أهالي مرجعيون: نريد السلام والاستقرار وإعادة الإعمار

"نريد العيش بسلام وأمان واستقرار وإعادة البناء والإعمار، لم نعد قادرين على تحمل المزيد من المعاناة والمآسي التي حلّت بنا خلال الحرب"، هذا ما يردده السواد الأعظم من أبناء قرى منطقة مرجعيون الذين ذهلوا من حجم الدمار الذي حل ببلداتهم، التي تحولت إلى مدينة أشباح ليلاً، وغيّرت الحرب معالمها.

يحاول أبناء المنطقة لملمة جراحهم، مأساة حقيقية حلت بهم وبأرزاقهم، نزحوا وخسروا كل ما يملكونه، حتى مصالحهم فقدوها، وأصبحوا عاطلين عن العمل، يعيشون حالة من الإحباط واليأس والحزن. هذه حال ابن بلدة العديسة النجار عباس جمعة وغيره من أبناء المنطقة. فقد دمر الإسرائيلي منزله ومحله المجهز بالمعدات الصناعية: "لم أصدق ما حصل لبلدتي، كنا قبل الأزمة نعيش حالة من الاكتفاء الذاتي والراحة والسعادة واليوم ننزف ولا من يقف إلى جانبنا ويضمد جراحنا.

أضاف: "نحاول لملمة ما بقي من جنى العمر والتغلب على مأساتنا، لم يبق من العمر أكثر مما مضى، لا يجوز أن ينتهي عمرنا ونحن نبني المنازل وإسرائيل تدمرها، تعبنا ونريد أن نرتاح ونعيش آخر أيامنا بسلام وأمان و"بحبوحة"، لا نعرف متى تنتهي حالة الخوف والرعب وعدم الاستقرار التي نمر بها اليوم.

تابع جمعة "فوجئنا بعد العودة إلى البلدة، بهول الكارثة التي حلت بمنازلنا، حاولت استرجاع ذكريات عائلتي من بين الركام والدمار الذي لحق بمنزلي الذي شيدته في العام 2000، لكنني لم أتمكن من العثور على أي شيء من ماضينا المليء بالأفراح والأيام الجميلة".

وأشار جمعة إلى أن عائلته تعيش في النبطية في منزل بدل إيجاره 500 دولار شهرياً، "يومياً أتوجه إلى العديسة صباحاً وأعود مساءً، نصبت خيمة كي أعود إلى العمل في مصلحتي وأعيل عائلتي وأستعيد راحتي وذكرياتي، وبعد مرور ثلاثة أشهر على وقف الحرب لم تساعدنا أي جهة رسمية كي نعود ونبني.

وإذ يسأل جمعة "من يعوّض علينا؟ كيف سنبني منازلنا ومتى؟ هل سنعيد بناءها ونحن على قيد الحياة؟ يتمنى عودة الدولة ومؤسساتها كافة إلى المنطقة والمباشرة في دفع التعويضات المالية لإعادة بناء وإعمار القرى والبلدات المدمرة على طول الحدود مع إسرائيل".

السيدة فاطمة هاشم من بلدة رب ثلاثين تعبّر بحرقة عن هول الدمار في بلدتها وتقول "يا ريتني مت قبل ما شوف هالدمار"، لقد احترق منزلنا ولم نجد أحداً كي يساعدنا. وضعنا صعب ويتطلب تدخلاً عاجلاً من الدولة، ننتظر رحمة الله لكي نعيد بناء منازلنا والإقامة فيها، لم نعد قادرين على النزوح واستئجار منازل.

أضافت، توفيت شقيقتي بعدما شاهدت الدمار الذي لحق بمنزلها، لم يتحمّل قلبها الصدمة، وقعت أرضاً وفارقت الحياة. خسرنا في هذه الحرب أحباء  وأغلى ما نملكه من أحفاد وممتلكات وأرزاق، نريد أن نعيش ونرتاح في أخر أيام حياتنا، لا نريد أكثر من الراحة والأمان والاستقرار.

السيدة عفاف أبو عازار ابنة السبعين عاماً، التي عادت إلى بلدتها الخيام كي تمضي فيها ما تبقى من عمرها بين ذكريات منزلها المتضرر، تقول: "لا أريد أن أضيّع دقيقة واحدة من دون فرح، لقد غادرت منزلي خلال الحرب وأنا على يقين بأن الله سيكون إلى جانبنا ويحمينا ويحمي منازلنا. لقد مررنا بظروف معيشية وأمنية صعبة جداً خلال نزوحنا. اليوم وبعد عودتنا، نعيش حالة من الحزن والأسى بسبب الدمار والخراب الذي لحق ببلدتي"، وأملت من الدولة "تقديم كل ما يلزم لإعادة بناء وإعمار ما هدمته إسرائيل، وأن لا تتأخر مسألة التعويضات، لأن أبناء الجنوب دفعوا وما زالوا يدفعون ثمن بقاء الوطن سيداً حراً مستقلا".