قال مصرفيون من مدينة حلب، لـ"المدن"، إن سعر الليرة السورية هوى إلى مستويات قياسية منخفضة أمام الدولار الأميركي، وهو تراجع عزاه اقتصاديون إلى الظرف السياسي والعسكري الذي تعيشه حلب، بعد سيطرة المعارضة ضمن معركة "ردع العدوان" عليها.
قاع غير مرئي
وأكدوا أن سعر الدولار تجاوز حاجز الـ23 ألف ليرة سورية، ورجحوا أن تواصل العملة السورية السقوط في قاع غير مسبوق، بسبب بدء تداول الليرة التركية، بشكل محدود، في أسواق حلب، وخاصة في الأحياء الغربية، وتوجه سكان حلب إلى التخلي عن الليرة السورية، واستبدالها بالدولار والليرة التركية.
ويصف الخبير الاقتصادي أحمد عزوز أداء الليرة السورية، بـ"المتوقع" في حلب، ويقول لـ"المدن"، إن "العملات الورقية تكتسب ثقتها من الجهة التي أصدرتها، والنظام لم يعد يحظى بثقة الحلبيين".
ويضيف أن ارتدادات خسارة النظام، حلب، بثقلها التجاري والصناعي والبشري، ومساحات شاسعة في إدلب وحماة، ستنعكس حكماً على الليرة في حلب خصوصاً، وفي المحافظات الأخرى عموماً.
وفي دمشق المستقرة نسبياً، قفز الدولار إلى مستوى 16 ألف ليرة، بعد أن كان عند 14500 ليرة، قبل نحو أسبوع، في وقت حذرت فيه مصادر اقتصادية موالية للنظام من تأثير توقف إمداد الأسواق السورية بالبضائع من حلب على أداء الليرة وعلى الأسعار.
وكانت مراكز اقتصادية قد توقعت تراجع الليرة السورية منذ اندلاع المعارك في شمال البلاد، وتحديداً بعد خروج حلب العاصمة الاقتصادية عن سيطرة النظام، بسبب ارتباط العملة المحلية بالنظام سياسياً ونقدياً.
الليرة محكومة بالميدان
ويتوقع الخبير الاقتصادي خيرو العبود، استمرار تراجع الليرة السورية أمام الدولار مع استمرار تقدم الفصائل في وسط سوريا.
ويقول العبود لـ"المدن": "أساساً كانت الحرب واستنزاف ثروات ومقدرات البلاد على تمويل الآلة الحربية، أهم أسباب تراجع العملة السورية بعد العام 2011، واليوم المشهد ذاته يتكرر"، معتبراً أن "الليرة السورية محكومة بسير المعارك، وبالظرف السياسي الناجم عن التغيرات في نسب السيطرة".
ويرى للعبود أن "كل منطقة جديدة تخرج عن سيطرة النظام، يقابلها تراجع في قيمة الليرة، وحتى الآن تبدو المواجهات العسكرية بدون حدود، ما يدفعني إلى القول إن الليرة تهبط إلى قاع غير معروف سابقاً".
سلة عملات في حلب
ولا زالت العملة السورية هي المتداولة في أغلب أسواق حلب، لكن إلى متى؟، يُجيب خيرو العبود: "مسألة وقت، على اعتبار أن فصائل المعارضة التي تسيطر على حلب تتعامل بالليرة التركية في مناطقها".
ويؤكد أن استبدال العملة بعملة أخرى، يحتاج إلى مدة زمنية، "وإن كان من غير الواضح حتى الآن، ما هي الآلية التي ستنقل بها المبالغ المالية بالليرة السورية إلى مناطق سيطرة النظام، فإن الواضح أن الليرة السورية لم تعد تصلح للتسعير في حلب، التي ستعتمد بنسبة كبيرة على السلع والبضائع التركية".
ولا يتفق مع العبود، أحمد عزوز في اعتبار أن حلب ستتعامل بالليرة التركية، مفسراً ذلك بـ"ضعف أداء الليرة التركية وعدم استقرار قيمتها"، وبـ"موجة الغلاء الفاحش" التي سيسبها اعتماد الليرة التركية في أسواق حلب.
ويقول عزوز لـ"المدن": "الأنسب اقتصادياً وحتى سياسياً التعامل بالدولار في حلب". ويضيف أن الأرجح أن "يتم تداول الليرة التركية والدولار الأميركي والليرة السورية في أسواق حلب".