المصدر: نداء الوطن
الكاتب: رمال جوني
الجمعة 26 أيلول 2025 07:27:42
خطة جديدة وضعت لمعالجة أزمة النفايات في النبطية، تقوم على إنشاء معمل حديث لفرز النفايات ومطمر صحّي، على أرض تقدّر مساحتها بحوالى 100 دونم في دير الزهراني.
يأتي هذا المشروع كبديل عن معمل فرز النفايات في وادي الكفور، الذي كان الاتحاد الأوروبي قد موّله بمبلغ مليون و 300 ألف دولار، لكنه تحوّل لاحقًا إلى "خردة"، بعد أن تمّ تفكيك معدّاته وسرقة محتوياته، وتحوّلت الأراضي المحاذية له إلى مكبّ عشوائي لتجارة النفايات. هذه الأزمة فتحت بابًا واسعًا لـ "تجار النفايات"، الذين يجلبون النفايات من خارج النبطية، مقابل مبالغ مالية طائلة، ما زاد من تفاقم الوضع البيئي.
وبالعودة إلى أزمة النفايات في اتحاد بلديات الشقيف، فقد أفرزت أكثر من 28 مكبًا عشوائيًا، معظمها على قمم الجبال. "نداء الوطن" جالت على عدد من هذه المكبّات، أبرزها المكبّ الواقع بين بلدات عبّا، أنصار وبريقع، في منطقة زراعية، الذي يشهد اشتعالًا دائمًا، وسحب دخانه السامّة تصل إلى بلدة الزرارية ومحيطها، ما يثير استياء الأهالي، الذين عبّروا عن أسفهم لتحوّل منطقتهم إلى معضلة بيئية خطيرة.
أزمة بيئية مفتوحة على الانفجار
المشهد نفسه يتكرّر في الكفور، النبطية الفوقا، كفررمان، والعديد من المكبّات العشوائية الأخرى في منطقة النبطية، التي تحوّلت إلى بؤر للنار والدخان السام، وهذه المكبّات العشوائية، بحسب الواقع الحالي، ستبقى ملازمة لأبناء قرى النبطية لعامين إضافيين على الأقلّ، إن صدقت التوقعات وتمّ إنجاز المعمل الجديد الموعود في دير الزهراني.
لكن السؤال الأخطر: لماذا تحوّل معمل فرز الكفور إلى "خردة"؟ وما هو دور الثنائي "أمل" و "حزب اللّه" في هذا الفشل؟
تؤكّد المعطيات أن الصراعات الحزبية والتجاذبات السياسية بين الطرفين، ساهمت في إفشال المشروع، حيث تحوّل المعمل الذي كان يفترض أن يكون حلًا بيئيًا لأزمة النفايات إلى أزمة بحدّ ذاتها. الصراع لم يكن على كيفية تحسين الإدارة أو تطوير الحلول، بل على "من يدير المعمل والمطمر"، أي من يُمسك بـ "الدجاجة التي تبيض ذهبًا"، بحسب توصيف أحد العاملين في القطاع البيئي.
هذا الصراع استمرّ حتى انتهاء ولاية اتحاد بلديات الشقيف السابق، ليأتي الاتحاد الجديد بخطة تقوم على إدارة المعمل والمطمر من قبل الاتحاد نفسه، أي الجهة الحزبية التي ينتمي إليها اليوم.
الناشط وسيم بدر الدين يرى أن "تعطيل معمل فرز الكفور فتح بابًا واسعًا أمام تجّار النفايات، وحقق لهم أرباحًا طائلة"، مضيفًا: "تقاسم الجبنة في ملف النفايات حوّل الأزمة إلى فرصة ذهبيّة لتجّار الأزمات، لا لحلّ بيئي فعليّ يخدم الناس".
يذهب بدر الدين أبعد من ذلك في قوله: "مَن عطّلَ فرز الكفور طوال السنوات الماضية قد يعطِّل المعمل المزمع إنشاؤه، فكل الأمور واردة، لأن غياب الرقابة والمحاسبة يجعل من "حرامية النفايات" أسياد الأزمات.
ويعتقد بدر الدين أنَّ "القرار السياسي اليوم حتّم أن تكون الإدارة لطرف واحد فقط، وليس كما كانت الحال سابقًا مع المعمل السابق، حيث كانت إدارة المعمل تابعة لـ "حزب الله"، والمطمر لـ "حركة أمل". اليوم، الحركة المتمثّلة في اتحاد بلديات الشقيف هي من ستتولّى الإدارة لكلا الأمرين؛ المعمل والمطمر.
قبل عام، أعلن وزير البيئة السابق ناصر ياسين عن اقتراب التوصّل لحلّ أزمة نفايات اتحاد بلديات الشقيف، حينها جرى الاتفاق على إقامة مطمر للنفايات في أرض تابعة لبلدية دير الزهراني، وإهمال معمل الكفور. إلّا أنَّ انقلاب الساعات الأخيرة، كما يحصل في كل مرة، "طيّر" الحلّ.
لا يُخفي بدر الدين أسفه على ضياع آلاف الدولارات هدرًا، ويقول إن "السفارة الأوروبية شجبت الخطأ، لأن كلّ أموال الاتحاد الأوروبي التي صرفتها في لبنان، والتي ناهزت 23 مليون يورو، لم تُنتج مشاريع ناجعة بالمستوى المُتوقَّع".
بانتظار جلاء الصورة عن المعمل الجديد، تبقى المكبّات تحترق، والنفايات تتكدّس، فـ "القنبلة" تنبض تحت أقدامنا.