حارس قضائيّ على مصرف لبنان: طرح غير واقعيّ وغير قانونيّ

هناك من يطرح فرضيّة تعيين حارس قضائيّ لمصرف لبنان مع قرب انتهاء ولاية الحاكم رياض سلامة، وتلويح نوابه الأربعة أواخر الأسبوع الماضي بالاستقالة احتجاجاً على عدم تعيين حاكم أصيل وعدم السير بالخطة الإصلاحية. صحيح أن هذه الفرضية لا ترتكز الى أسس قانونية قوية بل هي أقرب الى طرح سياسي، على اعتبار أن المادة 25 من قانون النقد والتسليف أوجدت حلّاً لشغور مركز الحاكم بتولي النائب الأول له (الدكتور وسيم منصوري) لمهامه، بمعنى أنه «اذا وجد الماء بطل التيمم»، أما في حال تمت استقالة جماعية لنواب الحاكم فيمكن تكليفهم من قبل وزير المالية بالقيام بمهامهم الى حين تعيين حاكم جديد. إلا أن فرضية تعيين حارس قضائي تستحق النقاش حول مدى امكانية تطبيقها في ظل الظرف الاستثنائي الذي تمر به البلاد، أي ان يتولى حارس قضائي بصورة استثنائية صلاحية الحاكم والمجلس المركزي وتكون له الاستعانة بمن يشاء لتسيير الامور في المصرف. علماً أن العديد من المختصين والمصرفيين (الدكتور توفيق شنبور منهم) يصف تعيين حارس قضائي بأنه ليس باليسير، «إذ ليس من السهل، على حد تعبيره، الوقوع على شخصية لبنانية تتوافر لديها جميع المؤهلات العلمية والمهنية والادبية للمرحلة الراهنة وتقبل المهمة الشاقة. ما سيقود الى التفكير بخيار الاستعانة بشخصية أجنبية مرموقة لتولي الحاكمية على غرار ما فعلته عدة دول لتخطي أزمات أقل حدة من الازمة اللبنانية».

في الميزان القانوني وبحسب مصدر مختص يشرح لـ»نداء الوطن» أن «الحارس القضائي لا يعيّن إلا في المحكمة بعد طلب من جهة لديها مصلحة في ذلك وتثبت مصلحتها»، مشدداً على أن «مهمته محددة وهي تنفيذ ما تطلبه المحكمة لادارة شركة ما أي أنه بمثابة مدير إداري، لكن لا يمكنه أن يكون وصياً على أعمال المجلس المركزي وليس في إمكانه إصدار النقد بموجب المادة 47 من قانون النقد والتسليف او رسم سياسة نقدية (المادة 70 من القانون).

يوافق المحامي راضي بطرس على صعوبة تعيين حارس قضائي على البنك المركزي من الناحية القانونية، ويشرح لـ»نداء الوطن» أن «تعيين حارس يتم من خلال القضاء أي قاضي الامور المستعجلة أو رئيس غرفة، وليس من قبل الحكومة، للحفاظ على الأموال وصيانتها ومنعاً للتصرف بها أو ضياعها».

يضيف: «شخصياً أستبعد تعيين حارس قضائي على «المركزي». صحيح انه مصرف يقوم بخدمة عامة، لكنه يتمتع بتراتبية وظيفية وادارية، أي الحاكم ثم النائب الاول والثاني والثالث والرابع، والشغور في منصب من هذه المناصب يمكن أن يحل مكانه المنصب الادنى منه وهذا ما نص عليه قانون النقد والتسليف. أما الاستقالة الجماعية لنواب الحاكم فمعناها أن هناك قصداً بتعطيل المرفق العام، ومن المفروض عندها ان تتحرك النيابة العامة المالية وتوقفهم».

يرى بطرس أن «الحاكم هو موظف درجة أولى وفكرة تعيين حارس قضائي مستبعدة، لكن التخوف هو أن تكون هناك نية لدى الطبقة الحاكمة بالتصرف باحتياطي الذهب، من خلال تصفية مصرف لبنان واعطاء مهامه لهيئة ومصرف آخر»، لافتاً الى أن «العائق الثاني الذي يحول دون تعيين حارس قضائي، هو أن مهمة حاكم مصرف لبنان هي وضع السياسة النقدية، والحارس القضائي ليس من مهامه هذا الامر، الحاكم عندما يعين عادة يكون بعد موافقة كل القوى السياسية وبعد الاتفاق على سياسة نقدية محددة تتفق مع السياسة الاقتصادية التي تضعها الحكومة».

ويختم: «اذا كان الهدف من وضع حارس قضائي الاهتمام باحتياطي الذهب، هناك قانون يمنع التصرف فيه ولا داعي للقيام بهذه الخطوة».