المصدر: المدن
الكاتب: وليد حسين
الجمعة 17 أيار 2024 18:58:08
يفترض أن يشكل المتعاقدون في الجامعة اللبنانية لجنة جديدة، في غضون يوم غد السبت، لمتابعة قضيتهم في التفرغ. وذلك عقب الانتكاسة التي منيت بها اللجنة السابقة يوم الإثنين الفائت.
فعقب انتهاء الاعتصام الهزيل الذي دعت إليه، يوم الإثنين، استقال نحو ستة أعضاء من اللجنة. والسبب أنه لم يشارك في الاعتصام أكثر من ثلاثين متعاقداً من أصل أكثر من 1700 متعاقد في لبنان. وذلك رغم البيانات الكثيرة المؤيدة لتحرك الأساتذة، التي صدرت عن كل المكاتب التربوية للأحزاب السياسية. بمعنى آخر، المتعاقدون أنفسهم بدوا غير مهتمين بالتفرغ، سواء كانوا حزبيين أو مستقلين. أما المكاتب التربوية للأحزاب السياسية فاكتفت ببيانات دعم وتأييد من دون الإيعاز لأي مناصر للمشاركة في الاعتصام.
بلا تفرغ ولا إنتاجية
تنتهي يوم غد السبت المهلة التي منحها الأعضاء المتبقين من اللجنة القديمة لجميع الأساتذة المتعاقدين في كل الكليات لانتخاب ممثلين عنهم، كي تكون اللجنة الناطقة باسمهم منتخبة منهم. لكن الأحزاب ترفض فكرة الانتخاب، كي لا تصبح "اللجنة" معترف بها. لذا، من المتوقع ألا يتجاوب الأساتذة مع هذه المبادرة أسوة بعدم مشاركتهم بالاعتصام والإضراب. أي عملياً، ينتهي العام الدراسي الحالي في الجامعة اللبنانية (بعد نحو ثلاثة أسابيع)، من دون حصول الأساتذة لا على التفرغ ولا على بدلات الإنتاجية بالدولار. فجل ما حصلوا عليه هذا العام رفع قيمة أجر ساعة التعليم إلى 600 ألف ليرة لمن لديهم رتبة أستاذ، أما بدلات الإنتاجية (15 دولاراً لكل ساعة تعليم) فما زالت مجرد وعد ولم يسلك طريقه للتطبيق.
خلطة التفرغ السحرية
سبق ووعد رئيس الجامعة اللبنانية، بسام بدران، الأساتذة، منذ نحو أسبوع، أنه يعمل على "خلطة سحرية" لحل عقد ملف التفرغ. بمعنى أنه سيدرس مع وزير التربية عباس الحلبي بصيغ جديدة مختلفة عن السابقة. لكن هذا الأمر لا يصرف إلا بوصفه مجرد وعد لا يمكن أن يترجم على أرض الواقع في الوقت الحالي. فقد سبق وحاول الوزير الحلبي تذليل العقبات لتشكيل ملف متوازن طائفياً، ويفي حاجة الجامعة والأحزاب السياسية. فتضخم العدد المقترح للتفرغ إلى نحو 1200 متعاقد. ورغم ذلك، لم يقر الملف. وقد كانت "خلطة" الحلبي وبدران الأكثر واقعية ولقيت قبول المكونات اللبنانية. ورغم ذلك فشلت المحاولة، بسبب رفض الثنائي الشيعي. بمعنى آخر، يستحيل إيجاد حلول لملف التفرغ قبل تراجع الثنائي الشيعي عن مطالبه وتصلبه في تفريغ أعداد تخل بالتوازن، تقول مصادر مواكبة للملف. وتضيف المصادر أن مطالب الثنائي الشيعي بالمعايير الموحدة في كل الكليات لتفريغ الأساتذة تؤدي حكماً إلى خلل في التوزان الطائفي.
وتشرح المصادر، بأن العقد الحالية للملف لن تحل في مطلع العام الدراسي المقبل. وما لم يحصل عليه الأساتذة في العام الدراسي الحالي، لن يحصلوا عليه مطلع العام المقبل، إلا إذا تواضع الثنائي الشيعي وقبل بالتوازن الطائفي. فملف التفرغ هو الأضخم والأهم في الدولة كلها حالياً، ولا يوجد أي ملف شبيه يمكن مقايضته به لإرضاء المكونات اللبنانية. وبالتالي لا يمكن أن يمر من خلال إطلاق الشعارات والأوهام.
تمويل التفرغ
هذا بما يتعلق بالتوازن الطائفي، أما بما يتعلق بتمويل التفرغ فالإشكالية كبيرة أيضاً، خصوصاً أن العدد ضخم جداً. ففي الوقت الحالي كل إدارات الدولة تلجأ إلى مصادر تمويل خاصة لإرضاء الموظفين (حوافز بالدولار) وهو أمر مباح من الحكومة لتمرير الوقت. ولم يلجأ الموظفون إلى الشارع للمطالبة بتعديل سلسة الرتب والرواتب بعد. فكيف ستؤمن الجامعة اللبنانية تمويل رواتب وأجور للمتفرغين الجدد، يقترب عددهم من عديد الهيئة التعليمية في الملاك؟ ومن أين تؤمن وزارة التربية الحوافز للمتفرغين الجدد (650 دولاراً لكل أستاذ)، في وقت لم تتمكن من دفع أي حوافز للمتعاقدين هذا العام؟
إلى هذه المعضلة المالية، ثمة مشروع قانون رفع سن التقاعد لأساتذة الجامعة اللبنانية أربع سنوات ليصبح التقاعد في سن 68 عاماً، قدم إلى المجلس النيابي. القانون اختياري بمعنى أنه "لمن يرغب"، لكنه أحد مطالب الأساتذة في ملاك الجامعة منذ سنوات، لأن من شأنه رفع عدد سنوات الخدمة الفعلية لهم لرفع نسبة المعاش التقاعدي. فالأستاذ الجامعي، بخلاف باقي الموظفين، يتأخر للالتحاق بالوظيفة لمتابعة تحصيله العلمي، ولا يستطيع أن يخدم في أفضل الحالات أكثر من 30 عاماً. ولحصول أي موظف على نسبة 85 بالمئة من آخر راتب كمعاش تقاعدي عليه أن يعمل أربعين سنة. وتأخير التقاعد لأربع سنوات ينعكس حكماً على عدد الأساتذة في التفرغ. صحيح أن القانون لا يؤثر بدفعة المتفرغين التي تحتاجها الجامعة حالياً، لكنه يؤثر بتمويل الرواتب والأجور.