المصدر: النهار
الكاتب: ابراهيم حيدر
الأربعاء 3 تموز 2024 07:34:09
من أبرز توصيات الدراسة التي أجراها البنك الدولي عن مدى الاستفادة من المعلمين في لبنان، ضرورة زيادة إنتاجيتهم من خلال تطبيق النصاب وتحديد ساعات عمل الذين في الملاك وزيادة متوسط عدد ساعات المتعاقدين، إضافة إلى التخطيط والتوزيع للاستفادة من المعلمين في الرسمي بساعاتهم التعليمية الكاملة قبل تعيين جدد وفقاً للحاجات الأكاديمية.
تنطلق توصيات البنك الدولي من خلال الدراسة التي عرضت مع ملخصها التنفيذي حول طاولة مستديرة في وزارة التربية، من النتائج التي أظهرت أن نسب التلامذة إلى المعلمين في لبنان منخفضة، وهو أمر يُعتبر إحدى مشكلات التعليم الرسمي المرتبطة بالإنتاجية.
يعاني التعليم الرسمي منذ أكثر من ثلاثة عقود تضخما في أعداد المعلمين، ناجما عن سياسات التعاقد العشوائية التي كانت سائدة وفق توظيفات سياسية وتنفيعات، إذ إن هذا التضخم في الأعداد، خصوصاً بين المتعاقدين، كان يؤثر مباشرة على الميزانية، من دون تخطيط. ففي الأوضاع الطبيعية المرتكزة على سياسات إصلاحية يمكن استثمار انخفاض نسبة التلامذة إلى المعلمين إيجابياً في نواتج التعليم، لكنها في الظروف التي يعانيها التعليم الرسمي وسوء التخطيط والتدخلات السياسية كانت تؤدي إلى نتائج عكسية.
قبل دراسة البنك الدولي، أظهرت كل التقارير السنوية الصادرة عن المركز التربوي للبحوث والإنماء انخفاض نسبة التلامذة إلى المعلمين في الرسمي، وكان معدلها التقريبي 8 تلامذة لكل معلم، على الرغم من التباينات بين مدارس المحافظات، إذ كانت ترتفع في بعضها إلى 12 تلميذاً وتنخفض في أخرى إلى ما بين 6 و8 تلامذة.
لا يقتصر الأمر على هذه المشكلة، إنما يتبين وفق تقارير التربية أن هناك مدارس في بعض المناطق فرغت من تلامذتها وبعضها يضم أقل من 50 تلميذاً مقابل 25 معلماً، وهو ما دفع بوزارة التربية العام الماضي إلى إطلاق خريطة طريق إصلاحية للتعليم حتى 2025، شكلت أساساً للتعاون مع البنك الدولي وجهات مانحة أخرى، لتعزيز الكفاءة في التعليم وتوفير الكلفة، بالإضافة إلى إصلاحات تتعلق بدمج المدارس والحوكمة، ومن ضمنها ما يتطلب إغلاق مدارس وإعادة توزيع المعلمين وفق الحاجات وإكمال النصاب. لكن هذه الخريطة أو الخطة تصطدم حتى الآن بتعقيدات سياسية، فضلاً عن الاضطرابات الأمنية التي يشهدها لبنان نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية على قرى الجنوب.
النقطة الأساسية في دراسة البنك الدولي أن نسبة التلامذة إلى المعلمين في لبنان هي أقل من متوسط النسب العالمية التي تحددها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، خصوصاً في المرحلة الثانوية. ويبلغ معدل التلامذة إلى المعلمين في بعض المدارس 13 إلى 1 في الأساسي، علماً أن بعض المدارس وفق المركز التربوي لا تبلغ النسبة فيها 8 إلى 1، فيما تبلغ 6 إلى 1 في الثانوي، وهي عالمياً 13 إلى واحد.
تواجه وزارة التربية هذه المشكلة، لكن معالجتها تتطلب خطة طويلة الأمد، مرتبطة بالإصلاحات ووقف التدخلات السياسية، وإعادة الهيكلة. ووفق التقارير هناك مدارس تعمل مع وجود 100 تلميذ وأخرى مع 200، وهذا أمر يؤدي إلى خلل مع عدم كفاءة.
لكن البنك الدولي يرى أنه يمكن وزارة التربية من خلال تطبيق السياسات الإصلاحية معالجة المشكلة وتوفير نحو 18.7 مليون دولار سنوياً، أي ما يعادل 6% من مجمل موازنة التربية لعام 2023 بما في ذلك سلفة الخزانة البالغة 150 مليون دولار. ومن خلال تنفيذ إصلاحات أكثر طموحاً، يمكن توفير ما يصل إلى 29 مليون دولار سنوياً. والأمر المهم هو أن تتمكن التربية من السير بالإصلاحات بتوفير تغطية سياسية لها، لإنقاذ التعليم الرسمي.