إعادة إعمار لبنان على "لائحة الانتظار" العربية... لماذا؟

في تقييم أجراه مسؤول خليجي للوضع في لبنان وآفاق مساعدته في النهوض من كبوته المأسوية، لفت إلى أنّ هناك في الشرق الأوسط حالياً ورشة ضخمة متعددة الجنسيات؛ فإلى جانب لبنان تقف غزة وسوريا، وبالتالي فإنّ المطلوب من الدول الخليجية ضخم للغاية، ولذلك لا بدّ من قائمة أولويات.


أين يقع لبنان، في هذه القائمة؟

وفق المصدر، يحتل قطاع غزة، على مستوى المساعدات الإنسانية موقع الصدارة، نظراً للحاجات الملحة للفلسطينيين فيه، فيما تأتي سوريا، في رأس القائمة، كدولة تحتاج إلى إعادة بناء. أمّا لبنان فهو على "لائحة الانتظار".

لماذا هذا الاختلاف بين وضعية لبنان ووضعية سوريا؟

وفق المصدر، تقدم القيادة السورية الجديدة، في لقاءاتها مع القادة الخليجيين، خارطة طريق واضحة لإقامة دولة مدركة موقعها وانتماءها، وتعرف جيداً أعداءها وأصدقاءها، وتقيّم بشكل دقيق قدراتها وإمكاناتها، وتضع على جدول العمل تطلعاتها وأهدافها.

ولأنّ القيادة السورية الجديدة تفعل ذلك، فهي حصلت على ثقة كبيرة من عدد كبير من الدول من بينها المملكة العربية السعوديّة، وسوف يتابع الجميع، من موقع الثقة، التقدم السوري نحو الهدف ويتم دعمها في هذا المسار، على كل المستويات.

وفق المصدر، فإنّ هذا التوجه لا ينطبق على لبنان، ولو كانت نيات رئيس الجمهورية العماد جوزف عون والرئيس المكلف تشكيل الحكومة نواف سلام "طيّبة". المشكلة مع لبنان أنّ تطلعاته في مكان وأعماله في مكان آخر.

كيف ذلك؟

ببساطة، يجيب المصدر، لم تعرف بعد أي دولة صديقة للبنان، ما هي خارطة الطريق الفعلية للتعامل مع سلاح "حزب الله" ولا مع التوجهات التي يفرضها فرضاً على صنّاع القرار في لبنان؛ فهذا الحزب، على الرغم من تخريب علاقات لبنان الخارجية ودفعه ببلاده نحو الدمار، لا يزال يتصرف كما لو كانت الكلمة الأخيرة، بما يختص الجبهة اللبنانية - الإسرائيلية, بيده، ويقدم نفسه وكيلاً أميناً للحرس الثوري الإيراني، ويمسك بمقاليد صناعة القرار في لبنان، من خلال أدوات غير شرعية يملكها.

ولفت المصدر إلى أنّ الدول الخارجية، المطلوب منها الوقوف إلى جانب حاجات لبنان الملحة، لم تتمكن من الاطلاع على خارطة طريق من شأنها تغيير هذا الواقع الذي سيبقي لبنان في الدوامة الخطرة. كل ما يقوله المسؤولون اللبنانيون يتراوح بين شعارات جميلة تضربها تصورات خشبية.

ويتابع: نحن لا نفرض أجندة محددة على اللبنانيين. هم أحرار في انتهاج ما يعتبرونه الأنسب لهم، ولكن، في المقابل، نحن أحرار في تقييم موقع لبنان بالنسبة لنا ولمصالحنا كما في تقدير مؤهلات لبنان على عقد شراكة منتجة بيننا.

ويقول: نتخذ موقفنا بالاستناد إلى ما هو مطلوب منا تجاه لبنان!

ويلفت المصدر إلى أن تشكيل الحكومة في لبنان مهم للغاية، لأنّه سوف يعطي إشارة إلى الدول المعنية ببلاد الأرز إن كان مستقبل الشراكة المطلوبة مضموناً أو لا. وهذا لا ينحصر بشكل الحكومة ونوعية وزرائها وانتماءاتهم وحسب، بل يتعداها إلى ما سوف تتعهد به في بيانها الوزاري؛ فإن عادت الطبقة الحاكمة إلى اللعب على الكلمات لتمكين "حزب الله" من الاحتفاظ بسلاحه وديمومة دويلته، فإنّ دولاً كثيرة سوف تمتنع عن مد اليد للبنان، تتقدمها المملكة العربية السعودية، لأنّها، في ضوء ذلك، تفضل أن تخصص مواردها لغزة وسوريا ودول عربية تحتاج بقوة إلى المساعدات.

وقال المصدر إنّ هناك تلاقياً خليجياً وأميركياً تجاه لبنان، في حين تحاول فرنسا أن تغرد خارج هذا السرب لأسباب خاصة بها، لكنها، عندما يبدأ الحديث عن المساعدات الكبرى، تجدها تلجأ إلينا.

ويختم المصدر: نحن إيجابيون تجاه لبنان. المطلوب الوحيد أن يكون لبنان إيجابياً تجاه نفسه!

ماذا يعني كل ذلك؟

ببساطة، يواجه لبنان، إن لم يتمكن من التصدي السياسي والمعنوي لـ"حزب الله"، مخاطر الدوران في حلقة مفرغة من الدمار والإفلاس والاضطراب والفقر والنزوح والهجرة. ومن الواضح أن جميع اللبنانيين، ولا سيما الشيعة منهم، سوف يدفعون أثماناً غالية، لقاء التقاعس عن إنجاز تغيير نوعي في المسار والنهج.

يملك لبنان، فعلياً، مقومات ضخمة ليس لينهض بنفسه فحسب بل ليكون مساهماً في نهضة سوريا أيضاً، لكن مشكلته تكمن في أنه يحتاج إلى شراكة خارجية تنقله من الحفرة إلى سطح الأرض، وهو، بدل أن يبذل جهده لتأمينها، يمضي الوقت في التخبط بنزاعات كانت السبب في رميه في الجحيم المالي والاقتصادي والاجتماعي والأهلي والعسكري!