إعلاميون تركوا عملهم وآخرون قرروا خوض الانتخابات... المهنة إلى أين؟

شهدوا على محطات تاريخية ومفاصل اساسية في البلد وشاهدوا أحداثا بعضها اليم وبعضها مفرح وبين هذه وتلك واجهوا التحديات الصحية المتأتية من جائحة كورونا والصعوبات المعيشية المنحدرة من الازمة المالية التي يعاني منها لبنان، ناقلين الصورة من مؤسساتهم الى المواطنين. انهم الاعلاميون الذين يعانون معاناة الشعب واكثر، فقرر بعضهم الاستسلام والاستقالة وبعضهم الآخر تغيير وظيفته فيما اختار البعض الأخير مجالات اخرى. ورغم تواصلنا مع شركات الاحصاءات الى ان لا ارقام محددة بعد حولأ هذا الموضوع، الا انها ظاهرة لا بد ان تكتب في سجلات الاعلام اللبناني ومحطاته.

يؤكد الاعلامي والاستاذ الجامعي يزبك وهبة " ان اسباباً كثيرة تدفع بالصحافيين الى تغيير مهنتهم، فبعضهم يسعى الى تطوير عمله وكفاءاته، اما البعض الآخر فيبحث عن راتب اضافي قد تؤمنه له مؤسسة اخرى او وظيفة اخرى، داخل البلاد او خارجها، والقسم الاكبر الذي يغادر البلاد هو ذاك الذي ليس لديه عائلة ويعتبر ان خيارا ما او فرصة جديدة اتيحت له في ظل ظروف افضل من التي يعيشها في وطنه".

ويؤكد وهبة ان هذه هي حال الاعلاميين منذ زمن، فكيف بالحري اليوم، وسط الظروف المعيشية القاسية التي يعانون منها مثل سائر الشعب؟!

ويضيف: "الوضع الاقتصادي للمؤسسات الاعلامية تراجع منذ سنوات لا بل حتى قبل ثورة 17 تشرين وبدء انهيار الليرة اللبنانية ولقد زاد بفعل انهيار البلدوتراجع الاعلانات وسط ضغوط المنافسة مع سائر التلفزيونات العالمية والعربية ومع وسائل التواصل الاجتماعي."

وعلى الرغم من ان الواقع سيء من نواحي عديدة، يتابع وهبة، الا ان المؤسسات جميعها، "تقوم بأكثر من طاقتها لتحافظ على الكادر الاعلامي الذي لديها وعلى الجودة والنوعية التي اعتاد عليها المشاهدون. والظاهرة اللافتة في هذا الاطار، هي ان المؤسسات الاعلامية باتت تقبل بأن يمارس موظفوها اكثر من مهنة، وهو ما كان غير مقبولاً في السابق، الا انها مجبرة على الشعور معهم في ظل هذه الازمة. كما ساعدت التكنولوجيا والتغطية عن بعد الاعلامي على تخطي بعض العوائق المتأتية من وطأة الازمة".

وفي السياق، تطرق وهبة الى فئة من الاعلاميين قررت خوض غمار الانتخابات، وحول هل ذلك مسموح ان يشق الاعلامي هذه الطريق وهو من ابرز صفاته الموضوعية؟ يعتبر وهبة ان لا شيء يمنعه من ذلك فلطالما رأينا اعلاميين باتوا نوابا وبقيت اسماؤهم تلمع ضمن التاريخ الاعلامي، امثال جان عبيد وباسم السبع وغيرهم الا انهم من دون شك تركوا مسيراتهم الاعلامية لندرة الوقت امامهم وانشغالاتهم الاخرى نحو الشعب وداخل مجلس النواب.

اما على صعيد الموضوعية، وفقاً لوهبة، فنحن نعلم ان بعض الاعلاميين يكونون حزبيين في حين ان آخرين يكونون محايدين ومستقلين. الا ان الاخير نصح من باب خبرته، الاعلاميين جميعهم، بالتعاطي باسلوب اكثر دبلوماسية وهدوءاً مع الملفات والضيوف كافة، فعلى الاعلامي ان يقول موقفه بدون مواربة، الا انه من المحبذ ان يكون اسلوبه بعيداً عن التطرف والتعصب.

ختاماً، اي سيناريو يبقى امام هذه المهنة التي تواجه التحديات بدون كلل؟ يعتبر وهبة ان المؤسسات الاعلامية قد يتحسن وضعها خلال فترة الانتخابات عبر ادخال اموال مشروعة لها من برامج مدفوعة واعلانات انتخابية، مما يسمح بتحسين ظروف الاعلاميين والصحافيين. اما بعد الانتخابات، فالتحدي حينها سيكون كبيراً، فان لم ينهض البلد لن ينهض اي قطاع آخر ومن ضمنه قطاع الاعلام".