اتصالات عشوائية للبنانيين تنذر بالإخلاء... لدى إسرائيل داتا كل المشتركين

شهد يوم الجمعة موجة هلع لدى الكثير من اللبنانيين في مناطق عدة بعد تلقيهم اتصالات من أرقام غربية تدعوهم إلى إخلاء منازلهم قبل أن يستهدفها الجيش الإسرائيلي. فما حقيقة تلك التحذيرات التي وصلت إلى مناطق خارج دائرة الاعتداءات؟ وهل حقّا داتا الاتصالات لدى تل أبيب؟

منذ أشهر يتلقى عدد من اللبنانيين اتصالات تحذيرية لإخلاء مناطقهم، وغالباً ما تكون أرقام المتصلين غربية، وأحياناً إفريقية أو من دول بعيدة جداً مثل إندونيسيا.

فما حقيقة تلك التحذيرات؟ وهل هي جدية أم تخويفية؟

لم تصدر الجهات الأمنية المختصة أي بيان رسمي بعد ورود الاتصالات للمواطنين، ولا سيما أن أعداداً منهم تركت المنازل، ووصل الأمر إلى حد إصدار دار الفتوى تعليمات بإلغاء صلاة الجمعة في بعض المساجد. لكن جهات أمنية دعت المواطنين إلى التواصل معها فور تلقيهم تلك الاتصالات، والإبلاغ عن الأرقام بهدف الكشف عن مصدرها وتحديد هوية المتصل أو على الأقل مكانه.

إلا أن تحديد هوية المتصل لم يكن في متناول اليد، ولا سيما أن تتبع تلك الاتصالات دونه صعوبات لأنها تعتمد بالدرجة الأولى على شبكة الإنترنت، ويمكن تغيير الرقم المتصل أو عدم إظهاره كاملاً، عدا عن أنها قد تكون من داخل لبنان أو من خارجه.

وما يزيد القلق أن بعض تلك الاتصالات كانت تجرب من باب "التسلية والفكاهة" لدى البعض بهدف المزاح، على الرغم من التبعات السلبية لتصرفات مماثلة ولا سيما خلال الحرب.

وبحسب المدير العام السابق لهيئة "أوجيرو" المهندس عبد المنعم يوسف، فإن تفسير كيفية إجراء تلك الاتصالات ينقسم إلى شقين، الأول تفسير الآليات التقنية لإجرائها، والثاني معرفة مصدرها ومن يقف خلفها.

ويشرح لـ"النهار" الآلية التقنية مشيراً إلى أن "الأرقام التي ظهرت على شاشات الهواتف اللبنانية ليست حقيقية، ولا تتبع لأي مجموعات رقمية لأي بلدٍ في العالم، كما أنها لا ترتبط بمشتركين حقيقيين. إنها أرقام وهمية يتم إنتاجها عبر بروتوكولات الخدمات الصوتية لشبكة الإنترنت العالمية أو ما يعرف بخدمات Voice over IP  أو خدماتVoIP ".

أما عن طريقة اجرائها فيوضح: "تقوم منصة معلوماتية (IP server) لدى الجهة المُتصلة بإنتاج هذه الأرقام وتزويدها لمُقسم تقني (PABX) يعمل على بروتوكولات الإنترنت (IP) ومتصل بالشبكة الهاتفية الدولية أو داخليا بالشبكة الهاتفية اللبنانية. ويقوم هذا المقسم بالاتصال بالمشتركين اللبنانيين سواء كانت اشتراكاتهم على الشبكة الهاتفية الثابتة أو على الشبكتين الخلويتين. ولا يمكن المتلقي أن يعرف من هي الجهة المتصلة لأن الأرقام التي تظهر على شاشات الهواتف هي أرقام افتراضية وهمية".

وعن مصدر هذه الاتصالات ومعرفة هوية أصحاب الأرقام، يشرح يوسف أنه "نظرا إلى عشوائية الاتصالات الأخيرة وعدام ثبات وتيرتها، من غير الممكن الجزم بأن مصدرها إسرائيل. بل قد يكون داخل الأراضي اللبنانية، ولا سيما أن البنية التحتية اللازمة غير مكلفة، وبسيطة نسبيا وتعتمد فقط على منصة إنترنت (IP server)، ومقسم إنترنت (IP PABX)، واشتراكات هاتفية داخلية من إحدى الشركات المشغلة في لبنان، ألفا أو تاش أو أوجيرو".

بيد أن السؤال البديهي يكمن في معرفة حداثة الداتا التي تملكها الجهة المتصلة وما إذا كانت جديدة أو تعود إلى فترة من الزمن. ويجزم بأن "الداتا المتوافرة لدى العدو لا يعود تاريخها إلى أكثر من أسبوع، وهي لكل المشتركين في الشبكة الثابتة، وكذلك في شبكتي ألفا وتاتش".

أمام هذا الشرح التقني، يبدو من الصعوبة بمكان معرفة هوية المتصل، ولكن كل التفسيرات الأمنية أجمعت على أن الاتصالات مفبركة، بدليل أنه لم يتم استهداف أي من المناطق التي وردت اليها.