المصدر: الشرق الأوسط
الاثنين 3 شباط 2025 06:35:26
وثَّقت زيارة ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إلى بلدة عيتا الشعب الحدودية مع إسرائيل في جنوب لبنان، دماراً هائلاً غيَّر معالم البلدة بشكل كبير، نتيجة القصف الإسرائيلي الذي لم ينقطع عن البلدة طوال 14 شهراً، وكذلك عمليات النسف الممنهجة التي نفَّذتها القوات الإسرائيلية للمنازل فيها طوال 3 أشهر على الأقل.
وأخلت القوات الإسرائيلية بلدة عيتا الشعب الحدودية في الأسبوع الماضي، بالتزامن مع انتهاء مهلة الستين يوماً التي نصَّ عليها اتفاق وقف إطلاق النار، وانتشر الجيش اللبناني، كما قوات «اليونيفيل»، في البلدة.
وكشفت عودة السكان والصحافيين إليها، عن دمار رهيب، ويقدر السكان أن نسبة التدمير الكلي تخطَّت الـ90 في المائة من المنازل، في حين تعرَّضت المنشآت والمنازل الباقية بأكملها لأضرار بالغة، إذ تغيَّرت معالم البلدة بشكل كبير، ومسحت مربعات سكانية بالكامل، فضلاً عن تدمير المنشآت المدنية وخزانات المياه وأعمدة الكهرباء، كما بدَّلت الجرافات الطابع المدني للبلدة، نتيجة جرف الطرقات، ما جعل العيش فيها مستحيلاً.
وعيتا الشعب، الواقعة في القطاع الأوسط إلى جنوب غربي مدينة بنت جبيل، تُقابل 4 مواقع إسرائيلية ضخمة هي: شتولا والراهب ونطوعا وتل شعر، باتت قائمة على فوهة النار منذ 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهو تاريخ انخراط «حزب الله» في حرب إسناد غزة، وتتداخل فيها الجغرافيا، ما يسمح لمقاتلي «حزب الله» بشن عمليات عسكرية من أحراجها، علماً بأن الحزب كان قد خطف جنديَّين إسرائيليين عام 2006، بعملية عسكرية من خلة وردة التابعة للبلدة، ما دفع إسرائيل لإطلاق حرب واسعة على لبنان.
واحتجزت القوات الإسرائيلية 4 من مقاتلي الحزب لدى الدخول إليها خلال الحرب الموسعة الأخيرة.
ويقول السكان إن العيش في البلدة في هذا الوقت مستحيل، ما دفعهم لتفقد الأضرار والعودة إلى مواقع الإقامة الجديدة التي نزحوا إليها، لكنهم يقولون إنهم يُخططون للعودة في وقت لاحق، عندما تستحق الظروف، وتبدأ ورشة إعادة الإعمار.
ويتحدَّر من البلدة نحو 14 ألف نسمة، وكان معظم سكانها يقيمون فيها صيفاً وشتاءً قبل اندلاع الحرب، ويعمل معظمهم في زراعة التبغ والزيتون. وبعد الحرب، باتت سُبل الحياة فيها مقطوعة؛ حيث تعرَّضت الحقول أيضاً لحرائق كبيرة.
في هذا الوقت، لا تزال 9 قرى وبلدات لبنانية، على الأقل، توجد بها القوات الإسرائيلية. وأفادت وسائل إعلام محلية بأن الجيش اللبناني يتحضر للدخول إلى أحياء في بلدة عيترون بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي منها.
إلا أن بلدية عيترون دعت في بيان السكان لعدم التوجه نحو البلدة قبل دخول الجيش اللبناني إليها والتمركز بداخلها. وقالت في البيان: «يجب على أهلنا عدم التحرك إلى البلدة مطلقاً حتى يتم تبليغنا من قِبَل الجيش اللبناني».
وفي ظل وجود القوات الإسرائيلية في عدد من القرى؛ حيث تنفذ تفجيرات ونسف للمباني، أكّد عضو كتلة «حزب الله» البرلمانية، النائب حسن عز الدين، أن «المقاومة ما زالت تتمتع بالقوة والقدرة كما كانت، وأنها في جهوزية تامة لصدِّ أي عدوان يمكن أن يمارس من قِبَل العدو الصهيوني».
وقال في حفل تأبيني إن «الراعيين الدوليين (أميركا وفرنسا) أتيا ليرعيا الاتفاق، فإذا بهما يتواطآن معه ويغطيانه للتمادي في إجرامه وعدوانه والاستمرار في نقض الاتفاق، وهذا العدو يُمارس اعتداءاته بطريقة مستفزة؛ من اقتلاع الأشجار إلى تجريف الطرقات والأراضي المزروعة وشبكات الكهرباء والمياه، وكل الممارسات الأخرى، وهذا سيُحفز ويدفع الجميع، حكومةً وشعباً وجيشاً ومقاومةً، للرد بقوة على هذه العدوانية والجرائم، كلٌّ من موقعه ومسؤوليته الوطنية، وهذا يقتضي من الجميع أن يكونوا متعاونين ومتفاهمين ومتلاقين من أجل إخراج العدو من أرضنا التي يحتلها، ولنحمي سيادتنا واستقلالنا».