المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: يولا هاشم
الثلاثاء 23 نيسان 2024 16:31:35
بعد 13 عاماً من القطيعة، زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان امس العاصمة العراقية بغداد ليوم واحد، وناقش ملفات عدة، أبرزها تقاسم المياه وصادرات النفط والأمن الإقليمي . عكست الزيارة رغبة في الاتجاه نحو تحسين العلاقات وتقويتها من خلال جهود مشتركة للتوصل إلى تفاهمات وحلول . واعتُبرت خطوة مهمة، لأنها قد تفتح الباب أمام فرص جديدة لتعزيز التعاون وتجاوز الخلافات المستمرة بين البلدين.
لكن، على رغم التطورات الإيجابية، لا يمكن تجاهل القضايا العالقة التي تحتاج إلى حلول شاملة ومتفق عليها قبل أن يتمكن البلدان من بناء علاقات أكثر استقراراً وتعاوناً. فهل تشكل زيارة اردوغان المدماك الاول نحو تحقيق هذا الهدف؟
السفير السابق في واشنطن رياض طبارة يؤكد لـ"المركزية" ان المسائل العالقة لا زالت نفسها بين العراق وتركيا لكن يظهر ان هناك حلحلة"، مشيرا الى ان "اردوغان زار العراق للمرة الأخيرة عام 2011 حين كان رئيسا للوزراء، والخلاف الكبير بين البلدين جاء على خلفية الغارات التي كانت تشنها تركيا على حزب العمال الكردستاني في سوريا على الحدود السورية العراقية التركية. وتفاقمت الخلافات وأدت الى توقف أنبوب مهم لضخ البترول بينهما".
ويلفت طبارة الى ان "المشكلة الاساسية بين البلدين تتعلق بحزب العمال الكردستاني، خاصة وان الاكراد بشكل عام هم تحت وصاية الولايات المتحدة الاميركية، التي تمولهم بالسلاح والعتاد، وتتدخل لفض الخلافات الحاصلة بينهما، وأبرزها محاولة اردوغان وضع شريط حدودي فاصل داخل سوريا والعراق لإبعاد الاكراد. الامر الذي أثار حفيظة العراق واعتبرته تعديا على سيادة واستقلالية البلاد".
ويضيف: "اليوم يبدو وكأن هناك حلحلة في هذا الإطار، لم تظهر بوادرها بعد. فهل يا ترى واشنطن عقدت اتفاقا مع الأكراد لينسحبوا الى مكان ما، لأن كلام رئيس الجمهورية العراقية عبد اللطيف رشيد وبنبرة قوية بـ"أننا لا نسمح بأن يؤثر أي شخص من جهتنا على جيراننا"، مشيرا الى ان "الاكراد يعيشون في كردستان العراق، ولذلك يبدو ان هناك اتفاقا، خاصة لإعادة سيل البترول من العراق الى تركيا، وهذا حلم بالنسبة لأردوغان، لأن النفط الروسي انقطع شمالاً، ويمرّ في شمال اوروبا. هذا الممر كان يحاول اردوغان احياءه لكنه لم يلق تجاوبا بسبب مشاكله مع العراق، والبترول الذي يريد تمريره عراقي. لذلك ، من خلال هذه الاتفاقية بين البلدين، خاصة وان انابيب البترول الشمالية من روسيا التي تمر في بحر البلطيق شبه معطلة، وبهذا الممر الجنوبي الذي يمر عبر العراق يكون اردوغان قد تمكن من تحقيق إنجاز".
ويعتبر طبارة ان "العراق من جهته، مقابل تشغيل خط البترول الجنوبي وتهدئة الحدود مع الاكراد، سيحصل على فتح باب التبادل التجاري، وهذا الامر مهم جدا بالنسبة للعراقيين. اتصور ان الثمن الذي ستدفعه تركيا للعراق اقتصادي بمعنى تجاري. واتصور ان هذا هو فحوى الحديث بينهما.
ويؤكد ان "المفاوضات على ما يبدو وصلت الى حد متقدم لدرجة سمحت لأردوغان القيام بهذه الزيارة، لأن الرئيس التركي لن يذهب ليتفاوض بل ليقطف ثماره، وبالتالي سيقوم إردوغان بالانفتاح التجاري على العراق مقابل حمايته من الاكراد وتشغيل خط البترول. وقد تكون واشنطن دخلت على خط المفاوضات بصفتها الطرف الفاعل والممثل للأكراد. وبالتالي بين الضغط العراقي والضغط الاميركي قد يصلون الى نتيجة مع الاكراد".
ويختم: "أما لماذا لم نسمع عنها من قبل؟ فاعتقد ان المباحثات حصلت تحت الطاولة بين الاتراك والاميركيين والعراقيين. اردوغان لم يذهب بنزهة الى العراق، والاكيد ان مباحثات سابقة حصلت وقطعت شوطا طويلا أدت الى تتويجها بهذه الزيارة".