4 قوانين عفو عامّ صدرت بعد الـ1990 فمن يأخذ القرار؟ توجّه لتسريع المحاكمات وبتّ طلبات الإخلاء قبل أيّ خطوة

هي معضلة العفو العام التي تتكرّر. في كل مرة تطرح مشكلة اكتظاظ السجون وحالات بعض الموقوفين الذين لا يزالون بلا محاكمات، منذ أعوام، حتى يصوّر العفو على أنه الحل، فتكرّ "سبحة" تقديم اقتراحات قوانين العفو العام، بعضها ينصّ على استثناءات، والبعض الآخر يميّز بين موقوف ومحكوم.

ثمّ، بلا أيّ مبرّرات، تعود المسألة وتخفت. أمس، لفت موقف للمدّعي العام التمييزي القاضي جمال الحجار يطالب بالعفو "قبل تفجرّ أوضاع السجون"، فهل من عفو مرتقب؟ أم الحلّ في خفض السنة السجنية وتسريع المحاكمات؟

قد يُفاجأ البعض حين يعلم أن عدد قوانين العفو العام في لبنان تعود إلى زمن بعيد، وتحديداً إلى عام 1923، إذ بلغ عددها 44!

اليوم، في عهد الرئيس جوزف عون، يظهر طرح العفو العام  من باب حلّ مشكلة الاكتظاظ، لأن إجراءات المحاكمات توقفت لأعوام. منذ عام 2019، وبسبب "الحراك الشعبي" توقفت مؤسسات ووزارات عن العمل، ثم أتت لاحقاً موجة "كورونا" لتشلّ ما بقي من هذه المؤسسات. هذه العوامل أثرت سلباً على المحاكمات وأوضاع الموقوفين والسجناء.

ولكن، منذ اللحظة الأولى لانطلاقة عمل حكومة الرئيس نواف سلام، تبيّن أن الاتجاه لا يغلّب لمصلحة العفو العام، بل لإجراءات أخرى قد تشكل بداية الحلّ. وتزامناً مع تسريع الحركة بين لبنان وسوريا وتوالي الزيارات التنسيقية، فإن العمل يُدرس بعناية قبل إصدار أيّ قانون عفو عام، قد يشمل المحكومين الإسلاميين السوريين، كما اللبنانيون.

تشرح أوساط حكومية أن "هناك بعض التدابير اتخذت لحلّ مشكلة الاكتظاظ، إذ قبل ولوج باب العفو العام، لا بدّ من اتخاذ بعض الإجراءات التي تسبق هذه الخطوة، والتي يمكن أن تساعد، وفي مقدمها تسريع المحاكمات، ولا سيما أن وزارة العدل عملت على تحقيق هذه الناحية، بالتعاون والتنسيق مع وزارة الداخلية، ومن خلال فتح قاعات المحاكمات وتعجيلها في سجن رومية".

أين القرار؟

تذكّر الأوساط بأن "التشكيلات القضائية وسدّ الكثير من الثغرات القضائية التي كانت سائدة، بحكم الفراغ المؤسساتي السابق، تدخل في سياق الحل لمشكلة الاكتظاظ وتحسين أوضاع السجناء"، متحدثة عن "الأجواء الإيجابية في الاجتماع الذي ترأسه سلام، قبل أيام، مع الوزراء المعنيّين بملف السجون، إذ أكد المجتمعون أن الدوائر القضائية في قصور العدل تكبّ على العمل عقب التشكيلات الأخيرة، ومن المتوقع أن تسهم في تسريع وتيرة المحاكمات، وتطبيق أحكام المادة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية المتعلقة بالحد الأقصى لمدة التوقيف، والبتّ في طلبات إخلاء السبيل".

عند هذا الحد، يبدو أن الموقف الحكومي، حتى الآن، هو الاستعجال بهذا النوع من الإجراءات قبل أي خطوة أو تفكير بقانون عفو عام.

في الأساس، أيّ آليّة ممكنة لإقرار العفو؟ وأين القرار؟

دستورياً، الآليّة واضحة. يميّز الخبير الدستوري الدكتور سعيد مالك بين عفو عامّ وعفو خاصّ. يقول: "العفو الخاص هو صلاحية دستورية منصوص عليها في أحكام المادة 53 من الدستور وهي مناطة حصراً برئيس الجمهورية. أما العفو العام فهو صلاحية مجلس النواب الذي يمنح العفو العام عن كافة الجرائم أو جزء منها، سنداً إلى ما يرتئيه".

ويؤكد أن "هناك موقوفين ومحكومين. الموقوف يحتاج إلى تسريع إجراءات المحاكمة، وبالتالي لا يستفيد من أي قانون عفو. أما المحكوم فهو الذي يستفيد، وهذا القانون يجب ألا يشمل كافة الجرائم والأشخاص، لأن هناك جرائم لا يمكن أن تكون من ضمن دائرة العفو، فهذا النوع من العفو يشكل تشجيعاً على الجريمة، وخصوصاً للأفعال الجرمية المتعلقة بالإرهاب والمخدّرات وجرائم القتل وسوى ذلك من الجرائم الشنيعة التي لا يمكن أن يشملها العفو بأيّ شكل".