100 يوم من العهد الرئاسيّ الجديد: انفتاح عربيّ وتعيينات وتوطئة لحصر السلاح

استطاع العهد الرئاسيّ أن يحقّق بداية رشيقة مع مرور أكثر من ثلاثة أشهر على تصاعد الدخان الأبيض لانتخاب العماد جوزف عون رئيساً للجمهورية اللبنانية. استطاع العهد أن يشكّل امتيازاً فإذا به يمسك أداة البحث عن كيفية تحقيق بعض التعهّدات الأكثر إلحاحاً وإعادة لبنان إلى كنفه العربيّ.

فكانت زيارة رئيس الجمهورية الخارجية الأولى منذ انتخابه، نحو المملكة العربية السعودية في 3 آذار (مارس) 2025 تلبيةً لدعوة وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان. وشكّلت المناسبة محطة أكّدت التقدير اللبنانيّ للدور الذي تضطلع به المملكة دعماً لاستقرار لبنان من دون إغفاله المساعدات السعودية للبنان.

وكانت الزيارة بمثابة "جسر جويّ" من التطلعات لبلورة اتفاقيات بين البلدين قريباً. ثم شارك رئيس الجمهورية في القمة العربية الطارئة التي عقدت في القاهرة في 4 آذار (مارس)، مثبّتاً موقفاً لبنانياً مستمدّاً من مبادئ وتعهّدات عربية "منذ مبادرة بيروت للسّلام سنة 2002، حتّى إعلان الرياض".

في الداخل اللبناني، كان لرئيس الجمهورية كلمته في التعيينات الأمنية باحثاً عن خبرات في مقدورها المساعدة في المهمّات الإصلاحية. وعقدت جلسة خاصّة غير عادية لمجلس الوزراء في 13 آذار (مارس) في القصر الجمهوريّ وأقرّت التعيينات الأمنية.

واجه العهد الرئاسي تحدّيات أمنية في أشهر انطلاقته بدءاً من الأوضاع التي بقيت محتدمة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، ثم اندلاع أحداث على الحدود اللبنانية السورية. أكّد رئيس الجمهورية في 17 آذار (مارس) أنه أعطى توجيهاته لقيادة الجيش بالردّ على إطلاق النار على الحدود مع سوريا و"العمل على حلّ المشكلة سريعاً بما يضمن سيادة الدولتين ومنع تدهور الاوضاع".
بحث العهد الرئاسي أيضاً في آذار عن تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، حيث تمسّك رئيس الجمهورية بتعيين حاكم في جلسة مجلس الوزراء التي عقدت في 27 آذار (مارس) في القصر الجمهوري وعدم تأجيل بتّ ذلك، حيث عيّن كريم سعَيْد حاكماً للمصرف المركزيّ عبر التصويت الوزاري بعد تباين صريح هو الأول من نوعه مع رئيس الحكومة نواف سلام.

 

في 28 آذار (مارس)، نجحت المملكة العربية السعودية في مسعاها بين الدولتين اللبنانية والسورية لإنهاء الاقتتال حدودياً، فانعقد اجتماع أمنيّ في جدّة برعاية وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان، وقّع على أثره اتفاق أكّد خلاله الجانبان اللبناني والسوري الأهمية الاستراتيجية لترسيم الحدود، وتشكيل لجان قانونية متخصصة بينهما في عدد من المجالات، وتفعيل آليات التنسيق بينهما للتعامل مع التحديات الأمنية والعسكرية خصوصاً في ما قد يطرأ على الحدود. واتُّفق أيضاً على عقد اجتماع متابعة لاحق في المملكة.

لعلّ أبرز التعهدات التي ميّزت بداية العهد الرئاسي هو الالتزام بحصر السلاح في يد الدولة اللبنانية والإسراع لتحقيق ذلك، مع التعويل على ما قاله رئيس الجمهورية جوزف عون قبل أيام لتطبيق القرار 1701 وحصر السلاح في يد الدولة اللبنانية، حيث أكد أن "الجيش يقوم بواجبه جنوبي نهر الليطاني، وفكّك أنفاقاً وصادر أسلحة من دون اعتراض "حزب الله"، لكنه لم ينتشر في كامل الجنوب لوجود مواقع للاحتلال". وكشف أن "الحوار بشأن حصرية السلاح سيكون ثنائياً بين رئاسة الجمهورية و"حزب الله"، وأن قرار حصر السلاح بيد الدولة اتُّخذ، وتنفيذه يكون بالحوار وبعيداً عن القوة ".