المصدر: النهار
الخميس 20 أيار 2021 07:16:28
كتبت صحيفة "النهار" تقول: يفترض ان تكون "استقالة" وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال شربل وهبه وتعيين نائبة رئيس الوزراء وزيرة الدفاع زينة عكر، وزيرة للخارجية بالوكالة مكانه، ان يطويا صفحة العاصفة التي اثارتها تصريحات وهبة المسيئة الى المملكة العربية السعودية ودول الخليج، ولا سيما لجهة التداعيات السلبية التي تخوف منها كثيرون على اللبنانيين العاملين في المملكة، والتي سارع السفير السعودي وليد بخاري الى نفيها. واذا كانت استقالة وهبه السريعة امس ساهمت في احتواء الازمة التي تسبب بها كما لم يفعل وزير من قبل، فان ما طغى على هذه الاستقالة وكاد يحجبها تمثل في "يوم التضامن مع السعودية " الذي بدا بمثابة استفتاء سياسي واسع لصداقات السعودية في لبنان مع معظم قواه السياسية والحزبية ومراجعه الدينية، الامر الذي رسم دلالات مهمة ومعبرة على الصعيدين الداخلي والعربي. وسوف تتجه بوصلة الرصد السياسي في ظل هذه التطورات التي حصلت امس الى الكباش الجديد الذي افتعله العهد بتوجيهه رسالة الى مجلس النواب لمناقشة ملف تشكيل الحكومة من باب تفخيخ الرسالة باتهامات للرئيس المكلف سعد الحريري بأسر التشكيل، في ما اعتبرته أوساط حقوقية وسياسية على نطاق واسع تسللاً من باب حق رئيس الجمهورية دستوريا في توجيه الرسائل الى البرلمان، ولكن مع مضمون ينطوي على مخالفات مضمرة للدستور، بل لمحاولة إحداث عرف انقلابي جديد على غرار ما دأب العهد على القيام به مراراً وتكراراً.
حتى ان هذه الأوساط نفسها لفتت الى ان ما واكب استقالة وهبة وتعيين عكر وزيرة للخارجية بالوكالة امس اثبت ان العهد يتصرف بنزعة استخفاف بالأصول الدستورية المتشددة، إذ بدا واضحا انه جرى تجاوز وزير الخارجية بالوكالة دميانوس قطار في خطوات تعديل مرسوم توزيع الوزارات بالوكالة وهو أمر لفت اليه كثيرون ولكنه لم يلق آذانا صاغية بين بعبدا والسرايا امس.
مع ذلك عكس الإصرار على تعيين عكر توافقاً حصل بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب نبيه بري على تعيينها بعدما كانت تحفظت صباحاً عن قبول هذا التعيين. وكانت المعلومات اشارت إلى أن رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل أراد لوزيرة المهجرين غادة شريم أن تخلف وهبة، في حين رفض الرئيس بري هذا الاقتراح، ولهذه الأسباب تم تجميد مرسوم تعيين عكر عقب رفضها الى ما بعد الظهر عندما صدر المرسوم.
في خيمة السفير
ووسط الاتصالات التي جرت لتعيين بديل من وهبة تحوّلت دارة السفير السعودي وليد بخاري في اليرزة محجة لوفود وشخصيات متضامنة وحرص بخاري على استقبال زواره في خيمة "تؤكد افتخاره بأصول الشعب السعودي البدوية". واعتبر بخاري في دردشة مع الصحافيين ان "ما أكسب احترام المملكة للخصوم والحلفاء في المجتمع الدولي أن لديها خطاباً سياسياً واحداً في العلن وفي السر". وطمأن الى ان "ما يحكى عن سعي المملكة لترحيل اللبنانيين لا أساس له من الصحة". واكد ان "أخلاقيات ومرتكزات المملكة لا تسمح بأن يتم التعرض لكل مقيم على الأراضي السعودية ناهيكم عن اللبنانيين الموجودين في المملكة".
وأضاف "ما شاهدناه من شائعات لا يعكس موقف المملكة فالقيادة الرشيدة في المملكة تركز على صون كرامة المواطن السعودي وأي مقيم على أرض المملكة". وقال ان "العلاقات السعودية - اللبنانية علاقات بين شعبين وعلاقة وجدانية تربطها روابط العروبة والدم والأخوة والإسلام وعلاقات النسب وما شهدناه اليوم من مواقف وتضامن تعكس حقيقة مواقف الشعب اللبناني بكل انتماءاته، ومفاخر المملكة وأصالتها أكثر من أن تعد وتحصى ولا ينكر ذلك إلا جاهل مضلَّل أو أفّاق مضلَّل".
وقال : "تلقيت مكالمة هاتفية بالأمس (اول من امس) من وزير الخارجية شربل وهبه أعرب فيها عن اعتذاره الشديد والصريح لما بدر منه في لقائه التلفزيوني وأخبرني بأنه سيتنحى صباح اليوم (امس)". وعما إذا كان اعتذار وهبه كافياً قال: "الأهم ليس أن نعتبره كافياً أم لا، بل مراجعة السياسات الخارجية بإرادة سياسية جامعة تجاه المملكة ودول مجلس التعاون وعندما تكون هناك مراجعة حقيقية هذا يعني أن هناك مؤشرات إيجابية لاستعادة ثقة المجتمع الدولي وعلى رأسهم المملكة".
اشتباك جديد
في غضون ذلك يتجه المناخ السياسي الداخلي الى مزيد من الاحتدام في ظل ما اثارته رسالة عون الى مجلس النواب محرضا إياه على الحريري من تداعيات ومعطيات سلبية. وإذ يتهيأ الرئيس سعد الحريري بعد عودته الى بيروت لتسجيل ردّ شامل وحاد ومفصل على رسالة عون لم يعرف بعد ما اذا كان رده سيحصل بعد جلسة تلاوة رسالة عون التي دعا اليها بري بعد ظهر غد ام يؤجل الحريري الرد الى جلسة مناقشة الرسالة لاحقاً باعتبار ان حصر الجلسة غدا بتلاوة الرسالة لن يعقبه فتح النقاش الا اذا أراد الحريري عقد مؤتمر صحافي بعد جلسة التلاوة. وإذ استبعدت مزيد من الأوساط السياسية امس ان تؤدي هذه الرسالة الى اي خرق في عملية التشكيل، كون الكتل الاساسية لا تزال تدعم الرئيس الحريري، أبدى رؤساء الحكومة السابقون، نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة، وتمام سلام، استغرابهم الشديد لرسالة عون وسجلوا جملة ملاحظات حولها فاعتبروها "رسالة مليئة بالمغالطات وفيها تحوير للوقائع التي حصلت في تكليف الرئيس الحريري". ولفتوا الى "إنّ أكثر ما استوقفهم وما أثار استغرابهم في رسالة رئيس الجمهورية إعطاء نفسه دور الوصي على مهمة ودور رئيس الحكومة المكلف لتشكيل الحكومة وتجاوز ذلك الى إعطاء نفسه دور الضابط والمحدد لمهمته، سواءً لجهة إلزامه بمعايير يحددها له في تشكيل الحكومة او وضع قيود او شكليات يجب اتباعها بما يجعله في حالة من التبعية لرئيس الجمهورية، وبما ينزع عن رئيس الحكومة دوره الدستوري المبادر والمسؤول، عن عملية تشكيل الحكومة".
وحذروا من "إنّ ما احتوته الرسالة في هذا الشأن يطيح أحكام الدستور الواضحة والصريحة وبمبدأ الفصل بين السلطات وبالأسس التي يقوم عليها النظام الديمقراطي البرلماني. ويشكل انقلاباً حقيقياً على الدستور، وهي الممارسات عينها التي عطلت تطبيق احكام الدستور، كما عطلت تشكيل الحكومة ووضعت البلاد على حافة الانهيار".