المصدر: الحرة
الثلاثاء 18 حزيران 2024 08:25:09
تعمل الدول المسلحة نوويا على تحديث ترساناتها في مواجهة التوترات الجيوسياسية المتزايدة عبر العالم، مع زيادة إنفاقها في هذا المجال بمقدار الثلث خلال السنوات الخمس الماضية، وفق ما أظهر تقريران نشرا الاثنين.
وأظهر تقرير صادر عن منظمة "الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية"، أن الدول التسع التي تملك أسلحة نووية وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين والمملكة المتحدة وفرنسا والهند وإسرائيل (التي لا تعترف رسميا بذلك) وباكستان وكوريا الشمالية، أنفقت في المجموع 91 مليار دولار لتحديث ترساناتها.
وبيّن التقرير، على غرار تقرير آخر صادر عن معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام، أن هذه الدول زادت بشكل كبير من إنفاقها فيما تقوم بتحديث، وحتى نشر أسلحة نووية جديدة.
وقالت مديرة الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية، ميليسا بارك، لوكالة فرانس برس، "أعتقد أنه من الصائب القول إن هناك سباق تسلح نوويا يجري حاليا".
وخلال السنوات الخمس الماضية، أنفقت الدول المسلحة نوويا 387 مليار دولار على هذه الأسلحة الفتاكة مع زيادة الإنفاق السنوي بنسبة 34 بالمئة من 68.2 مليار دولار، إلى 91.4 مليار دولار سنويا، حيث تواصل الدول التسع المسلحة نوويا تحديث ترساناتها، وفي بعض الحالات توسيعها.
وأشارت أليشيا ساندرز-زاكري، التي شاركت في وضع التقرير إلى أن "تسارع الإنفاق على هذه الأسلحة غير الإنسانية والمدمرة على مدى السنوات الخمس الماضية لا يحسن الأمن العالمي بل يشكل تهديدا عالميا".
وبحسب تقرير منظمة "الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية"، فإنه خلال عام 2023 وحده تم إنفاق ما لا يقل عن 123 مليون دولار على توظيف أكثر من 540 من جماعات الضغط وتوفير التمويل لمراكز الفكر الكبرى، التي تؤثر على المناقشات النووية.
وأظهر تقرير معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام أن العدد الإجمالي المقدر للرؤوس الحربية النووية في العالم انخفض إلى حد ما، وبلغ 12121 مطلع هذا العام، بعدما كان 12512 في العام السابق.
لكن في حين أن بعض هذه الرؤوس الحربية النووية تشمل رؤوسا قديمة من المقرر تفكيكها، فإن 9585 منها موجودة في المخزونات لاستخدام محتمل، بزيادة 9 عن العام السابق، فيما 2100 في حالة "تأهب تشغيلي عال"، أي جاهزة للاستخدام الفوري، للصواريخ البالستية.
وتعود ملكية هذه الرؤوس بشكل شبه كامل إلى روسيا والولايات المتحدة اللتين تستحوذان وحدهما على 90 بالمئة من الأسلحة النووية في العالم.
وأكد ويلفريد وان، وهو مدير برنامج أسلحة الدمار الشامل بالمعهد الذي يتخذ من السويد مقرا له، أنه "منذ الحرب الباردة، لم يكن للأسلحة النووية مثل هذا الدور المهم في العلاقات الدولية".
كذلك، قدّر تقرير المعهد للمرة الأولى أن الصين أيضا تملك "عددا قليلا من الرؤوس الحربية في حالة تأهب تشغيلي".
وقال مدير معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام، دان سميث، "فيما يستمر العدد الإجمالي للرؤوس الحربية النووية في العالم في الانخفاض مع التفكيك التدريجي لأسلحة حقبة الحرب الباردة، ما زلنا نشهد زيادات على أساس سنوي في عدد الرؤوس الحربية النووية الشغّالة".
وأضاف في تقرير المعهد: "يبدو أن هذا الاتجاه من المرجح أن يستمر، وربما يتسارع في السنوات المقبلة وهو أمر مثير للقلق للغاية".
وقال الزميل الشريك في برنامج أسلحة الدمار الشامل بمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام، هانز كريستنسن، "إن الصين توسع ترسانتها النووية بشكل أسرع من أي دولة أخرى". وأردف قائلا: "ولكن في كل الدول المسلحة نوويا تقريبا، توجد خطط أو جهود كبيرة لزيادة القوة النووية".
وتسعى الهند وباكستان وكوريا الشمالية إلى امتلاك القدرة على نشر رؤوس حربية متعددة على صواريخ بالستية، وهو أمر تمتلكه بالفعل روسيا وفرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والصين مؤخرا.
وذكر تقرير معهد ستوكهولم أن "هذا من شأنه أن يتيح زيادة محتملة سريعة في الرؤوس الحربية المنشورة، فضلا عن إمكانية قيام الدول المسلحة نوويا بتهديد تدمير المزيد من الأهداف بشكل كبير".
من جهتها، أشارت "الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية" إلى أن الإنفاق العالمي على الأسلحة النووية ازداد بمقدار 10,8 مليارات دولار في العام 2023 على أساس سنوي، وتمثل الولايات المتحدة 80 بالمئة من هذه الزيادة.
وتعد حصة الولايات المتحدة من الإنفاق الإجمالي البالغة 51.5 مليار دولار "أكبر من حصة كل الدول الأخرى المسلحة نوويا مجتمعة"، وفقا لتقرير "الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية"، تليها الصين (11.8 مليار دولار) وروسيا (8.3 مليارات دولار).
كذلك، زاد البريطانيون إنفاقهم بشكل كبير (بنسبة 17 بالمئة ليصل إلى 8.1 مليارات دولار) للعام الثاني على التوالي.
وأنفقت الدول المسلحة نوويا في المجموع 173884 دولارا في الدقيقة أو 2898 دولارا في الثانية العام الماضي لتمويل عمليات شراء هذه الأسلحة، وفقا للتقرير.
وطبقا لتقرير الحملة الدولية، يمكن أن يدفع 91.4 مليار دولار سنويا ثمن طاقة الرياح لأكثر من اثني عشر مليون منزل للمساعدة في مكافحة تغير المناخ، أو تغطية 27 بالمئة من فجوة التمويل لمكافحة تغير المناخ وحماية التنوع البيولوجي وخفض التلوث.
كذلك، يمكن لدقيقة واحدة من إنفاق الأسلحة النووية في عام 2023 أن تمول بدلا من ذلك ثمن زراعة مليون شجرة حول العالم. وكان من الممكن أن تكفي 5 سنوات من الإنفاق على الأسلحة النووية إطعام 45 مليون شخص يواجهون المجاعة حاليا طوال معظم حياتهم، بحسب تقرير الحملة.
وانتقدت بارك في تصريحاتها لوكالة فرانس برس الاستخدام "غير المقبول" للأموال العامة ووصفت المبالغ التي أنفقت بأنها "فاحشة".
وأشارت إلى أن هذه الأموال تمثل مبلغا أعلى من تقديرات برنامج الأغذية العالمي للقضاء على الجوع في العالم.
وحذرت مديرة "الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية"، المنظمة التي حصلت على جائزة نوبل للسلام عام 2017 لمساهمتها في اعتماد معاهدة تاريخية لحظر الأسلحة الذرية، من أن هذه الاستثمارات ليست غير ضرورية فحسب، بل أيضا خطيرة جدا.
وصادقت 70 دولة على المعاهدة، لكن لم تكن من بينها أي قوة مسلّحة نوويا.
وقالت ساندرز-زاكري التي شاركت في رعاية المعاهدة وكتابة تقرير المنظمة: "بدلا من الاستثمار في صراعات كارثية، يجب على الدول التسع التي تملك أسلحة نووية أن تحذو حذو قرابة نصف دول العالم، وتنضم إلى المعاهدة".