآليات قانونية يجب العمل عليها. كل ما قمتُ به هو إعداد مسوّدة اتفاقية قضائية لمعالجة ملف المحكومين أو الملاحقين من السوريين في لبنان. وشرحت للجانب السوري أنّ الاستعجال في هذا الملف لا يرتبط بقرار إداري، بل يحتاج إلى موافقات سلطات ليست من ضمن اختصاصي".

وأقرّ نصّار بوجود ملاحظات سورية، وبأنّ دمشق ترفض رهن الملف بإنجاز قانون خاص في مجلس النواب اللبناني، لكنه اعتبر أنّ الأمر "يندرج في إطار سوء فهم، لأن السوريين طالبوا بجمع حالتي المحكومين والملاحقين، في حين أنّ هناك فرقاً واضحاً بينهما. ففي حالة المحكومين، يمكن للحكومة عقد اتفاق لنقلهم إلى السلطات السورية من دون إصدار عفو عنهم، بحيث يمضي المحكوم بقية مدة حكمه في السجون السورية، من دون أن يُعدّ ذلك تدخلاً في السيادة السورية أو فرضاً لكيفية التعاطي مع قرار النقل".

ويشدّد على أنّ القرار "سيستثني المدانين بقتل أفراد من القوى العسكرية والأمنية اللبنانية". لكنه لفت إلى ضرورة "معالجة البند المتعلق بالحقوق الشخصية"، إذ إنّ بعض أصحاب الحقوق الشخصية في قضايا تخصّ محكومين يطالبون بضمانات تتيح لهم تحصيل التعويضات المقرّرة لهم، و"هذا البند يجب أن يكون مشمولاً بوضوح ضمن الاتفاقية".

وأوضح أنّ "البند المتعلق بالملاحقين يختلف كلياً، إذ إن وقف الإجراءات القضائية بحقهم يتطلّب صدور قانون عن مجلس النواب، وهذا أمر لا يمكن لوزارة العدل أو للحكومة أن تبتّ به من تلقاء نفسها". وأوضح أنّ لبنان شرح هذه التفاصيل للجانب السوري أكثر من مرة، داعياً إلى "التمييز بين النقاش التقني الهادئ والمزايدات السياسية التي لا تخدم أحداً".

وأشار نصّار إلى أنّ لبنان "لم يشترط لإنجاز الاتفاق أن تقدّم له سوريا أي مقابل"، موضحاً أنّ النقاش مع الجانب السوري تناول ثلاثة ملفات أساسية: الأول يتعلّق بالفارين من وجه العدالة، والذين يتردد بأن بعضهم موجود في سوريا؛ والثاني يخصّ المساعدة في معالجة ملف اللبنانيين المختفين قسراً؛ أما الثالث، فيتعلق بتقديم السلطات السورية معلومات عن أعمال أمنية واغتيالات وقعت في لبنان أيام النظام السابق.

وعن مطالبة جهات لبنانية بأن تشكّل التسوية مع دمشق مدخلاً لمعالجة أوضاع لبنانيين في السجون، أكد نصّار أنّ "هناك مشكلة جدية تتعلق بالاكتظاظ داخل السجون، وملفات عدة تحتاج إلى معالجة". وأوضح أنّ وزارة العدل تعمل على إعداد مشاريع قرارات وقوانين لمعالجة مسألة التوقيف الاحتياطي، وإيجاد آليات تسمح بالتعامل مع بعض الحالات لأسباب صحية أو اجتماعية أو سلوكية، بما يسهم في تخفيف مدة الأحكام وتقليص الاكتظاظ. وأضاف أنّ ما يُطرح أحياناً في هذا السياق قد يندرج في إطار العفو العام، "وهو أمر يتطلب قانوناً خاصاً"، مشدداً على أنّ وزارة العدل "لم يُطلب منها إعداد أي مشروع من هذا النوع حتى الآن".