الأقنعة البشعة لحزب الله: حين تختبئ الميليشيا خلف وجوه الإعلام والعشائر

كتب المحرر السياسي:

مع كل استحقاق وطني يدعو إلى استعادة الدولة لسيادتها، يُخرج حزب الله من جعبته قناعًا جديدًا. هذه المرة، جاءت الدعوات إلى التحرك الشعبي كردّ مباشر على جلسة حكومية مرتقبة خُصصت لمناقشة مصير سلاح الحزب وبسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية. وبدل أن يواجه النقاش بشكل علني ومباشر، اختار حزب الله أن يمارس ضغطًا مبطّنًا على الحكومة وعلى اللبنانيين عبر أدواته المعهودة: الإعلام، الشارع، والبيانات المجهولة.

من حسن عليق الذي دعا سابقًا إلى "إقفال طريق المطار" باسم "وجع الناس"، إلى قاسم قصير الذي يتحدث اليوم عن حراك شعبي غاضب باسم الجنوب، تتكرر اللعبة: إعلاميون يرفعون الصوت في الظاهر، و"شباب الضاحية" أو "عشائر البقاع" يوقّعون بيانات مجهولة المصدر، تُهدد وتلوّح بالشارع، بينما الحزب يجلس في الظل، يدّعي البراءة.

لكن هذه الأقنعة باتت مكشوفة.

فالجميع يعلم أن لا حركة تُطلق في البيئة الحاضنة لحزب الله دون مباركته، ولا بيان يخرج باسم "أهل الجنوب الصامد" دون ضوء أخضر من غرفة العمليات. فهل من قبيل الصدفة أن يُدعى إلى "زحف نحو بيروت" في التوقيت نفسه الذي تبحث فيه الحكومة مسألة سلاح الحزب؟ وهل من الطبيعي أن تتزامن هذه البيانات مع أولى المحاولات الجدية لوضع سلاح حزب الله على طاولة الدولة؟

لا، ليس من قبيل الصدفة.
إنها استراتيجية منظمة هدفها التخويف، وكبح أي مسار سيادي، والتذكير بأن السلاح لا يزال حاضرًا في خلفية أي حوار، وأن من يقترب من قدسية "المقاومة" سيُجابَه بوجوه غاضبة في الشارع، سواء ارتدت عمامة، أو حملت كاميرا، أو اختبأت خلف بيان.

هذه الازدواجية لم تعد قابلة للتسويق. فأن تكون حزبًا سياسيًا في البرلمان، ومليشيا عسكرية في الجنوب، وخبيرًا إعلاميًا على الشاشات، وناطقًا غير رسمي باسم "الغضب الشعبي"، فأنت ببساطة لست جزءًا من الدولة، بل خصمًا لمشروعها.

وحين يُقال إن "الجنوب قادم"، فإن المطلوب اليوم أن يأتي أيضًا صوت الدولة، لا أن تتراجع خوفًا من بيان بلا توقيع أو شارع مسيّر عن بعد.

فللدولة وجه واحد، أما لحزب الله... فأقنعة كثيرة، وكلها بشعة.