المصدر: لبنان الكبير
الجمعة 7 أيار 2021 19:43:43
لا شيء يمكن أن يكون أكثر صدقاً، وقدرة على قراءة ما حصل أو قد يحصل، سوى أم فقدت إبنا برئياً، قد تكون دموع أصدقائه وأقاربه قد جفت بعد مرور 13 سنة على استشهاده، يوم أراد شبيحة الميليشيات السود إركاع أهل العاصمة في 7 أيار 2008 والاستسلام لمشيئة حزب السلاح، مهددين بحرب مذهبية، وبإسقاط الهيكل على الجميع إنتقاماً ممن تجرأ ذات يوم وطالب بالعدالة لأرواح الشهداء وبالحقيقة وبالاستقلال والحرية.
إنها أم الشهيد خالد جراب التي لم تنس ولن تنسى ولدها وذلك اليوم المشؤوم في تاريخ لبنان والذي كما يبدو لم يتعلم منه البعض، إذ تتساءل ببساطة هل يمكن أن يكون القتل مجداً؟ سؤال أعمق بكثير مما نظن أننا نعرفه.
“أيعقل ان كل ما نشهده يحصل؟”، هذا السؤال ردّده مرات عدة الشهيد خالد جراب (26 سنة) وهو ينزف إثر اصابته بـ«رصاصة متفجرة»، قبل ان يسلم الروح.
عاد خالد من الخليج الى لبنان واثقا من ان الامور ستعود الى طبيعتها. لذلك نشط لدى عودته الى لبنان حينها، ليؤسس مكتبا للخدمات السياحية، فإذا بالموت يسبقه برصاصة.
في ذلك اليوم (7 أيار 2008) ذهب خالد وشقيقته الى منزل جدهما القريب من بيتهم (الكائن في منطقة رأس النبع في بيروت). بدأ إطلاق الرصاص بعد الظهر. كان الاعتقاد ان الامور لن تتجاوز قطع بعض الطرق والتظاهر. ولكن مساء قطعت الكهرباء حين كان الرئيس سعد الحريري يذيع خطابا وبدأ اطلاق الرصاص على المبنى. أصيب خالد وأجريت سلسلة اتصالات لمحاولة نقله الى المستشفى، لكنها لم تنجح وظل ينزف وينزف. بعد ساعتين ونصف ساعة وصل الى مستشفى بيروت الحكومي في آلية تابعة للجيش بعد ان تم السماح لها بالدخول الى المنطقة. قال الطبيب إنه “لو وصل بعد نصف ساعة من الاصابة لما مات خالد، لأن الاطباء فشلوا في متابعة الجراحة لفرط ما نزف”.
بالاتصال مع والدته، قالت لنا ماذا احكي رسالتي في ذكرى استشهاده كتبتها من حرقة القلب على ولدي. و”لبنان الكبير” ينشر هذه الرسالة المعبرة عن ألم لا يستكين وجرح لا يداوى لأم قرأت ذلك الحدث بدموعها وجاء فيها:
“رسالة في ذكرى استشهاد ولدي خالد جراب
7 أيار 2008، تاريخٌ حزين يسأل: هل يمكن أن يكون القتل مجداً؟
7 أيار بداية الفسق، يليه 8، 9، 10 و11 أيار حتى تحقيق الأهداف المرجوّة والمكاسب السياسية على حساب دماء اللبنانيين المسالمين والأبرياء.
7 أيار بداية الحزن والقهر والمصيبة التي نعيشها كل يوم وتبقى أصداؤها تضج في رؤوس عائلاتٍ فقدت أحِبائَها.
ايها السفاحون سيبقى 7 أيار نقطةً سوداء وعارٌ عليكم على مرّ تاريخ بيروت وسيبقى التاريخ شاهداً على متاجرتكم بنا ومساوتكم علينا.
سؤال برسم السياسيين “الغيورين” علينا، هل كان من الضروري أن يحدث كل ماحدث حتى يعم بعدها الوئام والغرام؟.
اعفونا من ان نكون وقودكم وامنحونا أملاً بأن لا يكون حواركم كحوار الطرشان، كي لا تُسفك دماءنا من جديد، لنبقى على احترامنا لهذا الوطن ولنحيا فيه بكرامتنا.
إلى ولدي الحبيب الغالي خالـد
في الروح والقلب والعقل سوف تبقى يا ولدي، حاضرٌ دائماً بالإحساس، كم كنت تحب الحياة وكم كانت الحياة لائقة عليك، ربما في السماء هناك سلامٌ وأمان وعدالة أكثر من الأرض.
إلى جميع أهالي الشهداء، لا تحزنوا فأرواحهم الطاهرة في الجنَّة إن شاء الله، لأنهم قُتلوا ظلماً وعدواناً والرب سيحاسب مَن اعتدى والمجد لله عزَّ وجلّ وحده”.