المصدر: النهار
الكاتب: منال شعيا
السبت 28 أيلول 2024 13:05:58
مجددا، يتحوّل لبنان ساحة للخروق الامنية والانفجارات القاتلة، وهذه المرة في مشهد زلزالي اعاد الى الاذهان شريطا اسودا من الذكريات.
هي ال#اغتيالات السياسية في لبنان عبر الاختراقات الامنية، ولعله هو رابط وثيق يجمع دوما بين الخرق الامني والاغتيال السياسي، اذ يسهّل العامل الاول نجاح عملية الاستهداف.
هكذا، برز الاختراق الاسرائيلي الامني الذي تفوّق، في اكثر من مرحلة، على العامل العسكري منذ بدء "حرب غزة"، وسط غياب الحماية الشاملة لكل شبكات الاتصال والتواصل.
125 اغتيالا سياسيا
في شريط احصائي لـ"الدولية للمعلومات"، رصد لابرز الاغتيالات السياسية، ولا شك ان تقسيم المراحل يحتّم "فرز" ابرز الحوادث.
"125 اغتيالا سياسيا"، صنّفته "الدولية للمعلومات" في خانة " التصفية السياسية"، منذ الاستقلال وحتى مقتل الكاتب والناشط لقمان سليم في شباط 2021.
وامكن تقسيم هذه الاغتيالات بين: صحافيين ( 19 اغتيالا)، رجال دين (18 اغتيالا)، رجال سياسة (24 اغتيالا)، حزبيين (39 اغتيالا)، عسكريين (4 اغتيالات)، قضاة (4 اغتيالات). الا ان القاسم المشترك بين كل هذه الحوادث كان السبب السياسي وراء تصفية هذه الشخصيات واقصائها جسديا.
وتسهيلا للرصد، يمكن فصل حقبة الـ2005 عما سبقها من مراحل، نظرا الى ما شهدته من عمليات اغتيال سياسي تمت بشكل تصاعدي لافت، وبوتيرة زمنية غير مسبوقة، كانت في بعض الاحيان، لا تتعدى بضعة اشهر معدودة بين حادثة اغتيال واخرى. كذلك، فان هذه الحقبة يمكن ادراجها تحت عنوان "حقبة السلم"، انطلاقا من ان لغة الاغتيال قد تكون "اداة طبيعية" في زمن الحروب، لكنها تأخذ منحا مختلفا تماما في زمن السلم. وهذا ما جعل حقبة الـ2005 تحمل اكثر من دلالة ورمزية.
شريط متسارع
في 14 شباط 2005: اغتيل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري مع 21 شخصًا، عندما انفجر ما يعادل مئة كيلوغرام من مادة الـ "تي إن تي" أثناء مرور موكبه بالقرب من فندق سان جورج في بيروت.
كان الخرق الامني اكثر من فاضح في هذه العملية، عبر عملية تعقب واضحة لموكب الحريري. اذ ان الاخير كان يهمّ بالمغادرة من مجلس النواب ثم زار مقهى "كافيه دي ليتوال" المجاور لمدة عشرين دقيقة فقط. بعدها، غادر المقهى في موكب من ست سيارات واتبع طريقا، ظل سريا، حتى اللحظة الأخيرة.
وما هي الا خمس دقائق، حتى انفجرت شاحنة مفخخة، ودمرت الموكب بأكمله.
بصمات الخرق والتتّبع امّنت النجاح الكامل لعملية الاستهداف. اذ ان الطريق التي كان يسلكها الحريري عرفت "بالطريق السرية" نظرا الى الاحتياطات العالية التي كان يتخذها في تلك الاونة، لكن الخرق الامني كان اكبر، فقتل الرئيس، ووصفت عملية الاغتيال "بالاعنف" في زمن السلم.
2 حزيران 2005: اغتيل الصحافي سمير قصير، بتفجير سيارته، في الاشرفية.
21 حزيران 2005: اغتيل الأمين العام السابق للحزب الشيوعي جورج حاوي، في تفجير مماثل.
الى 12 كانون الاول 2005: صباح ذاك الاثنين الاسود، كان الاغتيال الاكبر، ما بعد الحريري: اغتيل النائب والصحافي جبران تويني، ومرافقيه بانفجار سيارة مفخخة، في منطقة الحازمية.
كان تويني قد وصل لتوه من باريس، بعد "فترة ابعاد" ارادها لمدة زمنية محدودة، بعدما اشتد عليه ثقل التهديدات في مرحلة ما بعد "ثورة الارز". لم يكن احد يدري ان تويني عاد مساء من العاصمة الفرنسية عبر مطار بيروت الدولي. لكن، الخرق الامني والرصد كانا له بالمرصاد. وما هي الا ساعات، حتى انفجرت صباحا سيارته، وهو في طريقه الى مبنى جريدة "النهار"...
21 تشرين الثاني 2005 : اغتيال الوزير والنائب بيار الجميّل، بإطلاق النار على موكبه، ضمن اطار الخرق نفسه واستهداف الشخصيات السيادية نفسها.
13 حزيران 2007: اغتيل النائب عن "تيار المستقبل"، وليد عيدو بتفجير سيارته في بيروت، مما أدى أيضا لمصرع نجله الأكبر.
19 ايلول 2007: اغتيال النائب عن حزب الكتائب أنطوان غانم في انفجار سيارة مفخخة، في سن الفيل.
12 كانون الاول 2007: اغتيل مدير العمليات في الجيش اللبناني، اللواء فرنسوا الحاج، في أول استهداف للمؤسسة العسكرية.
25 كانون الثاني 2008: اغتيل النقيب في فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، وسام عيد. وكان عيد قد عمل ضمن فريق التحقيقات باغتيال الحريري.
19 تشرين الاول 2012: اغتيل رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، العميد وسام الحسن في انفجار في منطقة الأشرفية.
ولعل هذا المسلسل من استهداف "شخصيات امنية رفيعة او ذات رمزية معينة" تعطي الخروق الامنية اهمية كبرى في نجاح اي عملية استهداف، لان الامني غالبا ما يأخذ احتياطات اكبر او يكون ادرى بها.
27 كانون الاول 2013: اغتيال الوزير الاسبق محمد الشطح في انفجار سيارة في وسط بيروت.
رويدا، رويدا، هدأت الساحة اللبنانية نسبيا، حتى عاد مشهد الاستهداف السياسي – الامني الى الواجهة مع مقتل لقمان سليم في 3 شباط 2021 . اغتيل برصاصات في الرأس والظهر في منطقة العدوسية، اثناء عودته من نيحا جنوب لبنان. مرة جديدة، خرق الرصد الامني شخصية جديدة.
قد يكون هذا الشريط يلخّص ابرز الحوادث وليس كلها، انما القاسم المشترك بين بعضها، او بين العدد الاكبر منها، انها بقيت بلا محاكمات ولا متهمين، حتى ان ملف التحقيق، بقي في بعض الحالات، فارغا من اي ورقة او مستند!. معادلة واحدة توجز هذه العمليات وهي: مهما اتخذت من اجراءات في الامن الوقائي تبقى فرضية الاختراق واردة... وناجحة. وان القاتل مجهول – معلوم!