المصدر: اللواء
السبت 24 تموز 2021 00:50:08
ساعة إثر ساعة، تنهار مقومات صمود المواطن اللبناني، تارة من باب انهيار سعر صرف الليرة، وتارة من باب ارتفاع الأسعار، بصورة جنونية، إنهيار رواتب ذوي الدخل المحدود، لمن بقي له راتب أو دخل.
وفي آخر إبداعات العقل الذي يدير عمليات الانهيار، استخدام مادة المازوت، لقطع المياه، وقطع الكهرباء، وتوقف الأفران، وتوقف استيراد المواد الغذائية، على نحو يدعو إلى الريبة، مع ضرب الرئة التي يتنفس منها الاقتصاد اللبناني، أو بدأ يتنفس، وهي مجيء اللبنانيين من بلاد الاغتراب، أو بعض من السيّاح الأجانب، حيث أبلغت الفنادق النزلاء أنها بصدد التقنين في استخدام الكهرباء، مما يدفع هؤلاء إلى تبكير السفر والعودة من حيث أتوا.
يتزامن كل ذلك، مع حركة مريبة لكتلتين نيابيتين مسيحيتين: تكتل لبنان القوي، الذي يتجه إلى تسمية السفير نواف سلام، وإعلان حزب «القوات اللبنانية» عدم التسمية، في محاولة لسحب الغطاء المسيحي عن المرشح الجدي لتأليف الحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، على نحو ما حصل مع الرئيس سعد الحريري.
والأنكى من ذلك، وفقا لمحطة OTV الناطقة بلسان التيار الوطني الحر، ان «التذرع بتأييد ميقاتي من جانب المردة والنواب المتفردين أو المنتمين إلى كتلتي «المستقبل» والتنمية والتحرير، فحتى من يسوّق له يُدرك انه غير واقعي».
ولم تخف الأوساط العونية الإشارة إلى ان التكليف وان صدر مرسومه الاثنين، فإنه «يؤشر إلى مرحلة، صعبة تليه» أي في عملية تأليف الحكومة..
وأعلن نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي، بعد لقاء الرئيس نبيه برّي، ردا على سؤال (الانتشار) حول احتمال رفض الرئيس ميقاتي التكليف بعد امتناع كتلتي «القوات» (التي لاقت الطريق العوني إلى منتصف الطريق) ولبنان القوي الامتناع عن تسميته لاعتبارات ميثاقية، أجاب الفرزلي: «ان هناك 22 نائبا مسيحيا غيرهما» متسائلاً: ماذا نعتبر هؤلاء المنتخبين من الشعب ومن أبناء طائفتهم؟ داعياً للخروج من مقولة «احتكار كتلتين نيابيتين لطائفة، والتحرر ممن يريدون الإمساك برقابنا».
وبالعودة إلى لغة الأرقام، فإن مجموع من بقي في كتلة التيار الوطني الحر هو 19 نائبا مسيحياً، يضاف إليهم 15 نائبا مسيحياً من «القوات اللبنانية» فيكون المجموع هو 34 نائباً، أي ما يزيد قليلاً عن النصف، والباقي 30 نائباً بين مستقلين وخارجين عن كتلة باسيل، يمثلون المسيحيين خارج الالتقاء بين كتلتين مسيحيتين متنافرتين: كتلة لبنان القوي وكتلة الجمهورية القوية.
ومع الأيام العشرة التي تهز لبنان وتضعه على حافة الاختناق بعد الانهيارات المتتالية، ارتسمت ملامح خريطة الاستشارات النيابية الملزمة قبل ٤٨ساعة من موعدها، مع احتمال حدوث بعض التغييرات او التبدلات الظرفية الطارئة.
وكشفت مصادر متابعة للمشاورات المرتقبة ان اسم الرئيس نجيب ميقاتي المتوقع عودته الى بيروت اليوم، يتصدر بقية الاسماء المتداولة لترؤس الحكومة الجديدة.
وينتظر ان تتسارع اجتماعات الكتل والاحزاب النيابية والاتصالات خلال اليومين المقبلين لتحديد مواقفها والاعلان عن اسم مرشحها لرئاسة الحكومة المقبلة قبل موعد الاستشارات الاثنين المقبل.
وعلم ان اجتماعا لرؤساء الحكومات السابقين سيعقد عصر غد الاحد، بعد عودة الرئيس سعد الحريري من الخارج، ويصدر بيانا، يزكي فيه تسمية ميقاتي، على أن يتبع ذلك اجتماع لكتلة «المستقبل» النيابية تعلن فيه تأييدها ودعمها أيضا.
واوضحت المصادر ان كتلة التنمية والتحرير تتجه الى الاعلان عن تسمية ميقاتي ايضا كما نقل عن مصادر الكتلة، فيما تتجه كتلة اللقاء الديمقراطي بعد تشاور رئيسها النائب تيمور جنبلاط مع الرئيس نبيه بري الى إتخاذ موقف مؤيد لتسمية ميقاتي.
ويرتقب ان يتبلور موقف كتلة المقاومة في غضون الساعات المقبلة، مع اتجاه واضح لتسمية ميقاتي أيضا كما نقل عن مقربين من حزب الله.
اما موقف كتلة التيار الوطني الحر «تكتل لبنان القوي» مع كتلة لقاء الجبل، فلم تتخذ موقفا محددا بعد، وما تزال تتريث بانتظار مزيد من الاتصالات مع حليفها حزب الله، لانها حسب مصادر قريبة، لا تحبذ تسمية ميقاتي لرئاسة الحكومة، وهي مستاءة من هذا الطرح وتعتبره التفافا على فشل الحريري بتشكيل الحكومة، ومحاولة لحشر رئيس الجمهورية ميشال عون والتيار.
واشارت الى ان رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل عبّر لمسؤولين من الحزب عن استيائه، وطلب عقد لقاء مع الأمين العام للحزب حسن نصرالله لابلاغه بموقفه هذا، فيما ابلغه مسؤولو الحزب اتجاهه لتأييد تسمية ميقاتي، باعتباره يحظى بتغطية سنيّة واسعة، من رؤساء الحكومات السابقين وكتلة المستقبل ولا يمكن تجاهلها أو معارضتها، والاهم هو الاسراع بتشكيل الحكومة في اقرب وقت ممكن، لتفادي حدوث تداعيات معيشية او اجتماعية خطيرة تلوح بالافق ولا يمكن تداركها.
وازاء هذا الواقع كشفت مصادر التيار الوطني الحر، ان هناك اتجاها لتبني تسمية القاضي نواف سلام، برغم ما يثيره هذا الموقف من استفزاز للحزب، وذلك في رد غير مباشر على تأييد حزب الله لميقاتي خلافا لرغبة التيار الوطني الحر.
اما كتلة المردة، فتتجه لتسمية ميقاتي والمشاركة بالحكومة، اما اذا طرح اسم النائب فيصل كرامي من قبل التيار الوطني الحر وحاز على الاكثرية مقابل غيره، فإن التكتل سيسميه ولكن لن يشارك بالحكومة لا من قريب بعيد.
وبعدما اعلنت كتلة لبنان القوي على لسان رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع رفضها تسمية اي مرشح لرئاسة الحكومة. بينما يميل حزب الطاشناق لتسمية ميقاتي ، برغم عدم اعلان موقفه بعد رسميا، بانتظار انتهاء مشاورات مع بقية الاطراف الحليفة والصديقة بهذا الخصوص.
وتبقى مواقف كتلة الحزب السوري القومي الاجتماعي المرتقب تأييدها لميقاتي، فيما تعلن مواقف كتلة اللقاء التشاوري والنواب المنفردين تباعا.
الا ان المصادر السياسية المذكورة، تنتظر جلاء كل المواقف بوضوح في غضون الساعات المقبلة، لمعرفة كيفية اتجاه الامور ومسار التسمية ومابعدها، وما سيصدر عن ميقاتي نفسه، في حال تسميته رئيسا للحكومة وعلى أي أساس قبل بهذه المهمة الانقاذية في ظل تمترس عون وباسيل وراء رفض مكشوف لهذه التسمية وعكس ماكانا يخططان له لتسمية شخصية قريبة، وتكون مطواعة لتنفيذ مبادرة طموحاتهما الشخصية الاستئثار بالدولة والاستمرار بأسلوب حكم الرأس الواحد ورئيس الظل خلافا للدستور.
وتنقل المصادر ان ميقاتي لن يقبل بتكرار اساليب التعطيل التي اعتمدت لعرقلة مهمة الحريري وينطلق لقبول مهمة التكليف من ثلاثة مبادىء اساسية، الاول التزام الدستور بالتعاطي مع رئيس الجمهورية، كل ضمن صلاحياته المنصوص عنها، الثاني، تشكيل حكومة انقاذية بكل معنى الكلمة، لا ثلث معطلا فيها لاحد او محاصصة مقنعة تشل عملها، تحديد مهلة زمنية طبيعيه للتشكيل، والا لن يرضخ لاي اسلوب للابتزاز تحت اي عنوان كان.
وأكدت مصادر مطلعة على موقف بعبدا لـ«اللواء» أن الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف شخصية تؤلف الحكومة قائمة في موعدها بعد غد الاثنين، وأشارت إلى أن رئيس الجمهورية يلتزم بما سيخرج من نتائج الاستشارات ولا يتدخل بمسارها على الإطلاق.
وأكدت المصادر إن ما من توجه مسبق لديه وبالتالي يلتزم الدستور ويحترم إرادة النواب وخياراتهم وكل ما يقال غير ذلك أو ما ينقل من مقربين عنه لا بعكس وجهة نظر الرئيس عون اطلاقا.
وشددت على أن رئيس الجمهورية يرغب في التعاون مع الرئيس الذي يكلف تأليف الحكومة للاسراع في تشكيل الحكومة لأن الظرف لا يسمح بأي تأخير لا سيما الظرف الاجتماعي والحياتي وكل ما يتمناه أن يتم التأليف والا يكون التكليف مفتوحا لأن مصلحة لبنان تقضي أن يحصل التأليف بالسرعة اللازمة فتأتي حكومة كاملة الأوصاف لبدء المشاورات مع صندوق النقد الدولي والهيئات الدولية التي يفترض بها تقديم المساعدة.
وكررت المصادر القول أن رئيس الجمهورية يريد التعاون مع الرئيس المكلف كائنا من كان أي سواء كان الرئيس نجيب ميقاتي أو أي شخصية تكلف بفعل نتيجة الاستشارات متمنيا النجاح لمهمته وقيام الحكومة.
ورأت ان التفاصيل التي تتصل بالتأليف سابق لأوانها متروكة لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف.
إلى ذلك افادت مصادر مواكبة لـ«اللواء» أن هناك سلسلة مشاورات تحصل قبيل موعد الاستشارات وأعربت عن اعتقادها أن الرئيس ميقاتي سيكلف حتما وفق احتساب أصوات النواب وقالت إن ما يتردد عن ضمانات تتصل بالتأليف تبحث في عملية التأليف، إلى ذلك افيد أن رئيس الجمهورية اتصل بالرئيس ميقاتي لتهنئته بعيد الأضحى ولم يحصل أي بحث آخر.
وفي السياق، أوضحت مصادر نيابية ان الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري توافقا على تسمية ميقاتي، لكن ثمة مشاكل قد تعترض التأليف بسبب موقف الرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحر الرافض ضمناً لتولي ميقاتي المنصب لانه برأيهما امتداد للحريري ولن يقبل بسقف للتأليف اقل من سقف الحريري، كما ان لديه مطالب وشروط باتت معروفة، كما قالت مصادر التيار ان ميقاتي غير مقبول شعبياً لوجود ملفات قضائية بحقه. وقد عقدت الهيئة التأسيسية للتيار الحر اجتماعاً امس سيصدر بيان عن نتيجة الاجتماع اليوم على ان يعقد التكتل النيابي للتيار اجتماعاً اليوم او غداً لتقرير الموقف من تسمية سلام او عدم تسمية احد.
بينما قالت مصادر مطلعة على موقف حزب الله انه لا يمانع بتكليف ميقاتي ولو لم يُسمّه.
واشارت المصادر الى ان الاتصالات قائمة بين قيادة الحزب وبين النائب جبران باسيل للتفاهم على المرحلة المقبلة.