كيف ينظر الأوروبيون الى خطر دخول لبنان في الحرب؟

تتوافق دول الاتحاد الأوروبي بعد القمة الأوروبية عموماً حول المواقف والتطورات من جراء الحرب على غزة بعد دخول عناصر من منظمة "حماس" الى داخل إسرائيل في ٧ تشرين الأول وتكبيد إسرائيل خسائر بشرية هائلة، مما أدى الى ردّ مدمّر في منطقة غزة. وهي تحذر لبنان من الدخول في حرب قد تقضي عليه.

فالدول الأوروبية وفق مصادر غربية رغم دعمها غير المشروط لتل أبيب تتعاطف مع المدنيين الفلسطينيين الذين يتعرضون للقصف اليومي. وانطلاقاً من موقف إنساني تطالب بالتوصّل الى هدنة إنسانية، وإجلاء المدنيين والجرحى. وفي هذا السياق تؤكد البحث عن حل سلمي للأزمة الفلسطينية من خلال إقامة دولتين تعيشان جنباً الى جنب بأمان وسلام بعدما وُضع الملف على الرف.

لكن هذه الدول كما الولايات المتحدة لم تطالب بوقف إطلاق النار وإنهاء المواجهة لأنها تعتبر أنه ما زال داخل غزة مسلحون تصفهم بـ"الإرهاب" يعتزمون تدمير إسرائيل ويتعيّن على المجتمع الدولي مواجهتهم لأنه لا شيء بالنسبة الى هذه الدول يمكنه تبرير ما حصل في الهجوم على مستوطنات إسرائيلية في ٧ تشرين الماضي، كما لا يمكن معالجة الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي وفرض حل في ظل الأحداث التي تشهدها منطقة الصراع.

وتتوافق هذه الدول على الدور السلبي الإيراني. فطهران لديها نفوذ في عدد من الدول العربية: العراق واليمن وسوريا ولبنان وغزة، وهي لا تسهم في حل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي بل تؤجّجه وتقوّضه. وتعتبر رغم إعلانها عدم تدخل إيران عسكرياً أن تنسيق هذا الهجوم، كان بإشراف إيراني و"حزب الله" نسّق مع "حماس" الهجوم، ويعاونها من خلال إشعال الحدود الشمالية لإسرائيل. وتشير المصادر إلى أن هذه الأطراف كانت تعلم أن هجوماً كهذا سيولّد حتماً رداً إسرائيلياً مدمّراً.

وترى هذه المصادر أن الدول الغربية الداعمة لإسرائيل تؤدّي دوراً إيجابياً، فهي لا تبرر ما تقوم به إسرائيل من مجازر بحق المدنيين وتقوم بمحاولات للتوصّل الى هدنة إنسانية ولكنها لم تطالب رغم التصعيد الإسرائيلي بوقف لإطلاق النار. ورغم إعلان مفوض سياسة الحوار تجميد المساعدات للفلسطينيين ما زالت دول المجموعة الأوروبية تدعم منظمة الأونروا وتقدّم بشكل مباشر مساعدات إنسانية الى سكان غزة.

وفي سياق ما يحدث في غزة وانعكاسه على لبنان حذرت العديد من الدول الأوروبية السلطات اللبنانية من الدخول في حرب ستكون مدمّرة للبنان. وتنوّه المصادر بأن لبنان الرسمي يطالب بوضع قواعد للاشتباك واحترام قواعد الحرب ويعلن سياسة النأي بنفسه عن الصراع الاقليمي فيما "حزب الله" وبعض الأطراف الفلسطينية لا تقوم بذلك. وإيران لا تساعد على حماية لبنان بل إن يدها العسكرية في لبنان تطلق الصواريخ على شمال إسرائيل، بالاضافة إلى أن للقوى المدعومة من إيران مشاكل مع العديد من الدول الخليجية من جراء موقف طهران من تنظيمات مسلحة في اليمن والعراق وسوريا ولبنان.

وأولوية الدول العظمى اليوم تجنيب لبنان خطر الانزلاق في هذه الحرب المدمرة، وهي تبذل كل الجهود الممكنة للحؤول دون اتساع الحرب وضبط الحدود.

وفي هذا السياق يطالب أصدقاء لبنان بتحصين الجيش لمواجهة الأخطار الداهمة، وهم يحذرون اللاعبين السياسيين من الاستسلام لشل عمل الجيش وعدم سد الفراغ في المراكز الشاغرة. وتؤكد أهمية المحافظة على الجيش وضرورة عدم استهدافه ودوره في المحافظة على المؤسسات والاستقرار الداخلي لمآرب سياسية.

وتشجع دول غربية المساعي التي يبذلها رئيس الحكومة من أجل تفادي انخراط لبنان في الحرب المشتعلة وتواصله مع العديد من الدول الإقليمية والدولية للضغط على إسرائيل لمنع التصعيد في جنوب لبنان وعدم تصاعد وتيرة الاشتباكات التي قد تؤدي الى توسيع الحرب لكي تضم لبنان.

وتشير هذه المصادر الى أنه لا يمكن الجزم بتوسّع رقعة الحرب الى لبنان من عدم حصولها وهي تحذر من أي خطأ في التقدير يمكن أن يؤدي الى توسّعها. وتشير الى أنه إذا توسعت فإنها ستكون كارثية على لبنان. لذلك ترى أن على الأطراف اللبنانية والقوى الإقليمية إقناع "حزب الله"والمجموعات الفلسطينية المنضوية تحت جناحه بالامتناع عن استفزاز إسرائيل واستهدافها تفادياً لاندلاع حرب مدمرة على لبنان.

وتنبّه هذه المصادر الى أنه لا يمكن لفرنسا والولايات المتحدة ومجموعة أصدقاء لبنان ضبط العنف الذي ستلجأ إسرائيل إليه لحماية حدودها الشمالية. وما يحصل في غزة اليوم من تدمير مبرمج للبنى التحتية والمنازل هو صورة عمّا يمكن أن يحصل للبنان، في حال دخوله الحرب. وتقول إن دعوة رعايا بعض الدول الى مغادرة لبنان إشارة لتزايد المخاطر على لبنان لذلك على القوى السياسية اللبنانية وبغضّ النظر عن خلافاتها واختلافاتها أن تجتمع وتؤكد رفض لبنان للحرب وعدم إقحامه بها في ظل غياب رئيس للجمهورية وحكومة فاعلة. ويعود على "حزب الله" وحلفائه الأخذ في الاعتبار وضع البلد الهشّ قبل اتخاذ قرار الخوض في المعركة.