المصدر: النهار
الكاتب: جاد فقيه
الأربعاء 18 كانون الاول 2024 08:57:30
عُرف قطاع التأمين في لبنان بمصداقيته وأمانته لحين بدء توالي الأزمات بشتى أنواعها على البلاد منذ عام 2019، حينها بدأت بعض شركات هذا القطاع بالتساقط واحدة تلو الأخرى لتبقى قلة من عشرات الشركات التي كانت تقدّم كل أنواع ودرجات البوالص.
الحرب الأخيرة التي شُنّت على مناطق معيّنة دفعت المزيد من هذه الشركات ولا سيما الأجنبية والمتعددة الجنسيات (وهي الأكبر والتي تستوعب أكبر عدد من زبائن القطاع) إلى تجميد عملها في لبنان أو إلى رفع أسعار خدماتها بنحو غير مسبوق ريثما تنتظم الأوضاع في لبنان وتعاد الثقة إلى السوق اللبنانية. ولعل أبرز الأمثلة التي أفقدت الثقة بين هذه الشركات والسوق اللبنانية هو ما حصل في المرحلة التي تلت انفجار المرفأ، إذ إن هذه الشركات لم تحصل على أجوبة حتى اللحظة حيال حقيقة وتفاصيل ما حصل بينما كانت تنتظر تقريراً مفصّلاً يحمّل جهة ما مسؤولية نكبة العاصمة.
المؤمّن اللبناني اليوم بعد الحرب، وهي أكثر الفترات التي يتشجّع فيها الفرد ويفكر جديّاً في مسألة تأمين ممتلكاته أكانت سيارة أم شقة أم عقاراً أم حتى تأميناً على الصحة، يجد أسعاراً مرتفعة جداً وبعيدة كل البعد عن واقعه المادي، فما سبب هذه الارتفاعات المتكررة في أسعار بوالص التأمين؟
يجيب نائب رئيس جمعية شركات الضمان في لبنان محمد الهبري "التأمين على الحياة والتأمين على الممتلكات في الحرب من الطبيعي أن ترتفع تكلفتهما وسبب ذلك أن أسعار شركات معيدي التأمين في الخارج ارتفعت، فأيّ ملكية كانت تؤمّن في فترة ما قبل الحرب بنسبة 3٪ من سعر الملك، اليوم أصبحت تؤمّن بمبلغ نسبته 6٪ إذ إن الشركات الأجنبية تعتبر كل ما يحصل اليوم هو هدنة مدتها 60 يوماً وليس توقفاً نهائياً لإطلاق النار".
ويشير الهبري إلى أن "نحو 70٪ من معيدي التأمين، وهم شركات التأمين الأجنبية الأساسية التي تؤدي شركات التأمين اللبنانية دور الوسيط بينها وبين المؤمن اللبناني، انسحبوا من السوق اللبنانية بسبب المخاطر الموجودة في لبنان وعلى اعتبار أن هذه السوق ليست سوقاً كبيرة تؤمن لهم إيرادات هائلة وبالتالي الانسحاب منها ممكن ولا يؤثر عليهم كثيراً"، ويضيف "انخفاض عدد معيدي التأمين يؤثر على الأسعار، وفقاً لقاعدة العرض والطلب، فلكل شركة قدرة استيعابية لا يمكن تخطيها".
ولا ينفي الهبري أن شركات التأمين ترفض تأمين الممتلكات الواقعة في المناطق التي تعرّضت للقصف ولا سيما الضاحية الجنوبية والجنوب وتحديداً في مناطق جنوب نهر الأولي.
يبقى المتأثر الأول المواطن اللبناني المريض الذي اعتاد أن يؤمّن على صحّته تفادياً لفواتير المستشفيات المدولرة والمستثمر الذي لا يطمئن على معمله ومتاجره إلا بتأمينها.